لكل دائرة إنتخابية خصوصيتها وأهميتها في نظر "القوات اللبنانية"، فإن كانت المعركة في دائرة الشمال الاولى مثلاً تعني إسقاط "شو قلها القوات بطرابلس"، في بعلبك – الهرمل المواجهة الصافية بين مشروع "حزب الله" والمشروع السيادي، في بعبدا تحرير مقعد ماروني ثانٍ من قبضة "الحزب" واعادته للخط السيادي، في صيدا – جزين كسر أكذوبة أن الناخبين السنة في صيدا لا يتقبلونها، في البقاع الغربي تثبيت حجمها كالفريق الاول مسيحياً بعدما تعرضت لحرب إلغاء من الاصدقاء قبل الاخصام، فلدائرة "الشمال الثالثة" نكهتها أكان من حيث المبارزة بالصوت المسيحي أو من حيث إحتضانها لمسقط رأس القادة المسيحيين: سمير جعجع في بشري وسليمان فرنجية في زغرتا وجبران باسيل في البترون.
منذ إنتخابات العام 2005، اثبتت "القوات اللبنانية" انها الفريق الاقوى شعبياً في هذه الدائرة وكرّست ذلك مع القانون الانتخابي الجديد عام 2018 حيث فاز 3 نواب حزبيين وحصدت كحزب اكبر عدد من الاصوات. يومها سقط النائب فادي كرم رغم حلوله أولاً في الكورة وبفارق كبير عن اول الفائزين، فراح المغرضون يروّجون أن سمير جعجع ضحى به كي لا يُخرق في قضاء بشري.
في العام 2022، عاد هؤلاء الى نغمة التضليل عبر الترويج من خلال وسائل الاعلام ان جعجع سيُعيد الكَرّة مع المرشج غياث يزبك ويكون "كبش فداء" لمنع الخرق في بشري. إلا ان فوز ستريدا جعجع وفادي كرم وغياث يزبك بالمقاعد النيابية وعدم نجاح المرشح جوزف اسحق أسقط كل هذه الاضاليل والافتراءات وأكد المؤكد ان "القوات اللبنانية" حزب وليست "عشيرة" سمير جعجع وهو في الأساس يخوض معركة كل مرشحي "القوات".
كما ان كل الاحصاءات كانت تجزم بأن لدى "القوات" ثلاثة حواصل وتعمل لكسب الرابع وكانت تظهر ان المرشح جوزف اسحق يحل في المرتبة الرابعة، فلو كان جعجع متقوقعاً في حسابات مناطقية لأمر عدداً من القواتيين بالتصويت للائحة في الكورة والبترون من دون منح صوت تفضيلي بما يؤمن إنتقال إسحق من المرتبة الرابعة الى الثانية.
أما في لغة الارقام، فمقارنة بسيطة بين انتخابات العام 2018 والعام 2022 تظهر تقدم "القوات" من حيث عدد الاصوات وإن فشلت بـ"تقريشها" مقعداً نيابياً رابعاً:
أ- عام 2022 حصدت لائحة "القوات" 39844 صوتاً بعدما حصدت عام 2018 رقماً بلغ 37376 صوتاً وكانت متحالفة مع حزب "الكتائب" الذي وفّر للائحة نحو 3 الاف صوت حصدها مرشحوه كأصوات تفضيلية. ما يعني أن "القوات" تقدمت هذا العام بنحو 5 الاف صوت من ضمنها أصوات حليفها الوحيد في الدائرة مخايل الدويهي.
ب- عام 2022 حصدت لائحة "التيار" 17077 صوتاً بالتحالف مع احد الاجنحة القومية بعدما حصدت عام 2018 رقماً بلغ 33342 صوتاً وكانت متحالفة مع ميشال معوض وجواد بولس وروي عيسى الخوري و "تيار المستقبل" الذي رشّح نقولا غصن الذين حصدوا معاً نحو 13 الف صوت، من دون ان نحتسب اصوات السنة الذين إقترعوا بطلب علني من الرئيس سعد الحريري لصديقه جبران باسيل. ما يعني عملياً ان "التيار" تراجع أقله 3300 صوت.
ت- عام 2018 حلّ باسيل اولاً في الدائرة، أما في العام 2022 فحلّ باسيل خامساً بعدما تصدر الفائزين جعجع يليها كرم فيزبك ثم إسحق.
ث- عام 2018، حلّ باسيل أولاً في البترون وحصد 12269 صوتاً اي 39.765% من الاصوات في القضاء فيما حصد مرشح "القوات" يومها الدكتور فادي سعد 9842 صوتاً أي 31.899%. أما عام 2022، فحلّ مرشح "القوات" غياث يزبك اولاً بـ 11094 صوتاً ونال 33.098% من اصوات القضاء فيما حصد باسيل 8922 صوتاً ونال 26.618% من اصوات القضاء.
ج- تراجع عدد الاصوات التي حصدها مرشحو "التيار الوطني الحر" و"المردة" ووليم طوق هذه الدورة مقارنة بالعام 2018، فيما ازداد عدد الاصوات التي حصدها مرشحو "القوات" وميشال معوض.
القضاء | اسم المرشح | دورة 2018 | دورة 2022 |
بشري | ستريدا جعجع | 6677 صوتاً | 7924 صوتاً |
بشري | جوزف اسحق | 5990 صوتاً | 6391 صوتاً |
بشري | وليم طوق | 4649 صوتاً | 3566 صوتاً |
الكورة | فادي كرم | 7822 صوتاً | 9226 صوتاً |
الكورة | جورج عطالله | 3383 صوتاً | 2698 صوتاً |
زغرتا | بيار رفول | 3749 صوتاً | 2297 صوتاً |
زغرتا | طوني فرنجية | 11407 صوتاً | 8945 صوتاً |
زغرتا | ميشال معوض | 8571 صوتاً | 9261 صوتاً |
البترون | جبران باسيل | 12269 صوتاً | 8922 صوتاً |
البترون | فادي سعد/ غياث يزبك | 9842 صوتاً | 11094 صوتاً |
ح- لاعب جديد فرض نفسه في إنتخابات 2022 هو "شمالنا" الذي تبلور بعد "17 تشرين" وحقق إنجازاً بتأمين حاصل وإيصال الدكتور ميشال الدويهي الى ساحة النجمة إلا أننا لم نتناوله في قراءتنا لإنه لم يكن موجوداً عام 2018 وإنتخابات العام 2026 وحدها الكفيلة بإظهار هل هو "فورة كبد" أم حالة تغييرية متصاعدة.
في الخلاصة، اكدت الانتخابات في دائرة "الشمال الثالثة" تعاظم الحضور القواتي وتصاعد المنحى السيادي والتغيري المنبثق عن "17 تشرين" وتراجع فريق الممانعة او "8 آذار" من "التيار الوطني الحر" الى "المردة" و"القومي" وحلفائهم.