لا تقتصر المخاوف على الوضع الأمني الداخلي، بل تتزايد على الحدودَين الجنوبية والشرقية، وفق خلاصة "تقدير موقف" تلقّاه أحد كبار المسؤولين، ينصّ على "خشية صريحة من اتساع دائرة التفلّت الإسرائيلي، لمحاولة فرض وقائع أمنية جديدة في أماكن مختلفة بهدف تضييق الخناق على لبنان".
ووفق "تقدير الموقف"، فإنّ مصدر هذه الخشية هو الاتفاق الأمني المزمع توقيعه بين سوريا وإسرائيل خلال فترة قصيرة، يُتحدَّث عنها بالأيام القليلة المقبلة. ويشدّد التقرير على أنّ الخطر كبير جداً، إذ إنّ إسرائيل متفلّتة ولا تشعر بوجود رادع لها، وتحظى بدعم كامل ومباشر من الولايات المتحدة الأميركية. ومن هنا، يُحذَّر المسؤولون في لبنان من إهمال احتمال أن يمتد الخطر إلى منطقة البقاع، باعتبار أنّ تمدّد إسرائيل في سوريا ليس محدوداً. فلا شيء يمنعها من التقدّم عسكرياً وصولاً إلى مشارف المصنع، أي مشارف البقاع، واستحداث نقاط شبيهة بتلك التي تحتلها في الجنوب، بما يفرض واقعاً أمنياً جديداً أشبه بالحزام الأمني، ويضاعف الضغوط على لبنان لدفعه إلى اتفاق أمني معها أو إلى ما هو أبعد من ذلك.
وفي السياق، يشير "تقدير الموقف" نفسه إلى أنّ العدوان الإسرائيلي الواسع يبقى احتمالاً قائماً، إلّا أنّ مسؤولاً كبيراً لا يراه ممكناً في المرحلة الحالية. ويوضح رداً على سؤال: "لا يُستبعد أي أمر من إسرائيل، لكن العدوان الشامل على لبنان أو غيره يصبح ممكناً إذا تمكّنت إسرائيل من حسم الحرب في غزة، وهو ما لم يحصل حتى الآن وقد لا يحصل".
أضاف المسؤول: "هذا لا يعني أن يُترك لبنان بعيداً عن الاستهداف. فالإسرائيليون ومعهم الأميركيون يريدون نزع سلاح "حزب الله" ولم ينجحوا بذلك، ما يضع لبنان أمام مرحلة ضغوط متزايدة، سواء عبر تصعيد الاعتداءات، رفع وتيرة الاغتيالات، أو استهداف المدنيين على غرار ما حصل في مجزرة بنت جبيل، إضافة إلى الضغوط على الدولة اللبنانية لدفعها نحو خطوات لا تحظى بإجماع داخلي، مثل الترجمة العملية لقرار نزع سلاح "حزب الله". وهذا من شأنه إدخال البلد في دوامة توترات وإشكالات سياسية وربما صدامات مفتعلة".