يرتدي إعلان "حزب الله" عن أن أربعة من عناصره قد قتلوا في قصف إسرائيلي طابع الإعداد والتحذير من الرد على القصف الإسرائيلي، الذي كان استهدف بالأمس متسللين من جنوب لبنان إلى شمال إسرائيل، مع العلم أن الحزب كان أعلن فور العملية أن حركة "الجهاد الإسلامي " الفلسطينية، هي التي نفذت هذه العملية وبالتالي وضع نفسه خارج دائرة الإتهام بإشعال الجبة الجنوبية.
وسواء كان الحزب هو الذي نفذ العملية أم "الجهاد الإسلامي"، فإن السؤال المطروح اليوم في الأوساط السياسية الداخلية، يتناول مدى هامش الحرية والنفوذ الذي بات يمتلكه الحزب بحكم فائض القوة، بحيث يقرر فتح الميدان الجنوبي أمام الفلسطينيين لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل ومن دون احتساب كلفة هذا الأمر على الجنوب وأهاليه ولبنان عموماً.
وعليه، فإن تهرب الحزب من مسؤوليته عن العملية، ثم العودة إلى الإيحاء بدور له فيها، ولاحقاً التسريب التبريري في الإعلام أنه معني بالرد على استهدافه فقط، يؤشر على واقع الأرباك كما غياب القرار النهائي بالإنضمام إلى الحرب، خصوصاً وأنه بات واضحاً أن لبنان من دون سلطة أو إدارة سياسية.
وفي محاولة ل " فك شيفرة المعركة النارية بين الحزب وإسرائيل" ، يرى المحلل فراس مقصد، أن "حزب الله ضرب أولاً موقعاً إسرائيلياً في مزارع شبعا، وهي الأراضي المتنازع عليها في سوريا ولبنان والتي تحتلها إسرائيل، أي أن الضربة لم تكن على إسرائيل، والرسالة المقصودة هي الردع، وردّت إسرائيل بقصف مدفعي محلي، مما أبقى القصف محدودًا وفقاً لقواعد اللعبة المعمول بها بين الطرفين في جنوب لبنان.
وقد كتب مقصد على موقعه على "تويتر" أن "إسرائيل لا تسعى لفتح جبهة ثانية و هي تستعد للحملة على غزة، لكنه رفع حدة المواجهة مع اشتداد القصف الإسرائيلي على غزة، مما سمح لمقاتلي حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بالتسلل عبر الحدود من مناطق سيطرته. "
وبالتالي، فإن إسرائيل دخلت في حالة إغلاق حتى مقتل المتسللين، وقد تضمّنت الجولة الثانية من الانتقام الإسرائيلي قصفًا محليًا واستهدافًا لمواقع حزب الله، مما أسفر عن مقتل 3 مقاتلين، وهو ما يعني (وفقًا لقواعد اللعبة المعمول بها) أن حزب الله شعر بأنه مضطر لإطلاق النار على أهداف عسكرية داخل إسرائيل"
وبالنظر إلى ما سبق، يستنتج مقصد أن الحزب " يلعب حتى الآن بالنار، لكنه يحاول معايرة الحد من تدخله العسكري المباشر، بل هو فقط يضايق إسرائيل حتى الآن".
لكن هل يلجأ الحزب إلى المواجهة العسكرية الكاملة لمساعدة حماس إذا بدأت إسرائيل غزو غزة الكامل؟"، ووفق مقصد ومن واشنطن، فإن إسرائيل سوف تغزو غزة، ولن يتمكن الحزب وإيران من تحمل تكاليف المشاهدة من على الهامش وهم يخسرون الجزء الفلسطيني من محورهم، لكن الدخول في الحرب لن يكون قراراً سهلاً بالنسبة للحزب، لأن جمهوره منهك".
وعلى الرغم من تبرير أحد نواب الحزب للعملية الأخيرة في ضوء المناخ الذي ساد في الجنوب وبدء نزوح أهالي القرى الحدودية، فإنه من المفيد التأكيد بأن قرار خوض حرب واسعة النطاق ليس قراره أو قرار لبنان، وهو ما يوافق عليه مقصد الذي يشير إلى أن "قيادة الحزب العسكرية على المحك مع طهران، وتنسق كل خطوة معه".