كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
دخلت البلاد ربع الساعة الأخير للردّ على الورقة الأميركية. ويرتفع منسوب الضغط على الدولة اللبنانية لأنها لا تستطيع غض النظر عن ملف السلاح غير الشرعي. ويعمل القادة لتجنب الحرب لأن إسرائيل جديّة في تهديداتها حسبما يُصرّح مسؤولوها وما ينقله الأميركيون عنها.
يبدو رئيس الجمهورية جوزاف عون واثقًا من اجتياز لبنان قطوع السلاح، ويراهن على إيجابية “حزب الله” التي يبديها داخل الاجتماعات الخاصة والحوار الذي يجرى بين الرئاسة و “الحزب”، عكس ما يصرح به قيادات “الحزب” في الإعلام وأمام جمهوره.
ولا تقف الأمور عند هذا الحد، فمهلة الردّ على الورقة التي تُدرس ليست مفتوحة، وينتظر الموفد الأميركي توم براك إجابة لبنانية واضحة تطال البنود الواردة في الورقة التي سلّمها للبنان خلال زيارته الأخيرة وعلى رأسها الجدول الزمني لسحب السلاح.
وتجنّد كل من عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري للإسراع في بتّ الورقة الأميركية، وقام سلام بجولة مكوكية على عون وبري قبل تأليف المسؤولين الثلاثة لجنة لمتابعة بحث الورقة وإقرارها وتضم ممثلَين عن رئيس الجمهورية هما العميدان المتقاعدان طوني منصور وأندره رحال، ويُمثّل برّي المستشار علي حمدان، وعن سلام فرح الخطيب. وستكثف اللجنة اجتماعاتها في الساعات المقبلة من أجل إنهاء الورقة.
وعلمت “نداء الوطن” أن بري ينسق مع “حزب الله” في كل النقاط خصوصاً أن “الحزب” هو المعني الأوّل في هذه الورقة. وأبدى “الحزب” ملاحظاته حول نقطتين في ما خص ملف السلاح، الأولى هي شكوكه حول طرح خطوة مقابل خطوة حيث يتساءل عن الضمانات التي تجبر إسرائيل على الانسحاب من النقاط المحتلة وتسليم الأسرى في حال سلّم سلاحه، ومن هي الجهة التي ستضمن تنفيذ الأمر خصوصاً أن التجارب مع تل أبيب لا تشجع منذ توقيع اتفاق الهدنة الأخير. أما النقطة الثانية التي يبدي “الحزب” ملاحظاته عليها ومعه بري أيضاً هي إعادة الإعمار. ويريد “الحزب” ضمانات في هذا الملف ولا يرغب بترك بيئته وقرى الجنوب والبقاع والضاحية من دون إعمار.
ويطالب “الحزب” بإيضاحات من الأميركيين حول مسار الأمور، بينما الأهم هو قبوله بفكرة مناقشة السلاح بعدما كانت كل التصاريح تشير إلى تمسكه بسلاحه.
وبمجرد قبول “حزب الله” بالبحث في سلاحه أو وضعه على طاولة مجلس الوزراء فهذا يعني حصول تطور كبير. ولا يستطيع أحد إنكار حالة الضياع التي يعيشها “الحزب”، فهو فقد معظم قياداته، وأتت الضربة الأميركية – الإسرائيلية على طهران لتزيد من معاناته. ولم تنقشع الرؤية الإقليمية ليبني على الشيء مقتضاه.
وبات “حزب الله” في وضع لا يُحسد عليه، فمن جهة تستمرّ إسرائيل في استهدافه، ومن جهة ثانية لا يستطيع الردّ لأنه أولاً فقد القدرة على الردّ والردع، ولأن أي ردّ سيكلّفه المزيد من الضربات. ولم يعد هناك من هيبة لـ “الحزب” بعد خسارة كل تلك القدرات. وإذا كانت الحسابات الداخلية ضاغطة عليه، ولم تعد بيئته الحاضنة تتحمّل الحروب، فهذا يعني انتهاء زمن التهويل.
وتبقى إيران المؤثّر الأكبر في رسم مستقبل “حزب الله”، فاذا أعطته الأوامر بضرورة تسليم سلاحه، فلا يستطيع الرفض، وإذا أرادت بقاء هذا السلاح فهنا تكمن المشكلة الكبرى، إذ إن “الحزب” سيواجه الدولة في حال أعطت الأوامر للأجهزة لجمع السلاح، وإذا لم تُقدم الدولة على هذه الخطوة فقد تعود الحرب بطريقة أشرس وأشدّ عنفاً ودماراً وستدفع بيئة “الحزب” الثمن الأكبر، من هنا تأتي أهمية الورقة اللبنانية التي تلحظ وضع جدول زمني لسحب السلاح، وإلا ستمنح إسرائيل الذرائع لتوسيع رقعة الحرب.