كتبت كارولين عاكوم في صحيفة "الشرق الأوسط":
يقف لبنان أمام منعطف حاسم في مسار معالجة قضية سلاح حزب الله، بعد رفض إسرائيل التجاوب مع مقترحات لبنانية تهدف إلى وقف الاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب من النقاط التي تحتلها تل أبيب في جنوب لبنان، مقابل شروع لبنان في معالجة سلاح "الحزب" شمال نهر الليطاني.
وتتجه الأنظار إلى الجلسة التي دعا إليها رئيس الحكومة نواف سلام، لبحث موضوع حصرية السلاح، والتي ستكون منطلقاً لإعادة النقاش مع الولايات المتحدة التي قدمت عبر مبعوثها، توم برّاك، ورقة من 3 مطالب أساسية؛ بينها موضوع سحب سلاح "الحزب". وسيكون مجلس النواب مساهماً في الإجابة عن شق "المطالب الإصلاحية" في ورقة براك عبر جلسة يعقدها الخميس لإقرار "مشروع قانون تنظيم المصارف" و"مشروع الإصلاح القضائي".
لا يزال "الحزب" على لسان مسؤوليه يرفع سقف مواقفه الرافضة لنزع سلاحه رغم كل الضغوط التي يتعرض لها، وتلك التي يتعرض لها لبنان على خلفية هذا الموضوع، وهو ما يطرح علامة استفهام حول موقف الحزب الذي حيناً يعلن رفضه النهائي لتسليم السلاح، وحيناً يربط البحث بالاستراتيجية الدفاعية بانسحاب إسرائيل.
وكان آخر هذه المواقف تلك التي أطلقها عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسين جشي بالقول: "نزع سلاح المقاومة بالقوة لا يمكن تحقيقه، أو حتى رؤيته في الأحلام"، داعياً إلى التخفيف من لهجة وحدة التعاطي مع هذا الأمر.
"حزب الله" يفضل خسارة سلاحه بالحرب بدل تسليمه للجيش
وانطلاقاً من الوقائع والمعطيات لا يبدو رئيس مركز "الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري-أنيجما" رياض قهوجي، متفائلاً بإمكانية تسليم "الحزب" لسلاحه، معتبراً أنه "بالنسبة للحزب فهو من الأفضل له أن يخسر سلاحه في الحرب بدل أن يسلّمه".
ويلفت قهوجي إلى أن "الحزب" عندما وافق على اتفاق وقف إطلاق النار لم يكن في نيته أبداً تسليم السلاح، بل هو وافق لشراء الوقت، وإعادة تسليح نفسه، وتجميع قواه، متكلاً كذلك على النظام السوري الذي كان يشكل بالنسبة إليه خط الإمداد مع إيران، لكن في هذه الفترة حصل ما لم يكن بحسبانه، حيث سقط النظام السوري، وتوالت الضربات على إيران، وبدأت الأمور تذهب في منحى آخر".
من هنا يقول قهوجي: "لكن الحزب من الناحية العقائدية لم ولن يتغير، هو يراوغ بالإعلان أنه مستعد للحوار والبحث في الاستراتيجية الدفاعية وغيرها بشروط، وكل ذلك ضمن سياسة شراء الوقت، وبعيداً من أي نيات تسليم السلاح".
ويرى أن "الحزب لن يسلم السلاح حتى لو إسرائيل دمرت لبنان بالكامل"، مضيفاً: "هو لا يختلف عن حركة حماس لناحية طريقة التفكير والتصرف والبعد العقائدي والارتباط مع إيران، وبالتالي لن يتوانى عن مواجهة الجيش اللبناني في حال اتخذ أي قرار بسحب سلاحه بالقوة، وهناك تجارب كثيرة تثبت هذا الأمر".
وفيما يعتبر قهوجي أن "الحزب هو أكثر طرف في لبنان مستعد للحرب الأهلية، لا يستبعد عودة الحرب الإسرائيلية"، معتبراً أن "الحزب يفضل تسليم السلاح في الحرب وبالقوة من جانب إسرائيل، حيث بذلك يخرج منتصراً أكثر، وفق عقيدته وأمام بيئته، على عكس تسليمه للجيش".
"حزب الله" يستعد لكل الاحتمالات
مواقف "الحزب" هذه تعود بشكل أساسي لعدم تطبيق إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب المحلل السياسي القريب من "الحزب" قاسم قصير، الذي يقول: "لا يزال الحزب يتمسك بموقفه بأن المشكلة هي عند العدو الإسرائيلي الذي لم ينفذ اتفاق وقف إطلاق النار، وهو مستمر بعدوانه على لبنان، وأن الحزب لن يسلم سلاحه وهو مستعد للحوار حول الاستراتيجية الدفاعية بعد تنفيذ الخطوات المطلوبة من العدو الإسرائيلي". وأمام هذا الواقع يقول قصير: "الحزب يستعد لكل الاحتمالات، وخصوصاً التحضير لمواجهة أي عدوان إسرائيلي واسع على لبنان"، مضيفاً: "نحن أمام أيام صعبة والتهديدات والتحذيرات ستزداد وكل الاحتمالات واردة في حال عدم التوصل إلى حلول ديبلوماسية لاستكمال تطبيق وقف إطلاق النار ومنع حصول عدوان إسرائيلي جديد على لبنان".