الانعطافات الحادة ميزة يشتهر بها الجنرال ميشال عون وجمهوره منذ وصوله الاول الى بعبدا عام 1988، ميزة لا تقتصر عليه في لبنان. لكن إنعطافته عبر تفاهم "مار مخايل" مع "الحزب" عام 2006، تكاد تكون إنعطافة "قاتلة" لصورة عون و "تياره" المتمسك بالشرعية والسيادة والرافض للسلاح غير الشرعي وللولاءات الخارجية.
عقب هذه الإنعطافة، إنغمست الحالة العونية في محور الممانعة حتى إنتهى الحال بها ساحة مشرّعة لأفكاره وشعاراته وأدبياته وأرضاً خصبة لسلوكياته يغرف منها جماهرياً ويصطاد اشخاصاً يجندهم لخدمة مشروعه، وما الوجوه العونية التي تطالها العقوبات الاميركية لتورطها بخلايا لـ"الحزب" أو تبييض الاموال لمصلحته إلا خير دليل على ذلك.
بالامس وخلال لقاء باسيل وجمهوره، صرخ العونييون "صهيوني، صهيوني، سمير جعجع صهيوني"، فسارع باسيل الى إستيقافهم قائلاً: "مش بالكلام بتثبتو هالشي.. مشروعو بثبت عنو".
إنه إفلاس باسيل المتكرر، إفلاس اخلاقي قبل أن يكون إفلاساً سياسياً. الاتهام بالصهيونية غير مقبول من "حزب الله" الذي يتباهى بقتاله ضد إسرائيل وبولائه الكلي للجمهورية الاسلامية الايرانية أو جمهورية "إيران غايت"، فكيف متى أتى من عوني. لن نغوص في بحث تاريخي عن علاقات المكونات اللبنانية مع الخارج بما فيه إسرائيل ولا عن التهليل لجيشها. لكننا سنتوقف عند بعض المواقف المرتبطة بعون وصهره باسيل وبعض المحطات ليس بهدف ردعهم لأن من لا تردعه أخلاقه لا يمكن أن يردعه شيء بل فقط لإنعاش من خانته ذاكرته.
في المواقف، هذه عينة من تصاريح باسيل بشأن إسرائيل:* 28/12/2017، قال باسيل عبر "الميادين": "الخلاف مع إسرائيل ليس أيديولوجياً، نحن لا نرفض أن يكون هناك وجود لإسرائيل وحقها بالعيش بأمان...".
* 8/11/2020، أعلن باسيل في مؤتمر صحافي مطول بعد يومين على العقوبات الأميركية عليه: "نحن نختلف مع الحزب حول أمور أساسية وعقائدية، مثل السلام في المنطقة، ووجود إسرائيل (...) ولإسرائيل الحق بالأمن".
* 13/5/2022، صرح باسيل عبر الـlbci: "أحب أن نتوصل إلى سلام مع إسرائيل وحزب الله لا يؤيدني في هذا الموضوع فيجب أن نتوصل إلى السلام ولكن السلام لديه شروطه".
في الممارسات، لا يوجد قواتي واحد بين من تم توقيفهم بتهمة التعامل او التواصل مع إسرائيل منذ العام 1990 ، فيما هناك العديد من العونيين - وفي طليعتهم القيادي العوني العميد فايز كرم - ممن تم توقيفهم ومحاكمتهم وسجنهم. أضف الى بصمات باسيل و"التيار" في ملف عامر فاخوري وما رافق خروجه من السجن.
أما بالعودة الى مرحلة الحرب، فالاجدى بباسيل وتياره عدم فتح هذه الصفحة إذ إن إبتسامة عون في لقاء ضباط من الجيشين اللبناني والاسرائيلي في منطقة المتحف حاضرة في الذاكرة وعبر بحث بسيط على محرك Google. كذلك هو موقف نصرالله في 6/11/1989 خلال احتفال تأبيني في حسينية الرمل في برج البراجنة في الذكرى الأولى لعبد الله عطوي حيث قال: "في لبنان مشكلة اسمها ميشال عون، أنه حالة إسرائيلية صدامية وتدميرية ولا يرى إلا مصالحه الشخصية ومصالح طائفته. فهو النهج الماروني العنصري في الشرقية".
نعت سمير جعجع بالصهيوني هتاف شعبوي ممجوج، أما تأييد باسيل له فإفلاس أخلاقي مستدام يلجأ اليه عند المفاصل السياسية متى شعر أنه مأزوم... أعان الله لبنان وشعبه على زمرة من السياسيين تدعي أنها "مكلفة من الله" أو مخوّلة بتوزيع شهادات بالوطنية.