الابتعاد الأميركي.. مكسب للمحور الإيراني أو فتح أبواب جهنم؟

WhatsApp-Image-2025-10-03-at-13.59.02_077d97ad-rcns5a7r24e7w26aizuukcs3n2jmnqbqly3awjbzmo

كتب ألان سركيس في صحيفة نداء الوطن:

تسيطر أجواء الحذر على السياسة اللبنانية. ولا يوجد أي معطى يدلّ على سلوك الملف اللبناني طريق الحلّ. وتتصاعد الضغوط الأميركية والغربية والعربية على بيروت في محاولة لحث المسؤولين على فعل شيء مهمّ.

تقترب سنة 2025 من نهايتها. وهذا العام كان مفصليًا إذ انتخب رئيس جمهورية جديد وتألفت حكومة. وتبدو نهاية العام مهمة مثل بدايته، الجميع يتحدّث عن مهلة زمنية تنتهي عند تساقط آخر ورقة من روزنامة عام 2025، فإمّا تتحرّك الدولة اللبنانية أو تترك واشنطن الملف اللبناني لقدره.

بعد انتصار ثورة الأرز وانسحاب جيش الاحتلال السوري من لبنان في 26 نيسان 2005، ظن الشعب اللبناني أن الواقع السياسي انقلب رأسًا على عقب وانتهى زمن الاحتلال، وأتى عصر بناء الدولة، لكن هذه الأحلام تبدّدت. أول من تحدّث عن الخطر القادم هو رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" آنذاك النائب وليد جنبلاط. يومها أشار جنبلاط إلى توسّع محور "الممانعة" وظهور "الهلال الشيعي"، وهذا المحور يمتدّ من إيران إلى العراق مرورًا بسوريا وصولًا إلى لبنان.

بدا كلام جنبلاط للوهلة الأولى في غير محلّه، خصوصًا أن نظام الرئيس بشار الأسد كان يعاني من عزلة دولية وسيف المحكمة الدولية واغتيال الرئيس رفيق الحريري مصلت على رقبته. ومع مرور الأيام وحديث العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عن الخطر الإيراني والهلال الذي نشأ، من ثمّ تخوّف دول عربية من هذا التمدّد، تأكّد حديث جنبلاط.

وقعت حرب تموز عام 2006، استغلّ "حزب اللّه" الوضع وانقض على الداخل اللبناني، وقلب كلّ المعادلات التي رسمتها ثورة الأرز، وتتابعت الأحداث، ووقعت غزوة 7 أيار 2008 ولم تحرّك الولايات المتحدة الأميركية بوارجها وتركت لبنان يسقط بيد محور "الممانعة". وفي 15 آذار 2011 انطلقت شرارة الثورة السورية من درعا، وسمحت إدارة الرئيس الأميركي آنذاك براك أوباما بدخول "حزب اللّه" والإيرانيين لمساندة نظام الأسد، وربح "الحزب" جولة جديدة من المعركة وتحوّل إلى قوّة إقليمية لها قواعدها في سوريا والعراق واليمن.

تعود المخاوف نفسها من تكرار الأحداث مثلما حصل بعد ثورة الأرز، ويراهن "حزب اللّه" على عامل الوقت لاستعادة قوّته ومكانته وتلكؤ الدولة اللبنانية، ومع كثرة الحديث عن ترك واشنطن الملف اللبناني وعدم الاهتمام به، هناك تحاليل داخل أروقة "الممانعة" ومخاوف لدى السياديين من استعادة "حزب اللّه" وإيران مكانتهما وقلب التوازنات نتيجة الغياب الأميركي عن الساحة.

وإذا كانت هذه النظرية سائدة، إلّا أن مصادر دبلوماسية مطلعة تؤكّد أن هذا الأمر غير واقعي. واشنطن لن تترك الساحة اللبنانية أو تسمح لطهران ببناء قاعدة جديدة على شواطئ المتوسط تهدّد إسرائيل، وكذلك غيابها يعني ترك تل أبيب تتصرف كما تشاء ما يشير إلى عودة الكابوس لما تبقى من محور "ممانعة".

وتشدّد المصادر على أن تخلّي واشنطن عن الملف اللبناني، لا يعنى ترك الساحة اللبنانية خالية، بل يقضي بتولّي إسرائيل الأمر، وعندها ستفتح نار جهنم على الممانعين.

وتعتبر المصادر أن واشنطن تعمل على تسوية وحلّ الأزمة اللبنانية بالحوار والتفاهم وتجنب الحرب والدمار، وعندما تيأس من المسؤولين اللبنانيين ستدير ظهرها لكنها ستسلّم راية استكمال المسار لتل أبيب، وهذا يعني حسم الأمور بالقوّة لا العودة إلى زمن 2005 و 2006.

وتلفت المصادر إلى أن الرئيس دونالد ترامب يريد تغيير الواقع في الشرق الأوسط كلّه، من غزة إلى لبنان مرورًا بسوريا واليمن والعراق وصولًا إلى إيران، وهذا ما يؤكده الموفدون الأميركيون سواء توم برّاك أو مورغان أورتاغوس، وبالتالي دخلنا في عصر جديد لا مجال للتراجع، وهناك كلام صريح عن ضرب كل المنظمات الإرهابية ومنها "حزب اللّه".

تنتظر لبنان أيامٌ صعبة ومصيريّة، وكل المعلومات تؤكّد وجود شيء ما يتحضر، فامّا استغلال الفرصة أو أن الأوان سيفوت وسيواجه لبنان المجهول.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: