يقف رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل اليوم، على مسافة واحدة ما بين محورين الأول يتمثل بالإرتباط الوثيق مع "حزب الله" بصرف النظر عن التسمية التي تُطلق على تفاهمهما "المصلحي"، والثاني يتمثل بالمحور الخاص به والذي يسعى لتكوينه بذريعة الحقوق المسيحية مجدداً والبناء على هذا الإدعاء، للبقاء في السلطة من خلال ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية. وبرأي مراقبين لحركة باسيل في الأشهر الماضية، فإن الخلاف الذي وصل إلى مستوى غير مسبوق بين التيار والحزب هذه المرة، لن "يُفسد في الود قضية"، ذلك أن البيانات المتبادلة بين الطرفين، قد ساهمت في تحقيق ما يشبه عملية استيعاب وتطويق لكل التباينات بين الحليفين، من خلال فتح قنوات التواصل واللقاء العلني في المجلس النيابي، من أجل الردّ وللمرة الأولى من قبل الحزب على "اتهامات باسيل".
لكن هذا الخلاف الناشىء حديثاً يشبه الخلافات التي سُجلت في محطات سابقة كما كشف المراقبون، والتي كان الحزب يحرص دائماً وبالتعاون مع باسيل طبعاً، على معالجتها وبالتالي ترميم العلاقة، ولكن من دون أن يتخلى عن موقفه، وذلك بانتظار أن "تهدأ" ثورة رئيس "التيار الوطني" وتبرد محركاته.
وإذا كانت التسريبات المتتالية من قبل قيادات ونوابٍ التيار، ما زالت تحمل مؤشرات على استمرار التوتر بينهم وبين حليفهم، فإن تكرار الحديث عن عدم الإلتزام بالوعود من قبل "حزب الله"، هو الذي حرّك الحزب ودفعه لإصدار بيانه "الملتبس"، والذي استدعى رداً سريعاً وخلال ساعات من "التيار الوطني"، والذي يعمل على خطّ موازٍ، كما أضاف المراقبون لتحركاته والتي استهدفت بكركي اليوم.
وبالتالي، فإن انعطافة باسيل اليوم، شبيهة بكل انقلاباته السابقة، مع فارقٍ كبير وهو أنه لن يستطيع الخروج يوماً من تففاهماته التي أمّنت له المكاسب غير المسبوقة على امتداد السنوات الماضية، فبات "لا يعرف طعم الخسارة"، وتعوّد على الربح منذ العام 2005، نتيجة تفاهم "مار مخايل" وليس أي قوةٍ أخرى أو برنامج أو مشروع سياسي.
والسؤال الأساسي المطروح اليوم بحسب المراقبين أنفسهم، يتركز حول حظوظ هذا التفاهم في المرحلة المقبلة وتحديداً عندما تنضج التسوية الرئاسية في الأشهر المقبلة، ولكن الإجابة عليه تبقى رهن التطورات المقبلة وتحديداً انطلاقة الحوار في المجلس النيابي.
