البطريرك العبسي: لبنان لا يمكن أن يُدار إلّا عبر نبذ ثقافة العنف والتعصّب

absi

ترأس بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي الليتورجيا الالهية لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة في كنيسة القديسة حنة في المقر البطريركي في الربوة عاونه امين سر مجلس المطارنة المطران جاورجيوس ادوار ضاهر وراعي ابرشية بيروت وجبل لبنان المطران جورج بقعوني ولفيف من الكهنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات.

حضر القداس وزير الدفاع ميشال منسى ممثلا رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النواب والحكومة، الرئيس ميشال سليمان، الوزير السابق الان حكيم ممثلاً للرئيس امين الجميل ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، وزير الاعلام بول مرقص، العميد ميلاد نصر الله ممثلاً لوزير الداخلية احمد الحجار، النائبان نقولا صحناوي وسامر التوم، المدير العام لأمن الدولة اللواء الركن ادغار لاوندس، العقيد جورج ابو شعيا ممثلا المدير العام للامن العام، المدير العام للدفاع المدني العميد الركن عماد خريش، القنصل غابي ابو رجيلي وعدد من الوزراء والنواب السابقين ورؤساء بلديات وشخصيات امنية وسياسية وقضائية واقتصادية واجتماعية وحشد من المؤمنين .

بعد الانجيل ألقى العبسي عظة جاء فيها: "ما أطيب وما أجمل أن يجتمع الإخوة معًا". قول الكتاب المقدّس هذا هو لسان حالنا في هذا الصباح المبارك حيث نلتقي كلّنا معًا في هذه الليترجيّا الإلهيّة مصدر فرحنا وسلامنا. نلتقي لنصلّي بعضنا من أجل بعض، لنعايد بعضنا بعضًا ونعبّر عن محبّتنا بعضنا لبعض وعن تضامننا بعضنا مع بعض وعن رغبتنا في أن نسير دومًا معًا نحو مستقبل أجمل وأفضل، كنيسةً ووطنًا".

وتابع: "أجل نحن نؤمن بأنّ هناك حقيقة، حقيقة ماورائيّة، حقيقة سياسيّة، حقيقة أخلاقيّة، حقيقة فكريّة، حقيقة اجتماعيّة، حقيقة وطنيّة، لكن يبدو أنّ البعض ينكرون وجود مثلِ هذه الحقيقة مروّجين لحقيقة من صنعهم يصنعونها تبعًا لمصالحهم ورغباتهم ونزواتهم ويفرضونها بما لهم من مال وسلطة وقوّة طالبين من الناس أن يؤمنوا بها، في حين أنّ الحقيقة لا تُفرَض من الخارج بل تتجلّى.

وقال العبسي: "ليست الحقيقة فكرة مجرّدة بل هي لقاء مع الناس. هذا ما يسمّيه البعض الديموقراطيّة. ليست الديموقراطيّة في الانتخابات والاستفتاءات فقط بل أيضًا وخصوصًا في الإصغاء إلى معاناة الشعب والناس ولا سيّما الفقراء والمهمّشين والمحرومين".

أضاف: "قلنا إنّ للحقيقة أكثرَ من وجه ومن وجوهها الحقيقة الوطنيّة، حقيقة الوطن التي يلازمها ويؤلّف جزءًا منها بناءُ الوطن. نحن مدعوّون إلى اتّباع هذه الحقيقة: أن نبي وطنًا بالتخلّي عن الأنانية المدمّرة، برفض منظومة الفساد، بنبذ العصبيّات والطائفيّة المقيتة، بالعمل الدؤوب لمصلحة الوطن الجامعة بالالتفاف حول الدولة الواحدة، وكذلك بالاجتهاد في الصدق والشفافيّة، حتّى نكون مواطنين صالحين يتحمّلون المسؤوليّة، يطالبون بالحقّ، ولا يكتفون بالشكوى والعويل، متذكّرين في الوقت عينه أنّ القوّة الحقيقيّة لا تولد من العنف والتسلّط، بل من الرحمة الإلهيّة التي فتحت لنا باب المصالحة الأبديّة بولادة المخلّص، وواضعين أمام أعيننا قول قداسة البابا لاون الرابع عشر في أثناء زيارته إلى لبنان: "لبنان قادر على النهوض". فالنهوض الحقيقيّ ليس مجرّد شعار يُردّد، بل هو فعل إيمان راسخ بقدرة هذا الوطن على أن ينتفض ويقوم من جديد. ولنا اليوم في رئيس البلاد فخامة الرئيس جوزيف عون ومن معه في الحكم خير من يسعَون جهدهم ويجنّدون الطاقات لمثل هذا النهوض فلهم الشكر الجزيل".

وشدد العبسي على أن "من حقيقة لبنان الحوارُ المنتج والتشارك الفاعل في القرارات المصيريّة. لبنان، بتعدّديّته الفريدة وغناه الثقافيّ، لا يمكن أن يُدار إلّا عبر نبذ ثقافة العنف والتعصّب، واحترام كرامة المواطن وحقوقه، والتحلّي بفضيلة الحكمة في معالجة القضايا الخلافيّة، والعودة دومًا إلى المرجعيّة الدستوريّة التي ارتضيناها جميعًا. الدستور هو العقد الاجتماعيّ الذي يصون الجميع ويطمئن الجميع ويؤكّد أنّ لبنان بلد ديمقراطيّ قائم على سيادة القانون الذي يجب احترام استحقاقاته ومضامينه كلّها بدقّة وأمانة من دون انتقائيّة أو مزاجيّة فنبقى هكذا محافظين على المسار السياسيّ الصحيح ولا يفلت زمام الأمور من أيدينا".

وقال: "في إطار إظهار الحقيقة الوطنيّة نُثمّن عاليًا جهود الجيش اللبنانيّ وتضحياته المتواصلة من أجل حفظ الأمن وإرساء السلام، خاصّة في الجنوب والبقاع اللذين ما زالا يعانيان الويلات من الاعتداءات. الحاجة إلى السلام العادل والشامل كانت وما زالت أولويّة قصوى تستلزم اليقظة وتدعيم البيت الداخليّ في ظلّ المتغيّرات السريعة في المنطقة التي لا تخدم مصالحنا إن نحن تأخّرنا عن مواكبتها. هذا يتطلّب التمسّك بمبادئ واضحة قوامها السلام وإحقاق العدل".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: