عقد في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، اليوم الأربعاء، لقاء حواري تشاركي مع وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد بدعوة من رئيسه شارل عربيد، حيث عرضت الوزير استراتيجية عملها في الوزارة ورؤيتها للمرحلة المقبلة.
وقد حضر الإجتماع، رئيس لجنة الصحة النائب بلال عبد الله، ورئيس لجنة حقوق الإنسان النائب ميشال موسى، بالإضافة إلى رئيس لجنة الإقتصاد النائب فريد البستاني، والمدير العام للمجلس الدكتور محمد سيف الدين، إلى جانب رئيس الإتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر ونائب رئيس المجلس الإقتصادي سعد الدين حميدي صقر وأعضاء المجلس.
وقد تم خلال اللقاء، نقاش حول الواقع الاجتماعي وتحدياته المختلفة وعمل المجلس ونشاط لجانه في الشؤون الاجتماعية والإنسانية، كما تم البحث في مجالات التعاون المشترك بين الوزارة والمجلس، لتحسين فرص التقدم في هذه الموضوعات ذات الاهتمام المشترك في إطار المصلحة العامة.
من جانبها، قدمت السيد رؤية وزارة الشؤون للعامين 2025–2026 خلال فعالية المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والتي ترتكز على “التحول الجذري في نموذج المساعدة إلى نموذج التنمية المستدامة، من خلال تعزيز الحماية الاجتماعية والإدماج الاقتصادي وتحديث مؤسسات الوزارة وبناها”.
كما شددت على ضرورة إصلاح شبكات الأمان الاجتماعي لتصبح أكثر عدالة وفاعلية، مشيرةً إلى أهمية الشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق الإدماج الاقتصادي للفئات المهمشة.
في السياق، عرضت أبرز الإصلاحات التي أطلقت، بما في ذلك رقمنة العمليات وإعادة هيكلة مراكز الخدمات الاجتماعية وتعزيز الشفافية. وتضمنت الرؤية ومقاربة قائمة على المناطق لتوجيه التنمية المحلية بحسب أولويات كل منطقة، إلى جانب التزام الوزارة بقيادة استجابة النزوح بالتوازي مع العمل على خطة العودة.
واختتم العرض بالتشديد على أن تمويل الحماية الاجتماعية هو استثمار في رأس المال البشري وليس عبئاً مالياً، داعيةً إلى تعزيز الإنفاق الاجتماعي ضمن إصلاحات الموازنة العامة.
بدوره، قدم عربيد مقاربة حول الشأن الإجتماعي الذي يراه “أبعد من الحاجات”، معتبراً الفرص التي تجعل من كل مجال من مجالات السياسة الاجتماعية عنصر تكامل في السياسات العامة، ومشيراً الى أن المجلس ينظر إلى هذا الملف في تكوينه نظرة إيمان.
كما أكّد أن السياسات الاجتماعية الناجحة تشكل مسألة حيوية في تصحيح النموذج الاقتصادي اللبناني وتصويب المسار الوطني برمته، وقال: “وهكذا، فإننا نحتوي في هذه المساحة ضجيج الشارع ومعايشة العمال وأصحاب العمل والمهن لقطاعاتهم وأفكار المتخصصين والخبراء، ثم ننتج منها مضامين سياساتية يسكنها الصالح العام أولا وأخيرا. فلا نتعاطى مع الأرقام كمعطيات رياضية باردة، بل كمؤشرات على حرارة الأزمات واكتواء الفئات الأكثر ضعفا بها، ووميض النور الذي تشعله الأفكار المستعدة لخلق الأمل من قلب شرارات الصعوبات الكثيرة”.
عربيد أضاف: “حين نصوغ الحلول والآراء، نسعى إلى تضمينها من جهة، أصوات المصانع وأنفاس العمال ورائحة السهول ونقرات الحواسيب الناقلة لمنتجات الفكر والكفاية وهواجس العائلات الرازحة تحت هم، أو الناظرة إلى أمل بالتعليم وحماية في الصحة وضمان للمستقبل. ومن جهة ثانية، مصالح الدولة الساعية إلى حجز مكانها وتحسين مكانتها في عالم شديد التنافس وفي بيئة من الصراع على تحقيق الميز التفاضلية، وفي سياق سباق دائم مع الوقت”.
وتابع: “بالشراكة والتكامل مع جهد الوزيرة السيد المخلص في وزارة الشؤون الاجتماعية، نتطلع إلى مسار من التعاون في إنضاج الفهم العميق للضرورات الاجتماعية الراهنة، وتحويله إلى زخم مشترك ومستدام يحقق الحماية والاستنهاض الاجتماعي والتحفيز بدلا من تسكين الشكوى والاكتفاء بالمطلب. ومن خلال هذا الاتجاه، نهتم في أولوية السياسات المتعلقة بالمرأة والطفل والشباب وأصحاب الهمم الخاصة، كما نتطلع إلى سياسات تتمحور حول الإنسان كقيمة وهدف وطاقة”.
ضمن هذا الإطار رأى أن لبنان اليوم أمام لحظة حساسة تضاعفت فيها معدلات الفقر وتراجعت معها الموارد وضعفت فيها ملامح الأمان الاجتماعي، لافتاً إلى أن الخدمات الأساسية باتت لجزء كبير من اللبنانيين امتيازاً خاصاً، حيث تحمل الأغلبية على عاتقهم مهاماً هي من واجبات الدولة.
وقال: “لكننا متمسكون بتأكيد توفر الإمكانية للنهوض، مع أولوية الاتجاه لتوسيع الطبقة الوسطى من خلال التعليم والتطوير المهني. ونرى في ذلك مسارا ليس ببعيد، بل اتجاها إجباريا تجعله التطورات العلمية أقرب”.
وبعد انتهاء اللقاء، اعتبر عربيد أن وزارة الشؤون هي وزارة سيادية أساسية ومهمة ونافعة، مشيراً إلى انه في الماضي كان هناك نظرة أخرى لهذه الوزارة، لكن بعد الشرح الذي سمع من الوزيرة، يجب ان يثق بها كل اللبنانيين وأن يكون لها موازنة أعلى، مضيفاً: “نحن كمجلس إقتصادي سنضغط لتحسينها”.
كما تابع: “لفتنا الكثير من المواضيع التي أثيرت في اللقاء أهمها موضوع الفقر ونسبته التي تبلغ 30 بالمئة”، مقترحاً أن يكون هناك حرب ضد الفقر في لبنان، ومشدداً على ضرورة تكافل وتضامن اللبنانيين من أجل محاربة الفقر التي لا تكون فقط من خلال المساعدات بل تكون أكثر من خلال التعليم.
في السياق، أثنى عربيد على مشروع القانون الذي ستقدمه الوزيرة السيد والذي يقضي بتغيير إسم وزارة الشؤون إلى وزارة التنمية من أجل تنمية الإنسان وإعطائه حياة كريمة وسكن مناسب، مؤكّداً أن هذا العمل من أول اولويات المجلس، وقال: “إذا لم ننظر إلى الشق الإجتماعي في لبنان لن ننجح في تخطي الأزمات”، مؤكداً ان لا يوجد وضع إجتماعي سليم من دون إقتصاد قوي وتعزيز الإنفاق الاجتماعي ضمن إصلاحات الموازنة العامة.
كما أبدى إستعداده لمساعدة الوزيرة من أجل تطبيق رؤيتها الشاملة التي اعتبر أنها تستحق دعماً من الحكومة.
وأما عن موضوع النزوح السوري، فقال: “قاربنا هذا الموضوع في المجلس الإقتصادي وشددنا على ضرورة تنظيم العودة للنازحين ومناقشة هذا الأمر بكل صراحة مع التركيز على الشق الإنساني”، مشدداً على ضرورة بدء عودة النازحين، لأن الظروف تغير في المنطقة ولم يعد هناك من سبب لبقائهم في لبنان ويجب أخذ قرار وطني في هذا الموضوع.
من جانبها شكرت السيد رئيس المجلس الاقتصادي والبيئي شارل عربيد على استضافته وقالت: “احب ان اؤكد ان مشاركتي عن وزارة الشؤون الاجتماعية والتي قريبا سيصبح اسمها وزارة التنمية الاجتماعية او التنمية البشرية هي بهدف تكثيف هذه اللقاءات وهذا الحوار الذي هو ليس فقط للحوار بل هو حديث عن السياسات والبرامج وتفعيلها ورؤية مجددة للوزارة، وكما نعلم فإن نسب الفقر في لبنان 33 بالمئة وهي نسبة غير مقبولة. ورؤيتنا هي انه بعد خمس او عشر سنوات يجب ان تصل نسبة الفقر الى صفر”.
السيد أكّدت ان الوزارة حريصة على ألا يكون هناك اي مواطن في لبنان محتاجاً او لا يمكن للدولة ان تساعده.
وأردفت: “اليوم عرضت برامج عدة ورؤية مجددة للوزارة، والتي تشمل اولا، تفعيل العلاقة بين الدولة والمواطن عبر البرامج التي تقدمها وزارة الشؤون وكيف يمكن تعزيز وتفعيل هذه البرامج، إن كانت عبر مراكز الشؤون الاجتماعية المنتشرة في كل المناطق او عبر الشراكة التي تقدمها الوزارة عبر مؤسسات اجتماعية وغيرها.
وذكرت ان البيان الوزاري تضمن فقرة هامة تتحدث عن الشأن الإجتماعي وتعد الحكومة في هذا الاطار بزيادة الاهتمام والإنفاق في الشأن الاجتماعي، وقالت: “هذا ما نسعى اليه في تحضير الموازنة الجديدة وهذا بالطبع يتطلب نموا اقتصاديا وخلق فرص عمل، ومن اولوياتنا تشبيك برامج وزارة الشؤون مع القطاع الخاص ليتم خلق فرص للعمل للمستفيدين من برامج الوزارة”.
وأما عن موضوع النازحين، لفتت الى ان مجلس الوزراء أقر خطة العودة، وهي اول خطة منذ 2014 التي تقرها الحكومة. وأضافت: “المعروف اليوم ان الواقع تغير في سوريا وقد اصبح الآن بمقدور الكثير من السوريين الموجودين في لبنان، ان يعودوا الى بلدهم ونحن نعمل مع المجتمع الدولي وطبعا الجهات السورية لنؤمن هذه العودة وسنعقد في الغد لقاء ومؤتمرا صحافيا مشتركا مع المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي لتمويل هذه العودة والمساعدة في إعادة النازحين في اسرع وقت”.