المحامي طعمة ل LebTalks:للمجلس العدلي الكلمة الفصل في ملف المرفأ…والقاضي عويدات لايمكنه العودة عن التنحّي الطوعي
إعتبر عضو اللجنة الحقوقية في “المرصد الشعبي لمحاربة الفساد” المحامي جاد طعمة، أن حق الدفاع هو حق مقدّس لكنه مرتبط بمبدأ آخر أساسي هو عدم التعسّف باستخدام هذا الحق، وذلك في معرض ردّه على جملة أسئلة لLebTalks حول الإنقسام العمودي الذي وصل اليه القضاء في لبنان، ما يُنذر ببداية تحلّله اذا لم يتم استدراك الأمر بحكمة ودراية، وإلا فإن سقوط هيكل العدالة فوق رؤوس الجميع هو حتمي، ووفقاً لمقولة ونستون تشرشل الشهيرة ” اذا كان القضاء بخير، فالبلاد بخير”، يمكن الإجابة بايجاز ” القضاء عندنا ليس بخير على الإطلاق”، ما يعني أن البلاد على مسافة قريبة من الارتطام الكارثي.
جملة من الأسئلة الملحّة والمصيرية طرحناها على المحامي طعمة، تمحورت حول الشرخ والإنشطار المخيف الذي تَبعَ قرار عودة المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار لاستكمال التحقيق في الملف، سنداً الى اجتهاد قانوني تم إعداده خلال مدة خمسة أشهر، بعد انتظار طويل للبت في دعاوى كف يده ورفعها عن ملف المرفأ، والتي بلغت ٤٥ دعوى، وهو رقم لم يشهده تاريخ القضاء العدلي ضد قاضٍ” في جمهورية الموز”، بحسب توصيف الأستاذ طعمه، إذ لم يحدث في أي دولة من دول العالم أن يكون رأس النيابة العامة التمييزية وعدد من القضاة مطلوبين في ملف بحجم ملف انفجار المرفأ غير النووي.
نستهل الأسئلة حول أحقية المدعي العام التمييزي بالعودة عن قرار التنحي عن ملف المرفأ ساعة يشاء، فيجيب طعمة بالقول:”طبعاً لا يمكنه أن يعود عن التنحّي طوعاً لأنه عندما طلبَ التنحّي عن الملف لصلة قرابة بينه وبين أحد المدعى عليهم، وهو النائب غازي زعيتر، عُرِضَ الأمر على هيئة محكمة التمييز التي قبلت التنحّي، فالأمر اذاً ليس بإرادته المنفردة”.
وحول إمكان ختم ملف التحقيق وإصدار القرار الإتهامي من قبل المحقق العدلي والآلية المتبعة أصولاً بعد هذه الخطوة الإجرائية، يقول طعمة أن المحقق العدلي، في حال ختم التحقيق، يرسل الملف الى النيابة العامة التمييزية لدرسه وإعطاء مطالعتها بالأساس أو عدم إعطائها، وفي هذه اللحظة يصدر البيطار قراره الاتهامي وعندها يُحال ملف القضية إلى المجلس العدلي، وإلى حينها فهو مُلزَم بأن يطلب رأي النيابة العامة التمييزية، أما إذا لم تعطِ النيابة العامة المطالعة بالأساس فيمكنه حينها أن يصدر قراره ويقول إن النيابة العامة التمييزية لم تُعطِ مطالعتها بالأساس.
وحول النسبة التي وصل اليها التحقيق والتي يتم التداول بها في الإعلام، قال طعمة: “إن طبيعة التحقيق السّرّي ونتيجته تقول إن لا أحد سوى المحقق العدلي، القيّم الوحيد على الملف، يمكنه أن يحدّد النسبة الذي تقدّم فيها في التحقيق، فالقاضي البيطار انكبّ على دراسة الملف أولاً وكان كل فترة التحقيق متكتّماً جداً حول مضمون ما يحتويه هذا الملف من قرائن ومعطيات، حرصاً منه على مبدأ سريّة التحقيقات، من هنا فإن النسب التي تتحدث عن أنه أنهى ٢٠% من التحقيق أو ٨٠ % أو ١٠٠% ما هي سوى تكهنات وفرضيات، “فالقرار الفيصل” هو بيد المحقق العدلي حصراً الذي يضع يده على الملف بصورة موضوعية، بحسب قانون أصول المحاكمات الجزائية، ولديه السلطة الإستنسابية، وحين سيستنسب فإنه يكتفي بالقدر المتوافر لديه من المعطيات لإصدار قراره الأتهامي، وبالتالي عندما تبلغ النسبة ١٠٠%، يصبح الأمر منوطاً به وحده من دون مشاركة أي شخص آخر، علماً أن دعوة الأشخاص، بعد عودته لمتابعة النظر بالملف، والذين طلب منهم المثول أمامه للتحقيق معهم، تؤشر الى توافر معلوماتٍ بين يديه، وهو يرغب بأن يعزّزها بالإفادات، ولكن إذا تعذّر عليه أخذ هذه الإفادات فقد يعتمد على القرائن الموجودة في ملفه، والقرائن هذه قد تدفعه إلى إصدار قراره الذي يقوم على الشبهة، أما الإدانة التي تتثبّت من كل شيء حتى لا يكون القرار أو الحكم قائماً على الظن فقط فتكون من صلاحية المجلس العدلي حصراً.
وحول العودة الطوعية للنائب العام التمييزي بعد تنحيه عن الملف، يجيب طعمه:” طبعاً لا يمكنه أن يعود عن التنحّي طوعاً لأنه عندما طلب التنحّي عُرِضَ الأمر على هيئة محكمة التمييز التي قبلت التنحّي، فالأمر ليس بإرادته المنفردة، أما في ما يتعلّق بالآلية التي يتم اتّباعها، بعد أن يُصدر القاضي البيطار قرار إنهاء التحقيق، فتقتضي إرسال الملف الى النيابة العامة التمييزية كي تتمكن من إبداء الرأي في “المطالعة بالأساس”، سلباً أو إيجاباً، وفي هذه اللحظة يصدر البيطار قراره الإتهامي الذي يُحال على المجلس العدلي، لكن قبل ذلك لا يمكن إحالته، وإلى حينها فهو مُلزَم، أي البيطار، بأن يطلب رأي النيابة العامة التمييزية، والتي إذا لم تعطِ المطالعة بالأساس فيمكنه حينها أن يصدر قراره الإتهامي مشيراً الى أن النيابة العامة التمييزية لم تُعطِ مطالعتها بالأساس.
أما بما يخص إلزامية أخذ رأي النيابة العامة التمييزية في القرار الإتهامي، فالإجابة هي نعم لأن النيابة العامة التمييزية تُمثّل المجتمع في هذه الدعوى، وبالتالي يُناط بها الحق العام، وهي تستطيع الإدعاء لأنها تمثّل هذا الحق العام في ظل عدم اعتراف النائب العام التمييزي بكل ما يقوم به المحقق العدلي، من هنا فإن المطالعة بالأساس يجب أن تصدر عن النيابة العامة التمييزية التي يجب أن يقوم بها النائب العام التمييزي أو من ينوب عنه، علماً أن النائب العام التمييزي متنحٍّ عن الملف، وقرار عودته عن التنحي بالقانون هو قرار غير صائب ومنعدم الوجود قانوناً، وبالتالي تستطيع النيابة العامة التمييزية أن تعطي مطالعة بالأساس كي يستطيع المحقق العدلي إصدار قراره الإتهامي، أما في حال قامت النيابة العامة التمييزية بعدم إرسال المطالعة بالأساس، أي إبداء رأيها بالتحقيق، فهذا لن يؤدّي حكماً إلى عرقلة التحقيق كون المحقق العدلي يستطيع أن يصدر قراره الاتهامي وينوّه حينها أن النيابة العامة التمييزية تمنّعت عن إعطاء مطالعتها بالأساس رغم أنه طلبَ منها ذلك، وعليه لا يمكن القول إن التحقيق العدلي تعرقل نتيجة الإدعاء الذي قام به المحقق العدلي طارق البيطار على النائب العام التمييزي بعد تنحّيه، وعلى المحامي العام التمييزي غسان خوري، ويبقى أن المجتمع اللبناني بأكمله سيكون بانتظار ما سيكشف عنه النقاب في القرار الاتهامي، وحينها سيحسم الجميع موقفه من تأييد التحقيقات التي قادها المحقق العدلي أو اعتبار أن البيطار لم يكن صائباً في القرار الذي توصّل إليه.