الزيارة الفرنسية "Rappel": "تيتي تيتي متل ما رحتي... جيتي"

ledrian-iran-100120

كتب ريشار حرفوش في صحيفة "نداء الوطن": عاد الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان ليؤكد حضور باريس… حضور وصف من قبل مرجع سياسيّ يتابع لقاءاته بأنه أقرب إلى "التذكير بالدور" لا إلى إحداث خرق فعلي، وكأن الرسالة الأساسية كانت: نحن هنا، ولسنا خارج اللعبة، من دون أن تحمل الزيارة مبادرة جديدة أو طرحًا مختلفًا عمّا سبق.

المرجع نفسه لخص ما دار في الكواليس على طريقة المثل الشعبي: "تيتي تيتي متل ما رحتي متل ما جيتي"، في توصيف يعكس حجم خيبة الأمل من زيارة أعادت إنتاج خطاب قديم بمحتوى مستهلك. فالوفد الفرنسي، بحسب المتابعة، جاء بطرح واحد واضح يتمحور حول المؤتمر الدولي المخصّص لدعم الجيش اللبناني، من دون توسعة دائرة البحث إلى ملفات أكثر إلحاحًا أو حساسية.

الملف الانتخابي حضر على طاولة اللقاءات، لكن حضوره بقي شكليًا، بحيث شدّد لودريان على ضرورة إجراء الاستحقاق الدستوري في موعده، غير أن هذا التشديد لم يترافق مع أي نقاش معمّق بالعقبات القائمة، ولا بالتعديلات المطلوبة على القانون الانتخابي الحالي، ولا حتى بضمان مشاركة الاغتراب اللبناني، ما أثار علامات استفهام لدى أكثر من مرجع سياسيّ سياديّ.

وفي هذا السياق، طرح أحد هؤلاء المراجع أمام الضيف الفرنسي سؤالًا مباشرًا حول كيفية معالجة المعضلة المستجدة في ظل إقفال المجلس النيابي، فجاء الجواب مقتضبًا وملتبسًا: "الملف تقنيّ لبنانيّ داخلي"، إجابة فسّرها المرجع نفسه بأنها تعبير صريح عن عدم إلمام لودريان بتفاصيل الأخذ والرد الدائر حول التعديلات المطلوبة على القانون الانتخابي، أو ربما عن رغبة متعمّدة في النأي بالنفس عن تعقيدات الداخل اللبناني.

أما المؤتمر الدولي لدعم الجيش اللبناني، فثبّت موعده مبدئيًا مطلع العام المقبل، من دون تحديد المكان، في إشارة إضافية إلى ضبابية الرؤية الفرنسية حيال آلية الدعم وشكله وسقفه السياسي.

وفي المقابل، تؤكد المعطيات أن التنسيق الدبلوماسي الفرنسي مستمرّ بشكل دوري مع واشنطن والرياض، ما يوحي بأن باريس ما زالت تتحرّك ضمن هوامش مرسومة سلفًا، لا خارجها.

اللافت أيضًا ما لم يقله الموفد الفرنسي. فلم يتطرّق لودريان لا إلى دور لجنة "الميكانيزم"، ولا إلى أي سيناريوات تصعيد أو حرب محتملة، كما تجاهل كليًا ملف تعيين السفير سيمون كرم، رغم أنه يعتبر، بحسب مصادر سياسية لـ "نداء الوطن"، تعيينًا برعاية أميركية، وإن كان يصنف رسميًا ضمن خانة الملف اللبناني الداخلي.

والكلام الذي طال لجنة "الميكانيزم" كان من منطلق عتب سياديّ على الدور الفرنسي الذي يجب أن يفعّل في اللجنة فكان الرد الفرنسي محصورًا بالعبارة التالية: "Cela a besoin de plus de communication"، في إشارة إلى الحاجة المضاعفة للتواصل والتنسيق.

أمّا اللافت في ما خص مواعيد الزيارة فتمثل بعدم لقائه أيَّ ممثل عن "حزب الله".

إذًا، هكذا، انتهت الزيارة الفرنسية كما بدأت: حراك دبلوماسي بلا مضمون سياسي جديد، ورسائل عامة لا تمسّ جوهر الأزمات اللبنانية المتراكمة.

زيارة تؤكد أن باريس لا تزال حاضرة بالاسم، لكنها غير راغبة في الانتقال من موقع المراقب القلق إلى موقع الفاعل القادر على إحداث فرق، ففي بلد يختنق تحت وطأة الاستحقاقات المؤجلة، يبدو أن "الزيارة للتذكير" لم تعد كافية، ولا مقنعة، ولا حتى مطمئنة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: