المسيرة تكرم مفكر القضية الأستاذ أنطوان نجم

antoine najem

إستقبل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع عضو الهيئة التنفيذية المفكِّر المناضل انطوان نجم بحضور أمين عام الحزب إميل مكرزل، وذلك بعد الحفل التكريمي الذي نطمته له مجلة المسيرة باسم “القوات اللبنانية” تقديرا لعطاءاته الفكرية الفريدة من نوعها والتي أضاءت دروب المناضلين وأنارت عقول الملتزمين وحصنّت فكر المؤمنين بالقضية اللبنانية لخلاص لبنان واللبنانيين، فالمفكّر الملتزم انطوان نجم خطّ بكتبه وكتاباته بأحرف من ذهب مسيرة “القوات اللبنانية” في سبيل وطن الإنسان بحرياته وأمنه وحقوقه.

وكانت أقامت مجلّة المسيرة حفلاً تكريميًّا لمفكّر القضيّة اللبنانيّة وعضو الهيئة التنفيذية الأستاذ أنطوان نجم “المعلّم”، بعنوان “معًا نبقى ونستمر”، وذلك في فندق Le Royal – ضبيّة، نظرًا للدور الذي لعبه نجم كقامة فكريّة، في تأطير فكر القضيّة اللبنانيّة في مسيرة فاقت السّبعة عقود، وهو اليوم في عقده التّاسع.

استُهِلّ الحفل بكلمة للإعلامي أنطوان مراد تحدث فيها عن مآثر نجم وما قدّمه للقضية وعن مسيرة “المسيرة”، مرحّبًا بالحضور الذي تقدّمه إلى نجم، ممثل رئيس حزب القوات النائب غياث يزبك والنوّاب ملحم الرياشي، شوقي الدكاش، أنطوان حبشي، إيلي خوري، الياس اسطفان، نزيه متى، غادة أيوب، والوزيران السابقان مي شدياق وريشار قيومجيان، والنائبان السابقان أنطوان زهرا وإيلي كيروز، وأعضاء الهيئة التنفيذية في الحزب أسعد سعيد، جوزف الجبيلي، دانييل سبيرو، مايا الزغريني، وميشال تنوري، والأمين العام للحزب إميل مكرزل، ورئيس جهاز الإعلام والتواصل شارل حبور، والأمناء المساعدون جورج عيد، روبير توما، رفيق شاهين، جاد دميان، وفادي مسلّم، وأندريه سرنوك ومستشار رئيس الحزب لشؤون الرئاسة أنطوان مراد والمستشار للشؤون القانونية سعيد مالك، وفعاليّات حزبيّة وفكرية وعائلة المكرّم ورئيس مجلس أمناء المسيرة زياد الأصفر ورئيسة تحريرها جومانا نصر وأسرة التحرير وقدامى كتّابها والأصدقاء.

يزبك
ممثل جعجع النائب غياث يزبك، وصف فيها المكرَّم بأنه “أرزة المقاومة اللبنانية ومُلهِم القوات اللبنانية ومرشدها التاريخي ودائرتها الحمراء.” وقال: “أنطوان نجم أنت المثال الأعلى. أنت نبراسنا وطريقنا وكتابنا وإنجيلنا. بتكريمك نُكرِّم أنفسنا كما قال الحكيم، وبمعرض تكريمنا لك نكون أدينا جزءًا من عرفان الجميل لشخصك، ولقامتك”.

وقبل أن يدخل في صلب الكلمة، توجّه الى زملائه في “المسيرة” وقال: “كنا لا نزال شباناً عندما أرسل الشيخ بشير الجميل في طلبنا وقال لنا: “صار في كتير بواريد، بدنا شوية عقل، بدنا حدا ينقل القوات اللبنانية من آلة وسلاح وبطش الى فكر وقضية. نحن نتعرّض لأسوأ أنواع الأبلسة والشيطنة في تلك الفترة. وهذا الأمر يرافقنا ويلازمنا منذ البدايات على ألسنة وأقلام مأجورة لبنانية وغير لبنانية. لكن في حرب 1975 كنا نساهم بجهلنا لمفهوم الإعلام في تأييد هذه الصورة وتثبيتها علينا، بحيث بات من السهل رشق قضيتنا بالحجارة لأننا كنا داخل حصن مقفل ولم يكن بإمكاننا عند خروجنا منه إقناع الرأي العام الداخلي والخارجي. لذلك ألزمنا الشيخ بشير في حينه أن ندخل في مشروع إعلامي أصبح في ما بعد الشعبة الخامسة، للتعاطي مع الإعلام الخارجي والداخلي وتظهير القضية اللبنانية على حقيقتها”.

(…)اليوم التاريخ يعيد نفسه على كل المقاييس السياسية. ما يجب أن نخلّده في ذاكرتنا، أن “المسيرة” يجب أن تبقى، “تبقى وتستمر”. هذا عنواننا. العدو لا يزال يتربص بنا ونحن في حاجة لتسويق فكرنا بطريقة يمكن أن نقنع بها الرأي العام وأنفسنا، ونخلف نوعًا من الإنفتاح الفكري والعقلي لمواكبة كل التحديات وما أكثرها”.

وتابع : كرمتني ادارة المسيرة، بل أثقلت كاهلي، بإيلائي مسؤولية تكريم أرزة المقاومة اللبنانية ومُلهِم القوات اللبنانية ومرشدها التاريخي ودائرتها الحمراء، الكبير الاستاذ أنطوان نجم.

أيها الأخوة، كلنا نعلم بأن نشأة المقاومة كانت وليدة تخلي الدولة اللبنانية عن دورها في حماية شعبها وتسليمها، بدفع من شركاء أساسيين في الوطن.. وكان ردة فعل اللبنانيين الاصيلين للدفاع عن لبنان، عفوية ومتعثرة في البداية، لكنها ترسخت في ما بعد وأوقفت جحافل الغزاة، ومنعتهم من إزالة وطن الأرز عن الخريطة، وحمت شعبه من السبي والقتل والتدمير وتغيير الهوية وتشويه الرسالة.

عندما أقول إن نشأة المقاومة جاءت عفوية متعثرة، يعني أن طبقة سياسية حاكمة في لبنان، لم تتنبّه او لم تعِر الاهمية الكافية او تأخرت أو أهملت التشققات البنيوية في هيكل التركيبة اللبنانية والناجمة عن رفضٍ معلن ومن ثم مكتوم، لفئة من اللبنانيين، قيام لبنان ككيان سياسي له سيادته وغير ملحق بسوريا او بوحدة عربية أوسع، وقد اعتبره بعض اللبنانيين، وقسم منهم لا يزال يعتبره، خطأً استعماريا تاريخيا، وذهب آباؤهم واجدادهم كما هم فاعلون اليوم، الى الالتحاق بمشاريع هدامة، تارة قادها عبدالناصر وتارة ياسر عرفات وطورا حافظ الاسد وبشاره، وصولا الى الخميني فالخامنئي.

هذه المقاومة اللبنانية المتعجلة سرعان ما احتاجت الى عقل يدير العضلات ويحسن توجيه مَن يحمل السلاح، كما احتاجت الى من يبث فيها الفكر ويستنبط الافكار ويحفّز في قادتها الحس النقدي والوعي السياسي، والاهم، جرأة امتلاك المشاريع الوطنية البديلة بعدما اظهروا جرأة لا لبس فيها في حمل البندقية ومقارعة الاعداء.

وسط هذا التلاطم، ووسط استحالة الركون الى السلاح وحده، أشرق أنطوان نجم، المفكر والمربي والناشط السياسي وقد دفعه الظرف الخطر الى الخروج من وراء قناع “أمين ناجي” الاسم المستعار الذي ذيّل به مئات المقالات الاستشرافية التنويرية التي أشارت كلها الى وهن الصيغة وتخاذل بعض رجالها. وحذر من الزلازل التي ستضرب لبنان، ولكن وللأسف، قلة استمعوا اليه وكثرة انزعجوا منه الى ان وقعت الكارثة وانكشف المستور، فجاء زمن البشير، وقد اكتشف القائد الشاب انه أُجبِر على حمل السلاح وخلعِ رداء المحامي هو وابناء جيله لأن احدا لم يصغِ الى انطوان نجم، فاقترب منه وأصغى اليه وتعلم منه كيفية تحضير اليوم التالي، يوم سيسكت المدفع ويحين موعد بناء الدولة. ولا شك في ان بشير الثائر على التقليد وجد نفسه امام تحدي مواجهة العائلة قبل مقارعة الخصوم لكنه لم يتردد، بفضل تشجيع المعلّم انطوان، على تغليب الوطني على العائلي، فانطلق وثّابا الى تحقيق الاهداف السامية، فثبّت المسيحيين في التركيبة في موقع ريادي، وانفتح على المسلمين بخطابه الوطني الصادق، وأخرج لبنان من سوق النخاسة كأرض سائبة، وجعله رقما صعبا على خريطة الدول، ومنحَه دورا لا يمكن تجاوزه. كل هذا بفضل المعلم انطوان، لكن وبكل اسف، والأسف هنا على لبنان، لم يستمع بشير الى نصح المعلّم بعدم ترشحه الى رئاسة الجمهورية وبعدم حرق المراحل، فكان ما كان.

وسط الذهول الذي أحدثه استشهاد الرئيس الشاب، وبعد أيام قضاها انطوان نجم باكيا ابنه الروحي، كفكف الدمع والتفت حوله باحثا عمّن يحمل المشعل بعد البشير وقد صار خوفه كبيرا مضاعفا، اذ أضيف الى قلقه على لبنان قلق جديد على القوات اللبنانية وتماسكها، وسرعان ما تلألأت عيناه ببصيص أمل وارتاح قلبه عندما التقى صديقه وابنه الروحي الثاني، الحكيم سمير جعجع، ومعا، واصلا دروب النضال الفكري والسياسي والروحي ولا يزالان.

واستطرد يزبك قائلاً: “باستشهاد بشير نهار الإنفجار في بيت الكتائب كان يُفترض أن يكون الأستاذ نجم حاضرًا بدل قائد منطقة الأشرفية، لإلقاء المحاضرات، خصوصا أننا كنا في مرحلة خطيرة تتمثل بانتقال القوات اللبنانية من ميليشيا مسلّحة الى شيء آخر قد يكون حرسًا وطنيا، أو الإنخراط والإندماج بالجيش اللبناني. فطلب منه بشير ألّا يتوجّه، وقال له اسمحلي بها النهار أنا بدي إطلع ودّع الشباب، وكان الإنفجار واستشهد بشير، وبقي لنا أستاذ أنطوان ذخيرة. وهنا أسمح لنفسي، مع إختلاف القياسات، أن أورد هذه الواقعة: أنا أيضا أنقذني بشير، لأنني بعد انتخابه رئيسًا كنا نُعدّ وثائقيًا عن حياة بشير الجميل مع الراحل إيلي صليبي وإخراج أنطوان ريمي، وكنت أشرف على هذا العمل من قبل القوات وبخلفيتي الصحافية.

يوم 14 أيلول أنهينا العمل على الوثائقي، فاتصلت بالشيخ بشير وأبلغته الأمر، وسألته متى يريد مشاهدته لإعطاء الموافقة عليه، فأجاب أنه يتناول الغداء في دير الصليب وسيتوجه بعدها الى بيت الكتائب في الأشرفية على أن أوافيه إلى هناك، منحضروا سوا وبيكونوا الشباب وبيعطونا رأين فيه. وقبل أن أقفل الخط، قال لي: “بتعرف شو غياث، رح تكون همروجة في الأشرفية، لاقيني ع بكفيا منحضرو ع رواق…”. فأنقذني ومات!

إستشهد بشير وأخذ معه بلدًا بكامله. وكان تمنِّينا أن ليتنا رحلنا وبقي بشير ليرى اللبنانيون إلى أين كان سيوصلنا المسار. لكن ثقتنا اليوم كبيرة وأكيدة جدًا مع الحكيم. ووتمنِّينا أن ينتبه على حالو”.

وتابع: ايها الاعزاء، إن رجالا من وزن انطوان نجم وقامته الفكرية والسياسية والوطنية، هم دائما قلة ويُحسبون على أصابع اليد الواحدة في اوطانهم. فعلى الصعيد اللبناني، عندما نستعيد اسماءهم، نجدهم يتموضعون طبيعيا في خانة واحدة، هكذا نتكلم عن شارل مالك وانطوان نجم وغيرهما. واذا وصفنا مالك بأنه الفيلسوف الذي نظّر للبنان ونقله الى العالمية، فإن فضيلة انطوان نجم الاولى، أنه ناسك القضية اللبنانية الذي ارتضى لنفسه الجلوس دائما بعيدا من الضوء، زاهدا في المواقع والمراكز، مكتفيا بالنصح والكرَز والوعظ والتحذير، وفضيلته الثانية تتمثل في انه امتلك جرأة رفض الركون والاستسلام الى المقدّر والمكتوب كما انتفض على حتمية ترقيع الثوب الوطني الذي مزقه الشريك تكرارا وأفقدته الحروب واستدارجُ الخارج وصعوبةُ مزج ما لا يمزج في الداخل، بريقَ ألوانه، والاخطر، أفقدته الاسباب التي من أجلها خيط على أيدي المؤسسين، وسقوط رهاناتهم على وعيٍ وطني آتٍ وثقافة مكتسبة من الاختلاط والتلاقح الفكري والانساني، تبيّن انها لم تأت وربما لن تفعل.

نعم، جرأة أنطوان نجم انه لا ينفك منذ بداية الخمسينات والستينات يطرح الفدرالية كمشروع اتحادي بديل يريح المكونات اللبنانية ويترك لها حرية ممارسة تمايزها وخصوصياتها ضمن الوحدة. قد تتفق مع طرحه وقد لا تتفق، لكن ألا ترون معي أن تكرار البحث في هذا المشروع على رغم الانقسام حوله، يعني ان الصيغة الحالية ما عادت “ماشية”؟ وإلا فلماذا البحث عن البديل اذا كان الاصيل جيدا ويؤمّن الاستقرار والهناء للشعب اللبناني او الاصح، الشعوب اللبنانية؟
ايها الاخوة، وللأمانة، لست ممن يعتنقون هذه الفكرة لكني اعترف بأن حجتي تضعف يوما بعد يوم في الدفاع عن اللبنانات المشلّعة القائمة، وأجد نفسي، انا، الناشط السياسي والمقاتل والنائب والصحافي، ملزما بالبحث عن بدائل، شأني شأن معظم اللبنانيين، وبكل صدق، أقول، لن أتمكن من العثور سريعا على مشروع أرقى من المشروع الذي ينادي به كبيرنا انطوان نجم، أقله في المدى المنظور.

ثم قال ارتجالاً: “كثر منا انتموا الى القضية وكثر منا تماهوا مع القضية أو لم يتماهوا معها. ومنهم من استقلّوا قطار القضية عن قناعة لكن كان يعوزهم الفكر. ومنهم من انتسبوا الى القضية بحثاً عن مصلحة لأن القطار كان يسير لكنهم خرجوا منه.

أنطوان نجم هو من القلائل، حتى لا أقول إنه الوحيد، الذي تقترب منه القضية فتُشعّ. وتبتعد عنه القضية فتُصاب بالضياع وتفقد البوصلة. أنطوان نجم أنت البوصلة، لذلك فإن وجودك اليوم في الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية يشكل مزارًا ومرجعًا وكتابًا ودستورًا لكل من يشكك بنفسه ويُصاب بمتلازمة الغرور. كل من يعتبر القضية بابًا للصورة وبابًا للحياة، يكفي أن يلتفت الى وجهك الصبوح والى تواضعك والى كيفية تعاطيك بزهد القديسين مع هذه القضية كي يخجل حتى لا أقول كي يعود ويُصلح المسار. أنطوان نجم أنت الغربال، من يمر فيه ينجو ومن لا يمر لا يشبه القضية”.
وختم يزبك: “اخوتي ورفاقي وزملائي، انطوان نجم راهب القضية اللبنانية وفكرها وقلمها وزاهدها، لا يمكن اختصار عقوده التسعة وفكره الوسيع وكتبه وتجربته في سطور، لكن طبعًا يمكنني باسم المسيرة والقوات اللبنانية وكل الحضور هنا وما ومن يمثّلون، يمكنني اعلان حبنا وتقديرنا واحترامنا لانطوان نجم. أطال الله عمره وأبقاه شمعة منيرة على مذابح القضية.

عشتَ استاذ انطوان، عاشت القوات اللبنانية، عاشت المسيرة، عاش لبنان”.

مراد
أما الإعلامي أنطوان مراد فشدّد في كلمته على أنّ “مسيرة المقاومة والنضال، مع بشير انطلقت ومع سمير تستمر. أما مسيرة المسيرة فعلى خطى بشير انطلقت ومع سمير استمرت لتستعيد ألقها منبرا يحافظ على الرسالة البكر وعلى نبض البطولة وإرث الشهادة.” واعتبر أنّ “مسيرتنا مسيّرة بإرادة الصمود، وإذا خُيِّرت، فهي مخيّرة بين الاستمرار وبين الاستمرار، ولا خيار آخر. اما كيف تستمر، فبالتزام الرفيقات والرفاق بالانضمام إلى موكبها، التزام بدعمها بمختلف الوسائل.”

واستعاد شريط الاضطهاد الذي تعرّضت له القوّات ووسائل إعلامها ومنها المسيرة، “لكنها صمدت وتصمد وستبقى وتستمر، لأنها ربيبة القوات والإبنة الصغرى.” وتحدث عن كيف كان الحكيم يسأل تمويها وهو في المعتقل، عن البنات الثلاث: “الإل بي سي الإبنة الكبرى، وهي اليوم الإبنة الضالة، عن الوسطى، أي إذاعة لبنان الحر، وعن المسيرة، الإبنة الصغرى.”

وفي المكرَّم، اعتبر أنّ “تكريم نجم اليوم هو تكريم ضمير المقاومة. فهو علّامة الفكر المناضل الكبير، وذخرُنا وذخيرتنا ومرجعنا رؤية وتاريخًا، فهو كما “المسيرة” بل وقبلها، واكب ويواكب القوات منذ البدء وما زال، رمزا حيا أطال الله بعمره.”

واختتم مراد كلمته منوّهًا بجهود “رئيسة تحرير المسيرة الرّفيقة جومانا نصر والرفيق زياد الأصفر الذي يتولّى رئاسة مجلس أمنائها، من أجل مضاعفة الوزنات، وتوفير أسباب الاستمرار بهمة لافتة وحماسة معبّرة وأفكار رائدة، ولذلك نحن هنا اليوم.”

الأصفر
وألقى رئيس مجلس أمناء مجلّة المسيرة زياد الأصفر كلمة “من القلب إلى القلب”، رحّب فيها بدوره بالحضور باسم المكرَّم أنطوان نجم الذي يعتبره الأصفر “مرشدًا له”، وتوجّه إلى الرفيقات والرّفاق قائلًا: “لتكون مسيرة القوات بخير، يجب أن تكون مجلّة المسيرة بخير.”

واعتبر أنّ “المسيرة المجلة، هيي تاريخ وأرشيف ومرجعية، وهيي جزء لا يتجزأ من القوات اللبنانية، وجزء من تراثها وضميرها وتاريخها.”

واستعاد مرحلة بداية تاريخ القوات اللبنانيّة مع ثلّة من الرفاق الذين أخذوا زمام المبادرة بالدّفاع عن حرّيّتهم ووجودهم والذين تكلّلت تضحياتهم باغتيال “المؤسّس الرئيس الشهيد بشير الجميّل”.

كما اعتبر أنّ نجم، هو “جزء لا يتجزأ من ضمير القوات وتاريخها وتراثها، والأكثر من رؤيتها للمستقبل. “ورأى أنّ تكريم نجم اليوم “منبثق من رؤيتنا لدور المسيرة وبضرورة استمراريّتها، ولأنّ نجم كان وما زال رمزًا ومنارة تضيء الدرب وتنير جوانب كثيرة من مقاومتنا ونضالنا وفكرنا، وقراءتنا للمستقبل.”

ووسط تصفيق الحضور ولا سيّما الأستاذ أنطوان نجم، الدّامع العينين تأثيرًا وتأثّرًا، أعلن الأصفر أنّ “مجلّة المسيرة لن تتوقّف أو تتعثّر مهما كانت الظروف والتضحيات”.

وغامزًا من قناة الممانعة التي ترفع ثلاثيّة “شعب وجيش ومقاومة” التي أضاف عليها الأستاذ، أي نبيه برّي، ثلاثية “تشاور، توافق، انتخاب”؛ اعتبر الأصفر أن ثلاثيّتنا الوحيدة هي: “جيش وشعب ودولة”، أمّا في القوات فثلاثيّتنا هي: الايمان والحرية والنضال، وتحت لواء هذه الثلاثية تنضوي ثلاثية المسيرة: “الالتزام الالتزام الالتزام”.

وشدّد الأصفر في ختام كلمته على أنّ “المسيرة ستبقى وتستمر، وليس بالورق فقط، بل “أونلاين”، على أمل إطلاق الموقع الكتروني باسمها قريبا”. واعتبر أنّ “المسيرة، هي مناسبة تحمل ثلاثية خاصة:
أوّلا، لانه في مثل هذه الايام كانت الذكرى ال١٩ لخروج الحكيم من المعتقل.

ثانيا، لأنّ الحكيم خص المسيرة بالعدد الحالي بحديث شامل وعميق تجاوز الاحاديث الكلاسيكية كلّها.
وثالثًا، ومسك الختام، مناسبة تكريم ضمير القضية ومفكرها الاستاذ أنطوان نجم، الذي بمجرّد وجوده معنا، هو تكريم لكل واحد منا وللمسيرة وللقوات اللبنانية.”

كما وجّه الأصفر كلمة شكر للجنود المجهولين المعلومين في أسرة “المسيرة” وعلى رأسهم رئيسة التحرير جومانا نصر، منهيًا كلمته: بـ”المسيرة مستمرة، ولتستمر المسيرة، (أي مسيرة القوّات في النضال والمقاومة) يجب أن تستمر المسيرة” (أي مجلّة المسيرة).

وثائقي وكلمة لجعجع وحبشي
ثمّ تم عرض وثائقي عن المكرَّم والمسيرة تخلّلته مداخلة لجعجع قال فيها إن “تكريم الأستاذ أنطوان نجم اليوم هو تكريم لنا جميعًا، وهو أيضًا تكريم للقوات اللبنانية والقضية ككل”.

وتابع: “تعرفت الى أنطوان نجم، ليس في أقبية البيت المركزي إنما في أروقته، وكان في حينه أستاذ العقيدة في الحزب، وبدأ في إعداد كتيبات عن معنى الإلتزام الحزبي والميثاقية اللبنانية وسواها. كنت آخذ هذه القراءات وأتمعن بها. وفي ما بعد تعرفت إليه، ليس في أقبية المجلس الحربي أيضًا إنما في أروقة المجلس الحربي، ومن حينه تطوّرت العلاقة وبات هناك تاريخ طويل”.

أضاف: “أنطوان نجم هو الإنسان الذي حقيقةً لا يريد شيئاً. وهو بعكس كثر من السياسيين لا يريد شيئاً ويملك كل شيء في الوقت نفسه. همّه الوحيد هو القضية، وتحديدًا من الجانب الفكري، وهذا اختصاصه بامتياز. وكان ينزعج كثيرًا من النشاز الفكري. همّه الوحيد القضية، أي شيء آخر لا يعني له الكثير، وكان ربما مجرّد هواية. فكان يذهب الى الثانوية التي كان يشغل فيها منصب مدير، لتأمين لقمة العيش، لأنه كان يرفض أن يعيش إلا بكرامة ومستقيمًا وشفّافًا”.

وختم: “أستاذ أنطوان، واكبتك في كل مسيرتي الحزبية، وأسأل عنك لأنك رمز للقضية ككل، ونفتخر بأننا أبناء جيل عايش فكر أنطوان نجم.

مبروك لإلنا كلنا بالإستاذ أنطوان نجم. مبروك لأستاذ أنطوان نجم المسيرة. ومبروك للمسيرة بالمسيرة”.
أما النائب أنطوان حبشي فقال متوجها إلى الأستاذ أنطوان، إن “الإنسان أهميته بالأثر الذي يتركه. والأثر حفرته في القضية اللبنانية وبكل الأفراد الذين واكبوك. وهذا المسار طبعته بقلمك، بفكرك وبالتزامك. واليوم تكريمنا لك هو تقدير لأثرك، لمسار نكمل مسيرته اليوم؛ حرية القرار، جرأة الكلمة، جدية الإلتزام وعمق الإيمان؛ كلها وجدناها معك نلتزم بها، لنكمل المسيرة”.

تسليم درع التكريم
وكان النائب يزبك باسم سمير جعجع والمسيرة وباسمه وباسم الحاضرين، دعا “رفيقنا على دروب عمّاوس، الاستاذ انطوان نجم، الى تسلّم درع تقديرية كعربون امتنان ومحبة وعرفان بالجميل له، لما قدّمه ويقدّمه للقوات وللبنان من تضحيات”.

عندها اعتلى المكرَّم نجم المنصة وألقى كلمة مرتجَلَة من القلب أبدى فيها تأثّره بالحدث، وقال: “عاجز أنا عن التعبير والكلام، لكن أؤكّد أن العمل بشكل مستمرّ لا بدّ أن يوصل إلى الغاية التي نريد. “وأكمل: “واجبنا أن نجعل من أولادنا معبّرين في هذا الشرق كلّه عن أفضل طريقة لكي نعيش معًا أيًّا كان مذهبنا وأيًّة كانت أصولنا.”

واختتم نجم كلمته بعبارة “ستبقى ذخرًا للأجيال القادمة ليبقى لبنان”، فقال: “نحن بشر قبل أن نكون شيئاً آخر. وكبشر يجب أن نبقى، وأن نعيش، وأن نجعل الجماعات الآتية تكمل ما بدأناه وما نعيشه اليوم. وشكر مجلة “المسيرة” والقيّمين عليها لتكريمه”.

وفي الختام تسلّم المكرَّم الدّرع التقديريّة التي صمّمها عضو تكتّل الجمهوريّة القويّة النائب نزيه متّى،
بعدها انتقل الجميع إلى القاعة المجاورة للمشاركة في كوكتيل أقيم على شرف المكرَّم، حيث تمّ التقاط الصور التذكاريّة وتبادل الأحادايث الوجدانيّة مع الأستاذ أنطون نجم على وقع موسيقى عازف الكمان الأستاذ جهاد عقل الذي أضفى مزيدًا من الأجواء الوطنيّة والوجدانيّة بعزفه الرّاقي والجميل.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: