التوتر الخليجي المفاجىء

886294264

بدأ خلط الأوراق يأخذ مداه الأقصى في المنطقة، ومن المؤشرات الكبيرة التوتر المفاجىء بين الرياض وطهران على خلفية النزاع حول أحقية حقل الدرة النفطي الواقع في المنطقة الإقتصادية المشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت والتي تعتبر إيران أن لها فيه حصة من منطقتها الإقتصادية، داعية الدولتين الخليجيتين للتشارك معها فيه .والمعلوم أن ثمة مفاوضات كانت جارية بين الدول الثلاث توقفت منذ عشر سنوات نتيجة التوترات السياسية التي عرفتها علاقات دول الخليج ولا سيما المملكة مع إيران، التي بضغطها في موضوع الحقل المذكور إنما تريد تعزيز طاقتها واقتصادها لملاقاة أي اتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية بمزيد من الموارد التي تجعلها "مرغوبةً" أميركياً ودولياً .وزير الطاقة السعودي رفض الموقف الإيراني والوضع في حالة غليان، فيما تتوافق عودة التوتر مع جملة من التطورات أبرزها :

- تسلّم الأمير محمد بن زايد مقاليد الحكم في دولة الإمارات فعلياً بعد رحيل الشيخ خليفة .

- قدوم وفد أميركي رفيع المستوى الى أبو ظبي للتعزية ضم نائبة الرئيس كمالا هاريس ووزيري الخارجية والدفاع بلينكن واوستن، وكانت لافتة جداً بمعانيها تلك المبادرة الأميركية التي تبدو كرسالة موجّهة الى الخليج باستعداد واشنطن للعودة الى العلاقات الطبيعية مع دول الخليج بعد مرحلة من الجفاء وسوء التفاهم .

- زيارة وزير الدفاع السعودي الشيخ خالد بن سلمان، الشقيق الأصغر للأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي على رأس وفد رفيع المستوى للقاء جاك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي بما شكل نقلة نوعية ومفاجئة في العلاقات الأميركية- السعودية بعد انقطاع التواصل بين الجانبين لأكثر من سنة، ورفض ولي العهد السعودي الرد على مكالمات الرئيس الأميركي جو بايدن .

يضاف الى كل ذلك الموقف الأميركي الرسمي الصادر عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الذي أعلن عن دعم التظاهرات والإحتجاجات الشعبية على الوضع الإقتصادي والمعيشي في إيران في الأسبوعين الأخيرين، وقد امتازت لغة المتحدث بأسلوب جديد وأكثر تفاعلاً بعدما كانت البيانات الأميركية المتعلقة بإيران تمتاز بلهجة أكثر تنميقاً ومراعاة، في وقت تشهد فيه منصة فيينا النووية جموداً كلياُ إن لم يكن توقفاً، ما يعزز الاعتقاد بوجود توجه أميركي للتصعيد مع الإيرانيين تأتي تجلياته بالإلتفاف الاميركي على دول الخليج .والجدير ذكره أن الزيارة السعودية الى واشنطن تزامنت مع زيارة وفد عسكري صيني الى إيران خروجاً على العادة الصينية التي دائما ما كانت ترسل وفوداً سياسية أو إقتصادية ولكن ليس عسكرية كما هذه المرة والى إيران خصوصاً .واللافت أن أولويات الرئيس جو بايدن لم تكن منذ وصوله الى البيت الأبيض الخليج والمنطقة بل كورونا أولاً ثم الصين، فما الذي يمكن أن يجعله يعدّل في تلك الأولويات ؟الإجابة واضحة : لأن الخليج بات يتحكم بقرارات دولية وبالذات إقتصادية خصوصاً بعد اندلاع حرب أوكرانيا وتوجه الغرب نحو مقاطعة وعزل الطاقة الروسية، بما أدى ويؤدي الى تغير الأولويات وتغير المنطقة وحساباتها وتجاوز مسألة مكافحة الإرهاب الى ما هو أعمق واستراتيجي أكثر .فهل يأتي التقارب الأميركي- الخليجي في لحظة تقاطع مصلحي آني أم أنه يؤشر لبداية صفحة جديدة من العلاقات والتعاون يكون انفجار الصراع الخليجي الإيراني إيذاناً ببدايتها ؟

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: