الحوار الوحيد المقبول لانتخاب رئيس للجمهورية

بعبدا1

عندما شاركت "القوات اللبنانية" بالتسوية الرئاسية التي أوصلت العماد ميشال عون الى سدّة الرئاسة الأولى، أُعيب عليها كونها قبلت بالتسوية رغم أن المنتقدين، وبغضّ النظر عن حسن أو سوء نواياهم، لم يروا في موقف القوات الا انخراطاً في المنظومة، الأمر الذي جافى الحقيقة كلياً، إذ لو أمعنَ المنتقدون في تفاصيل موقف القوات ودوافع قرارها آنذاك لتغيّر رأيهم ( لمَن يبحث منهم عن الموضوعية طبعاً ) خاصةً في محورين : الأول إعلان المبادىء التي على أساسها دعمت القوات وصول عون الى بعبدا، تلك المبادىء التي وافق عليها عون وصهره آنذاك. ففي السياسة، للاتفاقات والتفاهمات معانيها وأهدافها والا فما هو العمل السياسي؟
أما المحور الثاني فكان إنهاء الشغور الرئاسي مع بدء تفاقم الانهيارات المؤسساتية يومها.
مَن يتعمّق في المبادىء التي أعلنها الدكتور سمير جعجع في معراب يومها أمام العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل، والتي شكّلت الأساس في موقف معراب من رئاسة عون، يجد أنها سيادية وآصلاحية بامتياز وهي تعكس ثوابت القوات اللبنانية غير القابلة لأي تعديل، لا في الماضي لا في الحاضر ولا في المستقبل.
وحصلَ ما حصل بعد ذلك من نكوث العماد عون وجبران باسيل بالوعود والتعهدات، فكان ما كان طوال عهد عون.
قبل حصول التفاهم كان الرأي العام اللبناني والمسيحي بشكل خاص ينتقد الثنائي المسيحي ويتهم كلاً من الدكتور جعجع وميشال عون بإحراق البلد من أجل الكرسي، الى أن تنازلَ الدكتور جعجع، ونقولها بكل وضوح، تنازل عن ترشيحه الطبيعي للرئاسة بدافع وطني مسؤول لمصلحة ميشال عون تفادياً للمزيد من انهيار البلد الذي كان يعيش فراغاً قاتلاً لنيفٍ وسنتين.
ما حصل في العام ٢٠١٦ لن يتكرّر هذه المرة والدكتور سمير جعجع لا يسعى لبعبدا لكن لن يسمح بأن يصل اليها "ميشال عون آخر" يمدّد الأزمات والانهيارات ويطيل عمر سيطرة حزب الله ومحوره على الدولة وقراراتها ومعها استمرار الانهيارات وزوال لبنان.
ومن البديهي أن يطالعنا هذه المرة أيضاً مَن ينتقد موقف القوات بعدما انتقدها عام ٢٠١٦ لكن بالاتجاه المعاكس، أي أن ينتقد رفض القوات هذه المرة الدخول في أي تسوية ورفض وصول أي مرشح موالٍ للحزب ومحوره في لبنان.
البعض وبخاصة بعض القوى من المعارضة والنواب المستقلين الذين يسعون للتميّز عن الكتلة السيادية المعارضة لأكثر من عقدة واعتبار، ينتقدون اليوم موقف القوات الرافض لحوار مع الطرف الآخر حول الرئاسة، ومنهم من عارضَ التسوية عام ٢٠١٦، وها هم اليوم لا يوافقون القوات رفضها لأي تسوية تعيدنا الى عهدٍ يُحكِم فيه الحزب قبضته على ما تبقى من دولة وقرار سيادي ويقضي على الإصلاحات نهائياً.
لم يعد في لبنان ما نخسره بعدما طال الانهيار كل أوجه الحياة ومؤسسات الدولة، ولذا بات المطلوب إنقاذ ما تبقّى وليس استكمال القضاء على ما تبقّى، وهذا لا يتم الا من خلال إيصال رئيس أمين سيادي إصلاحي موثوق منه داخلياً وخارجياً، يقود مسيرة إنهاض لبنان وإعادته الى الأسرة الدولية بلداً فاعلاً واعداً مزدهراً ومنفتحاً.
حزب الله وحلفاؤه، وفي طليعتهم العماد ميشال عون، حكموا ست سنوات كي لا نعود كثيراً في الزمن الى الوراء والانهيار اليوم خير دليل على فشلهم، وبالتالي لا يمكن القبول بعد اليوم بمرشح منهم كما لم يعد مقبولاً أن لا يأتي رئيس إصلاحي سيادي مستقل عن محور إيران المدمّر، رئيس ينقذ لبنان ويعيد وصل ما انقطع مع الأشقاء العرب والخليجيين والغرب، والأهم يعيد الثقة العربية والدولية بلبنان بل يعيد ثقة اللبنانيين ببلدهم.
ما من عاقل يرفض مبدأ الحوار لكن السؤال هو حول آلياته،
فإذا كان الحوار للحوار فلا الوقت يسمح بهذا الترف ولا وضع البلاد واللبنانيين المنهكين تعباً وانهياراً .
واذا كان الحوار لتسوية فلا مجال لأي تسوية مع الطرف الآخر بعد اليوم مهما اشتدت الظروف وتفاقمت الأوضاع، إذ إن البقاء من دون رئيس أفضل من الأتيان برئيس آخر "دمية" بيد الحزب ومحوره الإقليمي،
واذا كان الحوار لمحاولة فرض نظرتهم على الفريق السيادي فالموضوع مردود ومرفوض، فلا حوار ممكناً الا حواراً ترعاه بكركي وغبطة أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وفق آلية واضحة يرى صاحب الغبطة بأنها توصل الى اختيار المرشح الأنسب، إما بالإجماع أو بالتوافق ضمن أسوار بكركي، وتلزم النواب المسيحيين حضور جلسات مجلس النواب كافة ومن دون مقاطعة.
اما ما تبقّى من حوارات مقترحَة فهي مرفوضة ومردودة جملة وتفصيلاً.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: