"القوات" تُحيي صمود مي شدياق

WhatsApp Image 2025-09-26 at 10.48.09_22dbe91e

أقيم احتفال لمناسبة الذكرى العشرين لمحاولة اغتيال الوزيرة والإعلامية مي شدياق، بدعوة من جهاز الإعلام والتواصل في حزب "القوات اللبنانية"، برعاية رئيس الحزب سمير جعجع، في فندق "Citea" في الأشرفية، حضره النائب غسان حاصباني ممثلا رئيس الحزب.

قال حاصباني:"شرفني جعجع وكلفني بهذه المهمة العزيزة جدا على قلبي. أقف أمامكم اليوم وقلبي يختلج بين ألم الماضي وفخر الحاضر، لأننا نجتمع لنحتفل بذاكرة امرأة لم تنكس، بل صارت رمزا للصمود والإصرار. قبل عشرين عاما في 25 أيلول 2005 تعرضت صديقتي وزميلتي الدكتورة مي شدياق لمحاولة اغتيال عبر تفجير سيارتها، أدت إلى فقدانها ساقها اليسرى وذراعها. هي وقفت أمام الموت وجها لوجه، فلم تخرج من المعركة بل دخلت منها أكثر قوة وإيمانا بمهمتنا المشتركة".

اضاف:"مي، يا من علمتنا كيف نواجه الخوف بابتسامة لا تنطفئ، كنت دائما أكثر من زميلة. كنت صوت الذين لا صوت لهم، وضمير مهنة تحببت إليها. في لحظة حاولوا أن يطفئوا نورك، فإذا به يزداد وهجا. لم تكن الجراح التي حملتها جسدا فحسب، بل أصبحت دروسا تعلمتها الأجيال، درسا في الشجاعة، درسا في الإنقاذ من اليأس، درسا في أن قيمنا لا تطفأ بدم ولا بتخويف ولا بتفجير".

تابع: "أتذكر كيف اجتمع الكل حولك، وكيف تحول الخوف إلى قرار أنك ستعودين إلى الساحة، إلى قلب الوطن. وعَدت وعُدت لأن قضيتك كانت أكبر منك ومني ومن كل واحد فينا. وعدت لأن الحقيقة كانت أمانة في عنقك، ولأننا عرفنا منذ البداية أن الإذعان للخوف هو أول خطوة نحو خسارة الحرية نفسها. استحقت لقب الإعلامية الحقيقية، والقيادية الفكرية، والسياسية المخضرمة، والمناضلة الوفية للقضية. مي شدياق لم تكن إعلامية عادية، بل أيقونة صلبة واجهت محاولات الإلغاء والإسكات. حاولوا إخفات صوتها الإعلامي، لكنها عادت أكثر حضورا، كمحركة للسياسة والمجتمع، مدربة أجيال الشباب، ومتابعة أبحاثها، وبشيرة بانفتاح واستنارة في الفكر السياسي والإعلامي. وحين سعوا إلى تشويه صورتها واضطهادها، برزت كوزيرة إصلاحية قلبت مفاهيم الإدارة العامة، وأعادت تعريف معنى الحوكمة والشفافية وطرحت استراتيجية متكاملة ومتطورة للرقمنة".

أردف:" تحدت مي شدياق الموت وغلبته، فجعلتنا نستحضر خطبة الفصح للقديس يوحنا الذهبي الفم حيث قال: «أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا جحيم؟». تحدت الموت وغلبته، وشياطين العالم لم تقو عليها. ذهب نظام الأسد وبقيت هي، تزول أدواته وتتفكك منظومته، وهي حاضرة باقية، شاهدة على أن إرادة الحياة أقوى من أداة الموت. النساء والرجال الذين يجرؤون على قول الحقيقة هم هدف دائم، لكن من يملك قلبا مثل قلبك لن ينهزم. عادت مي بشجاعة غير مألوفة لتعلمنا أن الجرح يمكن أن يتحول إلى وسام، وأن الإعاقة يمكن أن تكون بداية فصل جديد من العطاء. لم تطلب التعاطف بل طلبت الالتزام التزاما لمواصلة العمل من أجل وطن أفضل، أكثر عدلا، أكثر شفافية".

تابع: " إلى من نسي أو تحايل على ذكرى هذا اليوم: لا نذكر محاولة الاغتيال كي نغوص في الحزن، بل لنستذكر قيمة الواجب والشجاعة. لا نحتفل بالألم بقدر ما نقدر نصر الإرادة على الرعب. في هذا اليوم نكرم ليس فقط امرأة تعرضت لهجوم، بل نكرم فكرة أن الكلمة الحرة والحق العام لم تخلق لتدفن في بطون الخوف".

واستذكر كيف تعرف على شدياق منذ سنوات بعد الحادثة، "حيث أنقذتني في سيارتها الرباعية الدفع من ثلوج عيون السيمان وترافقنا إلى الطريق حيث تبادلنا سير الحياة، ومنذ ذلك الحين عملنا كفريق في مشاريع كثيرة، أولها مؤسسة مي شدياق التي أصبحت شعاعا لنور المعرفة والفكر في ظلمة الجهل. كصديق ورفيق درب، أقول لك، مي: شكرا. شكرا لأنك أعطيتنا درسا عمليا في معنى المرافقة والمقاومة. شكرا لأنك جعلت من ألمك منبرا للحق ومن خسارتك منبرا للأمل. لقد كنا معك حين احتاجك الوطن، وها نحن اليوم معك أكثر من أي وقت مضى؛ لأن صمودك علمنا أن نكون أصحاب مسؤولية، لا متفرجين".

وقال:"لكل من سأل يوما: ما الذي تغير؟ أقول لهم ما تغير هو أننا اليوم أكثر وعيا، أكثر استعدادا لمواجهة كل شكل من أشكال العنف ضد حرية التعبير والعمل العام. ما تغير أيضا هو أننا أدركنا أن العدالة لا تأتي من لحظة احتفال واحدة، بل من عمل متواصل، من مؤسسات قوية وخطاب وطني واحد لا يسمح بخنق صوت حر."

ختم :"أرفع إليك يدي على عهد جديد: عهد أن نبقي ذاكرتك وقصتك نبراسا. عهد أن نعلم الشباب أن التضحية ليست هدرا، وأن الجرأة على القول والحقيقة هي السبيل لبناء مجتمع غير خائف. عهد أن نعمل حتى تصبح محاولات الصمت والفزع مجرد صفحات سوداء في تاريخ ننسى سببها. مي، أعطيت لنا درسا قاسيا وجميلا معا، قاسيا لأنك تحملين ألم الجراح، وجميلا لأنك اخترت أن تحولي هذا الألم إلى قوة للجميع. فلتبق خطواتك ثابتة على طريق الحق، ولتبق كلمتك منارة لا ينطفئ نورها. رحم الله كل روح ضحت من أجل الحقيقة، وأطال الله عمر كأي شدياق وشهدائنا الأحياء، وحمى كل من يحاول حمل مشعلها. وإلى الأمام، من أجل حرية التعبير، من أجل كرامة المواطن، ومن أجل وطن تستحقه مي وكل من ناضلوا ويناضلون".

ثم كانت كلمة لشدياق قالت فيها:"عشرون عاما على ذاك الخامس والعشرين من أيلول يوم انقضوا علي بحقدهم الفاجر وإجرامهم الكافر ففجروا جسدي سعيًا للقضاء على كلمتي. ومنذ ذاك التاريخ أحمل في جسدي الممزق بصمات "داعشيتهم"وأعيش جلجلة اوجاع لا تستكين، آلام مرهقة، كافرة، جشعة، لا تشبع من عذاباتي وتتلذذ بتنغيص حياتي فكانت عمليات جراحية مؤلمة تخطت الأربعين، وإعادة تأهيل صعبة أنهكت أطرافي، ومضاعفات أفقدتني المناعة فأسفرت عن مرض منهك لم يستطع هو أيضا النيل مني، إلى أن كان حادث باب الفندق في باريس الذي كاد ينهش ما تبقى من عظامي. تجارب طبية قاسية لم تكسرني، أرادوه تاريخ وفاتي فكان الولادة الثانية لحياتي".

أضافت: "لكن الاصح أن عزمي زاد عزيمة، وارادتي أزهرت صلابة، والتزامي تعمد بالدم. حكما أضعف أحيانا، أتنهد أوجاعا، لكن ما أن أتذكر أن الرب اراد أن أسير على خطاه، ودعاني لأحمل الصليب بفرح وأحوله الى علامة رجاء، حتى أنتفض على ذاتي وأتمرد على اوجاعي متسلحة بكلمة "مع آلامك يا يسوع".

‏‎تابعت: "هذا ما دفعني لتأسيس مؤسسة مي شدياق، إنها أبعد من إثبات الذات، ومن اعتناق حب الحياة، إنها فعل إيمان بأن الشر مهما تجبر لا ينتصر على الخير الساكن في الإنسان، إنها فعل رجاء بأن الإرادة أقوى من الصعوبات أو أي مأساة".

