أما وقد أُسدلت الستارة على الإنتخابات النيابية وانهزم محور إيران - سوريا في لبنان، بات الملح الآن التوجه نحو استثمار هذا النصر المَبين الذي تحقق بسقوط الأكثرية الإيرانية في البرلمان اللبناني على أهميته وتاريخيته، فالمطلوب إعتباراً من تاريخ بدء أعمال مجلس النواب المنتخب إتفاق كافة القوى السيادية تحت قبة البرلمان على مواجهة الموضوع الأساسي بلا لفّ ولا دوران ولا تعمية وخصوصاً بلا خوف : التصدي لسلاح حزب الله والمضي قدماً في طرح هذا الموضوع الرئيسي قبل أي موضوع آخر على بساط البحث الوطني لأنه ممنوع على النواب السياديين والتغييريين تعويم خيار حزب السلاح لأكثريته الدستورية بمنحه انتصاراً أو مكسباً سياسياً.
لقد إنتهى زمان المهادنة والمسايرة وتدوير الزوايا، فلبنان واللبنانين الذين انتخبوا نواب الأمة السياديين ينتظرون ممن انتخبوهم الموقف والكلمة والمبادرة، فلا لإعادة عقارب الساعة الى الوراء :
لا لإعادة إنتخاب نبيه بري رئيساً للمجلس وإن كان لا بد منه فليُنتخب بأكثرية ضئيلة غير ميثاقية لا يكون لأي نائب سيادي مساهمة في ذلك .
ولا لحكومات وحدة وطنية أو إئتلافات كاذبة على غرار عشرات الحكومات السابقة الفاشلة والعقيمة،
ولا للديمقراطية التوافقية بعد الآن والتي أرست في الماضي قواعد المحاصصة والفساد والتسويات.
فلتكن بعد الآن حكومة تحكم وبرلمان يراقب ويحاسب ويشرع .
العودة المنتظمة الى العمل المؤسساتي يجب أن تكون سمة المرحلة فلا تعطيل ولا مساومات ولا مسايرة لأحد على حساب الدستور والمؤسسات والصالح العام .
يجب انتظام الحياة العامة وفتح كل ملفات الفساد وتوسيع التدقيق الجنائي ليشمل كافة المؤسسات الرسمية والإدارات العامة والمجالس والصناديق،
ويجب ولوج المفاوضات على الترسيم بجدية وبما يخدم مصلحة لبنان، فقط كما يجب إستئناف التفاوض مع صندوق النقد وتسريع الإصلاحات المطلوبة وإقرار القوانين ذات الصلة.
يجب قطع مزارب التهريب والفساد والزبائنية وعدم التردد في المحاسبة والإتهام والإحالة الى المحاكمات،كما
يجب إقرار قانون إستقلال السلطة القضائية لإعادة الهيبة الى القضاء وإطلاق دولة القانون كما التحقيقات في حادثة إنفجار المرفأ حتى النهاية وإحالة كل متهم الى العدالة .
وندعو الى تشكيل جبهة سيادية عريضة داخل البرلمان لمواجهة سلاح حزب الله وفك سيطرته على كافة المرافق العامة ومفاصل الدولة وإلغاء الإمتيازات والمكاسب التي حققها خلال عهد ميشال عون وتسليم سلاحه للدولة .
لم يعد مسموحاً بعد اليوم إستمرار النهج السابق في أي إدارة أو دائرة من دوائر لبنان الرسمي كما لم يعد مسموحاً الفلتان والرشاوى ولتزيد من تشريعات صارمة وزاجرة .
الحدود والمعابر غير الشرعية تقفل بالرضى والقبول والا بالقوة ولا مجال للمهادنة والتردد أمام استنزاف أموال وموارد اللبنانيين .
القطاع المصرفي يُعاد تنظيمه وتُعاد الأموال لأصحابها بموجب تشريعات جازمة حاسمة لا لبس فيها ولا مسايرة .
على حزب الله أن يستوعب بعد اليوم أن اللعبة انتهت وسيطرته على لبنان ومصادرة قراره السيادي باتا من الماضي ولا عودة اليهما .
وبدل أن يتهددنا النائبان محمد رعد وحسن فضل الله فالافضل لهما أن يقبلا بالتعاون على تسليم السلاح للدولة والانضمام الى العمل البرلماني والتشريعي البنّاء للبنان وأن يخرجوا من عقلية التبعية والإرتزاق لدى الاخرين، فلبنان قال كلمته والانتخابات أفرزت واقعاً جديداً يؤشر لبدء خروجه من الإختطاف الإيراني ومن عقود من الإنحدار والإنهيار …
فمن كانت له أذنان سامعتان فليسمع …
لبنان على طريق العودة الى الحضنين العربي والدولي، وبقدر ما ينجح البرلمان الجديد في التوجه السيادي والمواجهة بقدر ما تتراجع إيران ومشاريعها المشبوهة، وبقدر ما تبدأ رحلة النهوض والإصلاح ومكافحة الفساد ،فالمهم لا بل الأهم رفض العودة الى تسويات ومساومات ورفض تخييرنا بين السيادة والتغيير من جهة والأمن والاستقرار وكربجة المؤسسات من جهة ثانية .
