"الحزب" وفرنجية و"الحب العذري"

p02_20130126_pic1

منذ وطأت أقدام الحرس الثوري بعلبك عام 1982 وبدأ بإنشاء "حزب الله" في إطار "تصدير الثورة" والسعي لقيام "الجمهورية الاسلامية"، لم يحلم "الحزب" يوماً– وبالتالي الجمهورية الاسلامية في إيران - بوصوله الى قصر بعبدا عبر رئيس جمهورية مسيحي ماروني موال له. إلا إن الحلم أضحى حقيقة مع وصول الجنرال ميشال عون عبر تقديمه "ورقة التفاهم" وخفاياها ومصلحته وحليفه في حارة حريك على مصلحة لبنان وإحترام دستوره.

عام 2016، نجح "الحزب" و"التيار الوطني الحر" بتتويج علاقتهما بوصول عون الى بعبدا بعد مسار من التعطيل دام سنتين ونصف السنة ولعبة "عض أصابع" بين "8 آذار" و "14 آذار" تبرّع الرئيس سعد الحريري بأن يكون اوّل الصارخين فيها عبر لقائه السري بعون والعلني بفرنجية بين روما وباريس وتبنيه ترشيح الاخير.

يومها، كان "الحزب" يمتلك من القوة ما جعله يجاهر منذ اللحظة الاولى بترشيح عون رغم ان الاكثرية المطلوبة لم تكن مؤمّنة منذ اللحظة الاولى. أما اليوم، وفيما "الحزب" يجاهر بالسر والعلن برغبته بإيصال رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية الى بعبدا إلا انه لا يجرؤ على ترشيحه ويتحجج بأنه ينتظر تأمين الاكثرية المطلوبة لضمان وصوله بخلاف العام 2014.

واهم من يعتبر أن "الحزب" أوهن من "بيت العنكبوت" ( بحسب التعابير التي يهوى إستخدامها) ولكن واهم أيضاً من يتوهّم انه ما زال بنفس القوة التي حكمت إدارته للمعركة الانتخابية عام 2014، إذ:

  • خارطة توزيع القوى في مجلس نواب 2022 أكثر تعقيداً مما كانت عليه يومها.
  • التخبط داخل فريق الممانعة، فإن كان فرنجية عام 2014 أكد أن حتى رئاسة الجمهورية لا تعلو فوق إلتزامه بـ"الخط"، فباسيل غير مستعدٍ أن يخطّ بيده "وثيقة وفاته السياسية" لأنه يدرك جيداً أن عدم خلافة عمه في قصر بعبدا والبقاء في موقع السلطة سيجعله هامشياً جراء خلافاته المتشعبة مع جميع الافرقاء السياسيين من جهة وخسارته النفوذ والخدمات والسطوة التي وفرتها له السلطة.
  • الموقف العربي من الملف اللبناني أكثر تماسكاً وحزماً وهو يتظهّر بالمبادرة الكويتية التي أطلقت منذ عام والتي يحكى انها ستستنسخ اليوم ضمن نفس الروحية.
  • الواقع الايراني أكثر تعقيداً في ظل الحراك الشعبي في الداخل وتعثّر المفاوضات النووية من جهة والتشنّج الناجم عن الحرب الروسية – الاوكرانية جراء دور إيران ومسيراتها من جهة أخرى.
  • سقوط فزاعة "الفراغ" التي لعبت دوراً عام 2016 في الدفع ربما الى "ربط النزاع" والسير بعون بعدما وقع لبنان في المحظور.

لذا، أصبح محسوماً أنه لم يعد باستطاعة "الحزب" فرض مرّشحه أو الانتظار على "ضفة الفراغ" لتمرّ الجثث السياسية لأخصامه من المرشحين في ظل تداعيات الانهيار الذي يعصف بلبنان ولا يستثني بيئته الحاضنة.

أصبح محسوماً أن الترويج لواقع أنه "ما رح يبقى بالميدان إلا حديدان فرنجية" والادعاء ان كافة الاسماء الاخرى إما محروقة أو لا حظوظ لها أو تواجه معوقات دستورية غير مجدٍ.

أصبح محسوماً أن إدعاء وسطية فرنجية وقدرته على التواصل مع الجميع محلياً ، لزوم ما لا يلزم إذا هو من يسم نفسه أنه "مرشح الخط".

أصبح محسوماً أن تضخيم حجم علاقات فرنجية العربية والدولية والتشديد على الروابط العائلية مع السعودية والترويج ان سفير المملكة سيقصد بنشعي في مطلع السنة الجديدة لا يخفي حقيقة ان إستقبالاته للسفراء لا تختلف عن إستقبالات معظم لزعماء السياسيين لا بل اقّل من بعضهم. كما ان مروحة علاقاته العربية التي يروجون لها لم تترجم بأي خطوة. فهل من يذكر أخر زيارة سياسية له لعاصمة عربية أو غربية؟! أو حتى زيارة لأي مسؤول عن العلاقات الخارجية في "المردة"؟!

أصبح محسوماً أن تلميع صورة فرنجية إعلامياً والحديث عن إنجازاته الوزارية وإستحضار عهد جده والمأساة التي عاشها في الحرب لم ينجح. حتى صفة الثبات على موقفه تخلخلت حين إرتضى لقاء باسيل بطلب من نصرالله قبل الانتخابات ومن ثم من بعدها. كما أن اللبنانيين لا يذكرون من إنجازاته في الوزارات إلا توزيع "لوحات السيارت المرمزة" و "الـBingo". اما الاشادة بقول سليمان الجد "ناموا وبوابكم مفتحة"، فهي في الحقيقة مضحكة حيث لم تبق ابواب يومها للوطن الذي أصبح مشرّعاً على المرتزقة والاطراف الخارجية. كذلك، إن إستحضار صفحات الحرب الاليمة بشكل مجتزأ والقول ان فرنجية الجد حال دون تهجير المسيحيين من الشمال وعدم مقاربة المحطات الاليمة التي وقعت تلك الفترة في إطار ما سبقها من محطات دموية ممهدة، لا يفيد المعركة الرئاسية بقدر ما كان يفيدها عدم نبش القبور.

لذا إن توّج "الحزب" علاقته بـ"التيار" بوصول عون الى بعبدا عام 2016، فعلاقته و"المردة" لن تثمر إيصال فرنجية الى الرئاسة الاولى بعد شغور عام 2022 ولن تتخطى "الحب العذري".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: