الـ lifting لا ينفع فرنجية

سليمان-فرنجية

لطالما تميّز رئيس تيار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجيّة بإلتزامه بـمحور الممانعة الذي يحلو له أن يسميه "الخط"، وبصداقته "الاخوية" مع الرئيس السوري بشار الاسد، ولطالما تباهى بذلك ويُسجل له الوفاء ليس فقط لمحوره بل للأسد شخصياً حيث كان الى جانبه في أكثر فترات ضعفه خلال الحرب السورية.

هذا الارتباط بينهما نابع من علاقة عائلية تاريخية بين آل فرنجية وآل الاسد منذ لجوء سليمان فرنجية الجد أواخر خمسينيات القرن الماضي الى سوريا بعدما كان مطلوباً في لبنان بملف مجزرة كنيسة مزيارة. كما كان سليمان الحفيد في الأساس على علاقة أكثر من وطيدة مع الراحل باسل حافظ الاسد، وقد أطلق إسم باسل على نجله الثاني تيمناً به.

اليوم، وفي زمن إستحقاق رئاسة الجمهورية، فرنجية مرشح "مع وقف التنفيذ" بإنتظار أن يعطي "حزب الله" الضوء الأخضر وأن يحسم بالعلن بينه وبين حليفه "اللدود" في "الخط" رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل.

كما إن فرنجية طوعياً في "بيت الطاعة" لدى حارة حريك وإنطلاقاً من قناعة ذاتية، فهو أثبت ذلك بالفعل لا بالقول في الاستحقاق الرئاسي بين عامي 2014 و2016 حين كان مرشحاً وقاطع جلسات إنتخابه أو حين لم يكتفِ بالمباركة للجنرال عون بفوزه بل أعرب عن إستعداده لزيارة بعبدا متى "يستدعيه" الرئيس.

وها هو فرنجية يكرّر هذا الدور اليوم عبر عدم ترشّحه جهاراً وإرتضاء الخضوع للعبة "الورقة البيضاء" ومساهمة نواب تكتله بتطيير النصاب عبر التسلل من القاعة العامة لمجلس النواب.

في الوقت الضائع، تعتمد الحملة الترويجية لفرنجيّة على التسويق بأنه "مرشح توافقي وهو مناسب لهذه المرحلة"، وقد كرّر نجله النائب طوني فرنجية هذا القول حرفياً في حلقة "صار الوقت" عبر الـmtv في 1/12/2022، مضيفاً: "نريد مرشحاً منفتحاً على الجميع، ولديه القدرة على التواصل مع مختلف الأفرقاء في لبنان، وهذا ما ينطبق على فرنجية".

كما تروّج الحملة أن بإمكانه التواصل مع الجميع وأنه يتمتع بعلاقات دولية وعربية بما فيها علاقة عائلية مع المملكة العربية السعودية منذ سليمان فرنجية الجد. كذلك تسوّق أن لا حظوظ للمرشّح المعلن النائب ميشال معوض، وهذا ما أعلنه فرنجية الإبن في الحلقة نفسها بقوله: "كل من يدعم معوّض يعلم جيداً أنّ لا حظوظ فعلية له".

هذه الحجج هي أشبه بعملية lifting سياسي لفرنجية لكنها لا تجدي نفعاً. فالقول إنه مرشّح توافقي إستغباء للشعب اللبناني، وهذا "التذاكي" لا ينطلي على المجتمع الدولي. فرنجية "ماركة مسجلة" لقوى "8 آذار" وليس كميشال عون حتى. أما العلاقات العائلية فليست هي من يحكم سياسات الدول، خصوصاً في ظل نمط الحكم الجديد في السعودية الذي يُقارب الملف الرئاسي بشموليته وليس بجزئياته، إذ لا تتدخل المملكة بالأسماء لكنّ موقفها محسوم لجهة رفض وصول مرشّح لـ"حزب الله" وبالتالي دعم عهده.

إن طموح فرنجية أمر مشروع وإن كان يعيب على معوض حظوظه في ظل موازين القوى الشائكة في مجلس العام 2022، فبالطبع حظوظ زعيم "المردة" ليست أفضل، لا بل إن فرضنا أن المسألة لعبة أرقام فإن كان معوض بحاجة لإقناع "التغييريين" والمستقلين و"قدامى المستقبل"، ففرنجية بحاجة لكسب أصوات من هؤلاء وكذلك "التيار الوطني" وربما حتى أصوات الحزب "التقدمي"، وقد قال فرنجية الإبن عبر "صار الوقت": "العلاقة مع "التقدمي" تاريخية ويجمعنا معهم البعد الوطني والعروبي وكما يجمعنا الماضي سيجمعنا المستقبل أيضاً".

في 13/2/2019، أعلنها نائب "حزب الله" نواف الموسوي جهاراً من قلب ساحة النجمة: "الرئيس ميشال عون وصل الى بعبدا ببندقية المقاومة". كذلك في حقبة الثورة العربية الكبرى (1916 - 1918)، حين أراد أمير نجد عبد العزيز بن سعود السخرية من دخول قوات الشريف فيصل بن الحسين لدمشق وإحتلالها بتحالف مع الإنكليز، فإستدعى شاعر بلاطه "فؤاد حمزة" الذي أنشد قصيدة مطلعها ذلك البيت الفكاهي: "بسيفك أم بسيف الإنكليزي دخلت بلاد الشام easy"؟!

لذا Take it easy، فلا ادّعاء "المرشح التوافقي" ولا الترويج لامتلاك مروحة واسعة من العلاقات العربية والدولية قد يوصل فرنجية الى بعبدا واسألوا الموسوي أو شاعر البلاط.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: