الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون لولاية ثانية : قراءة معمقة للتداعيات .

61577189_101

فاز الرئيس الفرنسي الحالي المنتهية ولايته إمانويل ماكرون بولاية رئاسية جديدة لخمس سنوات، بعدما حقّق نسبة ٥٨،٦٠ % من أصوات الناخبين الفرنسيين مقابل نسبة ٤١،٤٠% لمنافسته من أقصى اليمين مارين لوبان .
هذا الإنتصار الديمقراطي خلط أوراقاً كثيرة في الداخل الفرنسي، وستكون له تداعيات كبيرة ومؤثرة على سيرورة الحياة السياسية والوطنية في ظل إرتفاع صوت اليسار المتمثّل بزعيم المعارضة اليسارية جان لوك ميلانشون، المطالب برئاسة الحكومة بعدما حصل في الدورة الاولى على نسبة ٢١% من أصوات الناخبين، وكاد أن يهدّد مركز المرشحة مارين لوبان التي حلّت في حينه بالمرتبة الثانية بعد ماكرون، ما يعني دخول البلاد في مساكنة، حَفَل تاريخ فرنسا الحديث بنماذج منها لم تنجح في تقدّم الأمور، وهنا المؤسسات بعدما انتقلت المبارزات الى داخل المؤسسات الدستورية للجمهورية الخامسة، مساكنة ممكنة بين الخط اليميني المتمثّل بالرئيس ماكرون والخط اليساري المتمثل بميلانشون، الأمر الذي لا يَعد بوضع سياسي وحكومي مستقر للمرحلة المقبلة إن تحقّق طلب ميلانشون الذي يستعد بدوره لخوض الإنتخابات التشريعية المقبلة في شهر حزيران / يونيو المقبل .
في نفس الوقت، إعتبرت مارين لوبان، لحظة إعلان النتائج مساء أمس، أن النسبة التي حققها معسكرها والبالغة ٤١،٤٠% تاريخية، ما يمكنها من خوض الإنتخابات التشريعية التي ستُقام في ١٢ و١٩ يونيو/ حزيران المقبل في فرنسا .
وغداة فوزه مساء أمس، أطلق الرئيس ماكرون سلسلةً من المواقف كان اللافت فيها طغيان الحذر والتهيّب من المرحلة المقبلة التي وكما قال، إنها لن تكون سهلة على فرنسا، وقد توقف المراقبون أمام هذا الكلام معلّلين بأنه نابع من مجريات الحرب في أوكرانيا وتداعياتها وإمكانيات توسّعها بشكل خطير ودراماتيكي في أوروبا ومناطق أخرى، فضلاً عن التداعيات الإقتصادية والمالية الكارثية على أوروبا ودول العالم المعتمدة .
ومهما يكن من أمر، فإن نتائج الإستطلاعات أكدت أمس أن النسبة الأكبر من الشباب صوّتت لماكرون في الدورة الثانية، فيما النسبة الأكبر من العمال والفلاحين صوّتت لمارين لوبان، كما صوّتت النسبة الأكبر من أصحاب المهن الحرة ورجال الأعمال والنخب الإقتصادية والمالية لصالح ماكرون، فيما بلغ حجم الممتنعين ثلث الكتلة الناخبة المقدّرة ب١٢ مليون ناخب، ما يؤشر الى اتساع الهوة بين الحكام والمحكومين وإنزلاق فرنسا رويداً رويداً نحو ما يعرف بديمقراطية الإمتناع عن المشاركة في التصويت .
أما لجهة تداعيات إعادة إنتخاب الرئيس ماكرون لولاية ثانية على علاقات فرنسا وإلتزاماتها الخارجية وحتى الداخلية، فقد إختصرها الرئيس المنتخَب بقوله إن ولايته الجديدة لن تكون إستكمالاً للسابقة، ما يعني أن ثمة تغييرات جوهرية ستطال ليس فقط نهجه بل وأيضاً فريق عمله .
وفي هذا السياق، فإن السياسة الفرنسية تجاه لبنان لن تتبدل، وقد ساهم الرئيس ماكرون ( الذي حظي بأكثرية أصوات فرنسيي لبنان في الدورتين ) في إحياء الدور السعودي في لبنان وإنشاء صندوق مشترك بين فرنسا والمملكة لدعم لبنان واللبنانيين في مواجهة الأزمات المعيشية والمالية والإقتصادية المتتالية، كما أن سياسة فرنسا تجاه حزب الله تبدّلت منذ القمة الفرنسية - السعودية الأخيرة، وقد لوحظ في البيان المشترك إصطفاف الرئيس ماكرون الى جانب الرؤية السعودية للبنان ومشكلة حزب الله وتدخلات إيران في الشؤون اللبنانية والإقليمية من دون وجه حق.

تبقى الإشارة الى أن المشهد في فرنسا عشية تبدلات جذرية افتتحت بإنتخاب ماكرون لولاية ثانية الذي لم يتوانَ بدوره في خطاب انتصاره عن الإشارة الى أن زمناً جديداً قد بدأ في فرنسا منذ ليلة إعادة إنتخابه .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: