تترُك مناوشات الجنوب حزب الله في وضع معقّد وصعب في ظلّ الخسائر التي يتعرّض لها ميدانياً. يقف الحزب أمام تحدّي مصيري؛ إيقاف المناوشات المُكلفة قد يُسفر عن خسارة مؤثِّرة في نفوذه وشعبيّته، كذلك الاستمرار فيها يعرّض الحزب لمزيد من الخسائر في نقاط قوّته السياسية ومعنويّات بيئته، خصوصاً مع تعنُّت إسرائيلي مستمرّ في تكثيف العمليّات.
يُدرك حزب الله أنّ استمرار هذه العمليّات لن يصبَّ في مصلحته، حيث تفتقر لأفق واضح ومكاسب ملموسة. تتعزّز هذه الإشكاليّة بوجود معارضة داخليّة قويّة تَعتبر هذه العمليّات غير مفيدة وعبثيّة، خاصّة في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الراهنة في لبنان. إقليميّاً، تبدو إيران هي المستفيد الوحيد من أيّ تطوّرات، ما أدّى إلى تغيير في سياستها من مفاوضات بالوكالة إلى تدبير شامل ومباشر لكافّة الملفّات.
حزب الله واقع في أزمة من المناوشات وبالرغم من ذلك يبقى ذلك أفضل بالنسبة إليه من الدخول في حرب أوسع، لا يملك قراراً فيها، قد تؤدّي الى دماره والقضاء على لبنان، وهو ما يُعدّ خياراً صعباً لا يستطيع حزب الله تحمُّله، خصوصًا في ظلّ معارضة أغلبيّة الشعب اللبناني له وعدم تصديقهم لرواياته عن المقاومة.
في هذا السياق، يتضاءل وجود حزب الله إقليميا ويصبح لا وجود له بين الدول الكبرى، ويتحوّل دوره إلى مجرّد فريق سياسي داخلي دوره محصور بنقل الرسائل الإيرانية بهدف تحسين شروطها التفاوضية.