استجوب المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، اليوم الجمعة، اثنين من المدّعى عليهم في القضية بعد توقّف قسري عن عمله لأكثر من عامين.
واستأنف بيطار في 16 كانون الثاني إجراءاته القضائية بالادّعاء على عشرة موظفين، بينهم سبعة مسؤولين عسكريين وأمنيين، وحدّد مواعيد لاستجوابهم بشأن الانفجار الهائل الذي وقع في الرابع من آب 2020 وأسفر عن مقتل أكثر من 220 شخصاً وإصابة أكثر من 6500 بجروح.
ومنذ البداية، عزت السلطات اللبنانية الانفجار إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل العنبر رقم 12 في المرفأ من دون إجراءات وقاية، واندلاع حريق لم تُعرف أسبابه.
وتبيّن لاحقاً أنّ مسؤولين على مستويات عدّة كانوا على دراية بمخاطر تخزين هذه المادة الخطرة ولم يحرّكوا ساكناً.
واستجوب البيطار الجمعة، اثنين من المدّعى عليهم، هما ربيع سرور، مسؤول أمن العنبر رقم 12، وسليم شبلي، صاحب الشركة التي تولّت أعمال تلحيم بوابة العنبر المذكور، بحضور وكلاء الدفاع عنهما.
وكانت مصادر أمنية أفادت إثر الكارثة بأن “احتمال أن يكون الحريق الذي سبق الانفجار قد نجم عن أعمال تلحيم لفجوة في العنبر رقم “12، لكنّ خبراء شكّكوا لاحقاً في صحة هذه الرواية، معتبرين أنّ “هدفها حرف النظر عن المسؤولين”.
ولم يتّخذ البيطار أيّ قرار بحقّ المدّعى عليهما إلى حين انتهاء كافة التحقيقات.
كما أرجأ البيطار استجواب ثلاثة آخرين من المدّعى عليهم بعدما تغيّب اثنان بعذر والثالث من دون عذر.
وتغيّب أحد هؤلاء الثلاثة لدواع صحية والآخر بداعي السفر، بينما لم يمثل صاحب شركة “سفارو” التي اشترت نيترات الأمونيوم وشحنتها إلى مرفأ بيروت، فقرر البيطار تأجيل اتخاذ القرار بحقّه إلى وقت لاحق.
وكان البيطار عقد آخر جلسة استجواب في 24 كانون الأول 2021، وقد اصطدم عمله لاحقاً بدعاوى ردّ ومخاصمة رفعها ضدّه مسؤولين مدّعى عليهم، بلغ عددها 42 دعوى، لم تبتّ المحاكم بها حتى الآن.
ومن المقرر أن يعقد البيطار جلسة ثانية الثلثاء المقبل، مخصصة لاستجواب أربعة مدعى عليهم من موظفين وضبّاط حاليين وسابقين في جهاز الجمارك.
ومنذ أكثر من عامين غرق التحقيق القضائي بشأن الانفجار في متاهات السياسة إذ قاد “حزب الله” حينها حملة للمطالبة بتنحّي البيطار، ثم في فوضى قضائية بعدما حاصرت المحقّق العدلي عشرات الدعاوى لكفّ يده.
وجاء استئناف البيطار لعمله الشهر الماضي بعيد انتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية ثم تكليف نواف سلام لتشكيل حكومة، على وقع تغيّر موازين القوى السياسية في لبنان، بعدما تراجع نفوذ “حزب الله” في الداخل إثر مواجهته الأخيرة مع إسرائيل.
وتعهّد عون وسلام في أولى خطاباتهما بالعمل على تكريس “استقلالية القضاء” ومنع التدخّل في عمله، في بلد تسوده ثقافة الإفلات من العقاب.