 وقالت:"عشرون مرة مر الخامس والعشرون من أيلول لكن هذا العام نكهته مختلفة. فنظام الأسد المجرم الذي تفنن في قهرنا وقمعنا وقتلنا،وفي استباحة وطننا، وسرقة أحلامنا وأعمارنا، والذي نكل وفجر وإغتال ونهب ثروات بلادنا والأموال، فر مهرولا الى مزبلة التاريخ، ذليلا، مرذولا، منبوذا ولكن سيناله القضاء وانا من اكثر الداعين إلى ان يحاكم هو والده حافظ الأسد، امام محكمة دولية، عليهما ان يدفعا ثمن كل افعالهما التي ارتكباها في حق الشعب السوري وحقنا جميعا كلبنانيين. ان محور ممانعتهم، الذي جعل من لبنان ساحة مستباحة وصندوق بريد كرمى لطهران. ها هو يترنح وفي طريقه الى خبر كان. أما حزب الله، وبعيدا عن الشماتة التي لطالما مارسها في حق السياديين، وعن تنمره الذي احترفه وجمهوره في حق أوجاعي، فهو اليوم يحصد ما جنت يداه. هذا ليس شماتة بل قراءة لواقع دارت فيه الأيام ولم توفر أحدا بل أوجعتنا جميعا. هذه هي الحقيقة بلا مبالغة أو محاباة. انهزم خياره، إنهار مشروعه، انكشف خطابه، ورغم ذلك يواصل الانكار، ويصر على أخذ لبنان الى الانتحار. يكابر بسلاح أصبح من الماضي، لا أفق له ولا مستقبل. لكنه لن يرحم ولم يردع. لذا خير لحزب الله ان يتخلى عن مغامراته وارتباطاته، وهو الذي يدرك جيدا، أن كسب الوقت والهروب الى الامام، لن يجديا نفعا. خير له أن يكف عن مسلسل استفزاز اللبنانيين، وآخر حلقاته، إضاءة بكل وقاحة، عن انارة صخرة الروشة بأمينيه العامين الراحلين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين. بعدما ذكر أنه تراجع في آخر لحظة واكتفى بتجمع أمام الصخرة. ولكن عادت المعلومات لتذكر ان الرئيس بري مستاء من انقلاب حزب الله على قراره، كيف مع هذه الافعال ان يندمل الجرح والفتيل كاد ينفجر. وها هي الاخبار تقول بأنهم شكوا علم المقاومة الإسلامية - علم حزب الله فرع ايران على الصخرة. ولكن نسوا ان على صخرة الروشة يقوم البعض بالانتحار ، وها هم اليوم يكملون بمسيرة الانتحار. مثل هذا اليوم تحديدا، قسموني إلى قسمين واليوم هم وضعوا على صخرة الروشة صورتين بينما أنا ما زلت واقفة على رجل واحدة فيما هما تحت الارض".

‏‎اضافت:" حزب الله المهزوم يستمر بعنجهيته، ولكن البيارتة واللبنانيين سئموا من ممارساته. يستفزهم عوض أن يعتذر عن 7 أيار الذي يعتبره يوما مجيدا. يستفزهم عوض أن يكفر عن اغتياله الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو الذي اعتبر كوادره الذين أدانتهم المحكمة الدولية بالاغتيال " أشرف الناس وطوباويين!"وقاحة ما بعدها وقاحة. يستفزهم عوض أن يخجل من رهاناته الخاطئة وأكذوبة "وحدة الساحات" التي اقحمت لبنان في مستنقع الدم والدمار. يقدس سلاحه ويعتبر أنه سلاح الله ويهدد ويتوعد. لكن مهلا، في عز جبروته لم نهبه في خضم اغتيالاته لم نهادنه، في ذروة فائض قوته لم نسكت عن ارتكاباته. ولى زمن 7 أيار ولا احد يريد حربا أهلية! وإن تجرأ على استخدام سلاحه في الداخل، يرسم بيديه نهايته حينها".

 تابعت:" لذا الأجدى به أن يتعظ. حقه ان يكون لاعبا سياسيا في لبنان، من دون منة من أحد، لا لاعبا بأمن لبنان واستقراره. وحجمه يستمده من صناديق الاقتراع لا صناديق الرصاص. مسيرة العبور الى الدولة انطلقت، بين حدي خطاب القسم للرئيس جوزاف عون والبيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام، وعلى وقع المتغيرات المفصلية التي تعيشها المنطقة بعد السابع من اكتوبر. فإما أن ينضم فنتشارك جميعا في بناء الدولة، وترسيخ استقرار وإزدهار الوطن، وإما يتقهقهر في شرنقة إيديولوجياته وارتباطاته. هذه المسيرة دفعنا ثمنها غاليا، دفعنا البشير وكل شهداء المقاومة اللبنانية، دفعنا شهداء ثورة الأرز وانا دفعت من جسدي جسدا. هذه المسيرة كانت طليعية بها القوات اللبنانية التي نجتمع اليوم بدعوة من دائرتها الإعلامية. في الحقيقة الشكر ليس في مكانه بل الحب والتقدير لها ولنضالها في ساحات الكلمة".

ختمت: "لا قهر يستمر ولا ظلم يبقى ولا فوقية تدوم. تضحياتنا ستثمر لا محال، ولبنان سيبقى رمز الفرح والازدهار وستعود العدالة وسننعم بالاستقرار وسنترسخ موطنا فريدا للحرية والتعددية".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: