الاطاحة بكتلة التيار.. مَن المستفيد؟

tayyar_elections

"إنّها لوائح العهد!" عادة لبنانيّة إستحكمت على توجّهات قسم واسع من الرأي العام اللبناني مع إنطلاق كلّ عهد رئاسي؛ فباتَ إنتخاب مرشّحي الرئيس هو الخيار الحتمي لمن يُناصر الدولة، إضافةً إلى أنّها عامل جذب للمتموّلين والطامحين كونها الوحيدة القادرة على ترجمة النّفوذ السلطوي إلى خدمات وتنفيعات. هذه البدعة اللبنانيّة هي بحكم المنتهية في انتخابات ٢٠٢٢ لأسباب عدّة، أبرزها أنّها تأتي في نهاية العهد كما أنّ عقدها انفرط على وقع الاحتجاجات الشعبيّة وسوء الإدارة والدّمار الاقتصادي.

لا شكّ أنّ الوعي والمحاسبة باتا أكثر حضوراً لدى الرأي العام اللبناني، وسيكونان عاملين رئيسيين في الخيارات الشعبيّة.

التململ المسيحي من إسقاط "التيّار" للدولة التي وعد بها النّاس على مدى عقود، قد تحوّل إلى نفور، وستكون له انعكاساته في حساب الأحجام النيابيّة وعاملاً رئيسياً كون هامش التّغيير في التمثيل المذهبي لدى الطوائف المسلمة قد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة مئوياً؛ لذا فإنّ وجهة الأصوات التي أيّدت لوائح العهد عام ٢٠١٨ ستكون هي البوصلة التي تُحدّد صاحب أكبر كتلة نيابيّة وأقلّه مسيحياً.

في قراءة هويّة اللاعبين السياسيين في السّاحة المسيحيّة، يبرز حزب "القوّات" من ضمن القوى التقليديّة ومن بعده "الكتائب" و"المرده"، مقابل مجموعات متنوّعة الأهداف والرؤى في مجتمع الثورة والحراك.

الخيارات المسيحيّة دائماً ما تعتمد على وجهة الدولة، فحيثُ ما تحطّ مراكب المؤسّسات تسترح أشرعة المسيحيين، وما الالتفاف الذي حصده الرئيس ميشال عون منذ أربعة عقود، سوى لأنّه نادى بالدولة والجيش وواجه السّلاح الخارج عن إطار الشّرعيّة، وقد استتبعه بحمل الحلم المسيحي المُنادي بإرساء نظام خالٍ من الفساد والمحسوبيات؛ واليوم مع انكشاف عدميّة القدرة أو الارادة لدى عون وورثته في تحقيق هذه الرؤى، سيكون لمن يُجسّدها الثقة المطلقة شعبياً.

حتّى كتابة هذه الاسطر، لم تنجح القوى الثائرة على بلورة رؤية ومشروع واضح المعالم لناحية النظرة للدولة والمؤسسات والمجتمع والحياة فيه، ما يزرع الكثير من الشكوك حول قدراتها التنفيذية وخلفيّاتها المباشرة وغير المباشرة وهذا ما بدأ يُترجم في الاحصاءات الحديثة التي أظهرت تراجع مُتراكم للحراك المدني لدى اللبنانيين وخصوصاً لدى المسيحيين؛ في المقابل، يعيش حزب "الكتائب" صعوبة في بلورة صورته الجديدة التي تتلكّأ بين حمل لواء المشروع السيادي ومغازلة الخط اليساري الذي يضع السيادة في أدنى إهتماماته، ما شكّل صعوبة لدى الكتائبيين في اجتذاب أصوات الرأي العام المسيحي المرجّح؛ إلى ذلك فإنّ تيّار "المرده" هو الحلقة الأضعف بعد "التيار" كونه يواظب على ممارسة السياسة الزبائنيّة واستغلال التنفيعات الوظيفيّة والمقدّرات السلطويّة مقابل تسليم الرّاية الدولاتيّة لحليفه المسلّح.

وحده حزب القوّات اللبنانيّة، قادر على تجسيد خيار وطنيّ سياديّ ومؤسّساتيّ بإمتياز بعيداً عن الفئويّة الطائفيّة والحسابات الضيّقة، من النّموذج الذي أرساه في السّلطة التنفيذية وصولاً إلى قدرته على مجابهة السّلاح اللاشرعي دون الانغماس بوحول ضرب السّلم الأهلي عبر الالتفاف حول مؤسّسات الدولة وعلى رأسها المؤسّسة العسكريّة.

أمام محافظة الثنائي الشيعي على تمثيلهما، واحتماليّة تراجع "المستقبل" وحتميّة انحدار تمثيل "التيّار" وفشل الحراك المدني في بلورة جبهة موحّدة، ستكون الطريق معبّدة شعبياً وسياسياً أمام "القوّات" لحصد أكبر كتلة نيابيّة بعد نيلها التّمثيل المسيحي الاعلى واحتماليّة ترجمة تمدّدها لدى الطوائف الأخرى بتأييد إقتراعي مفاجىء.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: