يُعد البحث العلمي أحد أهم الركائز الأساسية للتقدم العلمي والتكنولوجي، وهو الأساس الذي يعتمد عليه العلماء في تطوير المعرفة وحل المشكلات. وتختلف معايير البحث العلمي في الجامعات اللبنانية عن تلك في الجامعات الأجنبية، مما يؤثر على جودة الأبحاث التي تُقدمها الجامعات اللبنانية.
في تلك الأخيرة، يتم مناقشة الطالب عند دفاعه عن أطروحته حول عدد الصفحات، المسافات بين المقطع والآخر، وأسلوب الكتابة، ونادراً حول المضمون. ويركز أعضاء لجنة المناقشة على الشكليات أكثر من المحتوى، مما يؤدي إلى انحسار البحث العلمي في الجامعات اللبنانية.
أما في الجامعات الأجنبية، فيتم مناقشة الطالب عند دفاعه عن أطروحته حول المضمون بشكل أساسي، مع التركيز على الأفكار الجديدة والمساهمة العلمية التي يقدمها البحث. ويركز أعضاء لجنة المناقشة على مناقشة البحث وتقييمه من حيث الأهمية العلمية، وصحة النتائج، وسلامة المنهجية، ووضوح العرض.
ويعود هذا الاختلاف في المعايير إلى عدة أسباب، منها:
الاختلاف في التركيز على البحث العلمي: تركز الجامعات اللبنانية على الجانب الأكاديمي أكثر من البحث العلمي، مما يؤدي إلى اهتمام أعضاء هيئة التدريس بالشكليات أكثر من المضمون. أما الجامعات الأجنبية، فتركز على البحث العلمي أكثر من الجانب الأكاديمي، مما يؤدي إلى اهتمام أعضاء هيئة التدريس بالمحتوى أكثر من الشكليات.
الاختلاف في المعايير المهنية: تعتمد الجامعات اللبنانية على معايير مهنية قديمة، لا تتوافق مع التطورات العلمية الحديثة. أما الجامعات الأجنبية، فتعتمد على معايير مهنية حديثة، تتوافق مع التطورات العلمية الحديثة.
الاختلاف في المعايير الثقافية: تختلف الثقافة اللبنانية عن الثقافة الغربية في العديد من المجالات، بما في ذلك البحث العلمي. ففي الثقافة اللبنانية، يُنظر إلى البحث العلمي على أنه أمر شكلي، لا يتطلب الابتكار أو الإبداع. أما في الثقافة الغربية، فيُنظر إلى البحث العلمي على أنه أمر أساسي للتقدم العلمي والتكنولوجي، مما يتطلب الابتكار والإبداع.
إن الاختلاف في معايير البحث العلمي بين الجامعات اللبنانية وتلك الأجنبية يؤثر سلباً على جودة الأبحاث التي تُقدمها الجامعات اللبنانية. ويتطلب حلّ هذه المشكلة إجراء إصلاحات جذرية في الجامعات اللبنانية، تتمثل في التركيز على البحث العلمي، وتحديث المعايير المهنية، وتعزيز الثقافة العلمية.
وفيما يلي بعض المقترحات لإصلاح البحث العلمي في الجامعات اللبنانية:
١- تشجيع أعضاء هيئة التدريس على إجراء الأبحاث العلمية: يمكن تحقيق ذلك من خلال توفير الدعم المادي والمعنوي لهم، ومنحهم المكافآت والحوافز على إجراء الأبحاث العلمية.
٢- تطوير البرامج التعليمية في مجال البحث العلمي: يمكن تحقيق ذلك من خلال إدخال مقررات جديدة في مجال البحث العلمي، وتدريب الطلاب على كيفية إجراء الأبحاث العلمية بطريقة علمية سليمة.
٣- نشر الأبحاث العلمية اللبنانية: يمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء مجلات علمية لبنانية تنشر الأبحاث العلمية اللبنانية، ودعم مشاركة الباحثين اللبنانيين في المؤتمرات العلمية الدولية.
إن إصلاح البحث العلمي في الجامعات اللبنانية يتطلب جهوداً مشتركة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك وزارة التعليم العالي، والجامعات اللبنانية، وأعضاء هيئة التدريس، والطلاب.