اطردوا السفير الإيراني من لبنان

171613746

كتب نخلة عضيمي في نداء الوطن :

يبدو أنّ الجامعة الإسلامية الحرّة فرع طهران، حيث حصل وزير خارجية إيران عباس عراقجي على الشهادة الجامعية في العلاقات الدولية لم تعلّمه أصول العلاقات الدولية. وما صرّح به من تدخّل سافر في شؤون دولة ذات سيادة، عندما اعتبر أنّ قرار تسليم "حزب اللّه" سلاحه لن يمرّ، يوجب من جامعة "كنت" في المملكة المتحدة حيث حصل على شهادة الدكتوراه في الفكر السياسي الإسلامي سحب شهادته فورًا لأنه كما يتبيّن لم يتعلّم لا الفكر ولا السياسة.

فهذا الرجل يقوم عن سابق تصوّر وتصميم بتحريض اللبنانيين على بعضهم البعض، وتشجيعهم على التقاتل والتناحر. وهذا الشخص الذي تناسى أصول الدبلوماسية يقوم بتأليب الشارع لزعزعة الاستقرار وتغذية الصدام الداخلي بين الطوائف.

وما تصاريح عراقجي الفجّة سوى إصرار على دسّ السمّ داخل النسيج اللبناني لتحويل البلاد ساحة جديدة من ساحات الخراب التي تحدثها إيران أينما حلّت. وهي تعكس حجم التدخل الإيراني والإصرار على تحويل لبنان غزة ثانية في خدمة أجنداتها الإقليمية.

تصريحات عراقجي لا يمكن اعتبارها مجرّد رأي سياسي خارجيّ، بل تمثل ثلاثية شيطانية.

1. انتهاك للسيادة:

هي انتهاك سافر لسيادة لبنان، وتظهر أنّ "حزب اللّه" ليس فقط حزبًا مسلّحًا داخل الدولة، بل ذراعًا إقليميّة تتحكّم بها قرارات من طهران. وهذا يؤكّد أن سلاح "الحزب" ليس لبنانيًا مستقلًا، بل خاضعًا لإرادة نظام الملالي في طهران.

2. استفزاز للشعب اللبناني:

الشعب اللبناني، بكامل مكوّناته، يعاني منذ سنوات من أزمة اقتصادية خانقة وتهديدات أمنية متكرّرة بسبب مغامرات عسكرية لا يوافق عليها، واليوم تأتي تصريحات عراقجي لتقول علنًا: مصيركم ليس بيدكم، بل بيدنا وبيد حزبنا في لبنان. هذا استفزاز لكرامة اللبنانيين وحقهم في تقرير مصيرهم.

3. تكرار لنموذج الوصاية:

كلام عراقجي يعيد إلى الأذهان حقبة الوصاية السورية، حيث كان القرار اللبناني يُتخذ من خارج الحدود. اليوم تحاول إيران فرض المعادلة نفسها، لكن بلباس "المقاومة".

أمّا كلام عراقجي عن "إعادة تنظيم حزب اللّه" و "إعادة نشر قواته"، فهو إعلان ضمنيّ عن وجود ميليشيا خارجة عن سلطة الدولة، تمارس تنظيمها وتسليحها واستعدادها للحرب بمعزل عن الدولة اللبنانية. فهل هذه السيادة التي يريدها عراقجي للبنان؟

أما إشارة عرقجي إلى الشيخ نعيم قاسم والرئيس نبيه بري بوصفهما داعمين لـ "الحزب"، فهي محاولة لإظهار وحدة الصفّ الشيعي خلف "الحزب"، وهي قراءة غير دقيقة، لا تعبّر عن المزاج الشعبي ولا عن الموقف الوطني العام الذي ينحو باتجاه استعادة الدولة قرارها السيادي. وهو يحتاج إلى علاج أوتاره السمعية لأنه كما هو ظاهر لم يسمع الرئيس بري عندما قال بالفم الملآن في مجلس النواب إنه مع حصر السلاح.

وحسب معلومات "نداء الوطن"، فإنّ السفير الإيراني السابق مجتبى أماني لعب دورًا تخريبيًا في مرحلة التفاوض حول ورقة توم برّاك، وكان من أبرز معرقلي أي مقاربة جديّة لضبط السلاح وتطبيق القرار 1701، وهو ما تواصله طهران اليوم عبر تصريحات عراقجي الذي يسعى لنسف التوافق الداخلي وتثبيت لبنان كخط دفاع أول عن المصالح الإيرانية، وتوريطه في تلقي الضربات الإسرائيلية. نعم، عراقجي يريد الرقص فوق دماء الطائفة الشيعية.

بناء على كلّ ذلك، حسنًا فعل وزير الخارجية يوسف رجي عندما ردّ سريعًا على عراقجي معتبرًا تصريحاته مرفوضة ومدانة، وتشكّل مساسًَا بسيادة لبنان ووحدته واستقراره ومن غير المقبول أن توظف العلاقات لتشجيع أو دعم أطراف داخلية خارج إطار الدولة ومؤسساتها وعلى حسابها.

وإذا كان عراقجي يتلطّى بما يعتبره تدخلًا أميركيًا في الشؤون اللبنانية، نحيله إلى الرئيس نبيه بري الذي يجتمع وينسّق مع الجانب الأميركي ومع الموفد توم برّاك، وهو مدحه وأثنى عليه أكثر من مرّة. فهل بري أصبح بالنسبة لعراقجي عميلًا أميركيًا؟

على كل حال، اللافت أنّ الأوركسترا الإيرانية مستمرّة على خط التحريض وبوتيرة تنذر بأنها ستتواصل في المرحلة المقبلة، إذ أطلّ من بين أطلال الدمار الذي سبّبته الضربات الإسرائيلية في طهران مسؤول التنسيق في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قائلًا إن "المحور الصهيوني- الأميركي لن ينجح بنزع سلاح المقاومة".

وانطلاقًا من ذلك، وإذا استمرّت التصريحات الإيرانية الوقحة، فلن يعود هناك مفرّ من استدعاء السفير الإيراني وتبليغه رسميًا بأنه شخص غير مرغوب فيه وصولًا حتى إلى طرده بشكل سريع وفوري.

كما أنه إذا استمرّ التمادي الإيراني، يصبح من الضرورة إصدار بيان رئاسي– حكومي يرفض التحريض الخطير وصولًا إلى منع دخول عراقجي وأمثاله لبنان. أضف إلى التحرّك باتجاه الجامعة العربية الأمم المتحدة لإدانة هذا التدخل الإيراني.

لقد حان الوقت لتقول الدولة اللبنانية كلمتها، ولتضع حدًّا لاستتباع طال أمده، ولتُثبت للعالم أنّ لبنان لن يكون بعد اليوم ورقة بيد أي محور، وأن حصر السلاح هو أول الطريق نحو الاستقلال الفعلي، "الاستقلال الثالث".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: