المطران عبدالله والسفير البابوي في الكفور الجنوبية

2965196_1731327843

زار رئيس أساقفة صور للموارنة المطران شربل عبدالله، بلدة الكفور (قضاء النبطية) لتفقد أضرار الحرب الإسرائيلية الأخيرة واستكمالا لحملة "تشجع لنعود ونبني ونزرع" التي أطلقتها لجنة الوقف وجمعية "سيدة النجاة المارونية" الهادفة لإعادة إعمار البلدة وتجذر الحضور المسيحي في البلدة بشكل خاص وتعزيزه في الجنوب اللبناني بشكل عام. 
 
كما زار الكفور أيضا متفقدا، عميد السلك الديبلوماسي في لبنان السفير البابوي المطران باولو بورجيا للاطلاع عن كثب على ما جرى.  
 
ورحب خادم الرعية الخوري يوسف سمعان بجهود المطران عبدالله في مواكبة العمل الجاري ودعمه خلال الأوقات العصيبة، مؤكدا "أن الزيارة تحمل رسالة رجاء وبناء".

وقال : سيادة المطران عبدالله زيارتكم هي زيارة الاب لعائلته والراعي لرعيته بعد حرب قاسية مرت علينا، وقد كنا على اتصال دائم خلال الحرب تطمئنون على الجميع وتزودونا بتوجيهاتكم".
أضاف: "تأتي زيارتكم اليوم للوقوف على ما خلفته الحرب في النفوس قبل الحجر، لتبلسم وتعضد، تزرعون من خلالها الرجاء حيث ضعف الرجاء، وكأني ارى من خلالكم زيارة الرسل الاولين الى الكنائس ساعة الشدة والصعوبة، تأتي زيارتكم بعد شهرين ونصف لحرب لم ترحم، وهجرت جميع ابناء الرعية، ولكن تضامن ومحبة الناس من الاقارب في بيروت خففت هذه المحنة، وتضافر جهود لجنة الوقف وجمعية سيدة النجاة ولواء الدعم ولجنة النشاطات في الرعية وتعاون ابن الرعية الخوري جورج قليعاني، استطاعت من جهة اخرى الوقوف الى اقصى حد ممكن الى جانب الرعية، وقد استوعبنا الصدمة وعملنا على تلبية اقصى قدر ممكن من الحاجات بعد تشكيل خلية الازمة".

اضاف الخوري يوسف:"معكم صاحب السيادة نجدد ايماننا ونعود الى ارض البشارة ملتمسين شفاعة العذراء مريم سيّدة النجاة شفيعة رعيتنا، ومعكم نقول لمن لم يستطع العودة بسبب الخراب والدمار تشجع لنعود ونبني معا ما هدمته الحرب لان العودة ليست خيارا بل فعل ايمان وشهادة على ارض البشارة، وشكرا لجهودكم التي تواكب سعينا لاعادة بناء ما تهدم والتشجيع على العودة لنكون النور والملح".
 
وألقى المطران عبد الله عظة في قداس "الرجاء" الاحتفالي، موضحا "أهمية الإيمان والرجاء الإلهي في مواجهة التحديات"، مشبها "العودة إلى البلدة بفعل إيمان وشهادة حية". وشدد على "أن الكنيسة، التي بنيت بالإيمان، تدعو المؤمنين للتمسك بالمسيح كغاية حياتهم ولإعادة بناء النفوس والمجتمع".
وأكد "أن الرجاء فضيلة إلهية تدفعنا للانطلاق مجددا في حياتنا الرعوية". وشدد على "دور السيدة العذراء مريم، سلطانة الرجاء، في حفظ النفوس من الأذى"، ودعا إلى استلهام الإيمان العميق من نيقوديموس وبولس الرسول للتجدد بالروح والتمسك بالمسيح كغاية حياتنا. 

وأشار إلى "أن الكنيسة، المبنية بالإيمان والرجاء، تظل شاهدة على عمل الله الخلاصي، مذكرا بأن الحياة الحقيقية تبدأ عندما ترتبط بيسوع المسيح. 

واختتم مهنئا أبناء البلدة على عودتهم السريعة رغم الدمار، مؤكدا "أن وجودهم متجذر في الإيمان".

وكانت الرعية إستقبلت رئيس اساقفة صور في حضور الخوري سمعان ومشاركة قيم عام مطرانية بيروت للموارنة ابن بلدة الكفور الخوري جورج قليعاني ورئيس دير مار انطونيوس للرهبانية اللبنانية المارونية في النبطية الأب جوزيف سمعان على وقع ترانيم الليتورجيا المارونية.
 
وفي اليوم التالي، وضمن الحملة التي تقوم بها لجنة الوقف وجمعية سيدة النجاة، استقبلت رعية الكفور عميد السلك الديبلوماسي في لبنان السفير البابوي باولو بورجيا على وقع ترانيم للعذراء مريم في حضور: رئيس البلدية خضر سعد ونائبه طوني سمعان، قيم عام مطرانية بيروت المارونية، رئيسة مدرسة الراهبات الانطونيات ورئيس دير مار أنطونيوس للرهبانية اللبنانية المارونية-النبطية.
وقد القى خادم الرعية الخوري يوسف سمعان كلمة تحدث فيها عن "ان الزيارة هي رسالة دعم وتشجيع، وربط الحضور الإيماني بمعاني الرجاء والتضامن، عبر التركيز على أهميتها في الأوقات الصعبة، مستوحيا من كلمات الإنجيل "لا تخافوا"، والدعوة لتجديد الإيمان رغم الظروف، هذه الزيارة التي تشهد على ولادة فجر طالما انتظرناه، وليل تعبنا من طوله، لتردد على مسامعنا كما المعلم " انا معكم".

وتحدث عن رمزية الزيارة حيث تأتي علامة من السماء لتأكيد حضور الرب المعزي والمشجع، وكأن الرب يقول "لا تخافوا" هذه الكلمة التي نجدها مرارا وتكرارا في الكتاب المقدس لكي يطمئن قلوبنا ونتلمس حضوره اليومي في حياتنا.
 
وتابع الخوري يوسف كلمته بالحديث عن الشراكة الكنسية، بالقول:"ان وجودكم معنا اليوم كسفير للكرسي الرسولي يطمئننا على اليوم والغد، كمااطمأن قلب الرسولين، ودعاؤنا لكم كما دعاء الرسولين على طريق عماوس للمسيح: امكث معنا فنهارنا يشارف على المغيب: هذا الحضور الّذي انتظرناه لـ 62 عاما، وليس على أيامنا عندما زار السفير البابوي آنذاك المونسينيور الفريدو برنيارا كنيستنا وكانت المناسبة وضع حجر الأساس لها وتفاجأ من ضخامة البناء".

أضاف :"تأتي زيارتكم لدعم طالما انتظرناه طويلا وتأكيدا على الشراكة الكنسية الواحدة.

ورد السفير البابوي باولو بورجيا بكلمة قال فيها:" أحيي كاهن الرعية الخوري يوسف سمعان وأشكره على كلمته النابعة من القلب وأشكر السلطات الحاضرة والكهنة وكل الحاضرين. 
أولا أود أن انقل إليكم تحيات قداسة البابا فرنسيس الذي يحملكم في قلبه كما يحمل لبنان كله وشعبه، وأؤكد لكم أنه يتابع عن كثب الوضع في لبنان والشرق الأوسط بأكمله. هو الذي لم يتوقف في الأشهر الأخيرة عن تذكر لبنان والصلاة من أجل السلام طالبا من الرب أن ينتهي ليل المعاناة والظلام الذي كان يعيشه هذا البلد، ويواصل قداسته مرافقتكم بأفكاره الأبوية حتى يشرق يوم جديد مليء بالنور والأمل".
 
أضاف :"يدعوكم الأب الاقدس إلى الحفاظ على الأمل والعيش في الرجاء خاصة، واليوم يبدو أن العاصفة قد انتهت أخيرا، ولكن لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين والتحديات والعمل الذي يجب القيام به حتى تتمكنون من العودة إلى الوطن وحياتكم الطبيعية وأراضيكم.
كتب القديس بولس الرسول في رسالته إلى الجماعة الرسولية الأولى في روما قائلًا: "الرجاء لا يخيّب لأن محبة الله قد أفيضت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا"، إنها أيضًا دعوة موجهة إلينا اليوم للبقاء تائبين بالرجاء رغم كل شيئ من التجارب والمعاناة لأن محبة الله لنا أقوى من أي شيء آخر".
 
وتابع :"كثيرا ما أحب أن أذكر أن أحد أجمل وأهم رموز الرجاء المسيحي هو "المرساة" التي تعبر عن كيف أن الرجاء ليس غامضا بل متجذرا في الله وفي يسوع المسيح العمانوئيل اي الله معنا الرجاء المسيحي ليس تفاؤلا بسيطا وسهلا، بل هو متجذر مثل "المرساة" في المحبة والإيمان بالله الذي لا يتركنا ابدا بل هو معنا ويريد لنا الخير، والخير فقط.
وكتب القديس بولس إلى أهل روما: إن كان الله لم يشفق على ابنه، بل بذله لاجلنا أجمعين فكيف لا يهبنا معه كل شيء، إذا كان حبه قويًا لهذه الدرجة فكيف يمكنه أن يتخلى عنا. من يستطيع أن يفصلنا عن محبة المسيح إذا بذل نفسه لأجلنا على الصليب: الالم، الاضطهاد، المجاعة، العري، الخطر؟ ولكن في كل هذه الأمور نحن أعظم من الغالبين بالذي أحبنا وخلصنا، وهو معنا. الذي يشددنا ويقوينا والقادر على أن يغير الاوضاع ويلين القلوب".
 
واستطرد السفير البابوي :"أعلم جيدا أنكم متعبون كما التلاميذ على بحيرة الجليل، أنتم متعبون مما حدث وغير متأكدين من المستقبل، لكن كونوا مؤمنين وافتحوا نفوسكم للأمل لأن الله لا يترككم وحدكم لأنه أب ويحبكم كابنائه. وكم من محبة الله لكل انسان مهما كان. لا يمكن لأحد أن يشعر أن الله منسي لأن الله يريد أن يخلص كل انسان كما قال يسوع لنيقوديمس.
ايها الاخوة والاخوات، إن الرجاء يتطلب الكثير لأنه كما قال القديس البابا يوحنا بولس الثاني في زيارته إلى لبنان عام 1997، إن الرجاء هو الالتزام. والأمل يبني دائمًا الحاضر من خلال النظر إلى المستقبل نحو مستقبل افضل نبنيه معا.

اعتقد ان الوحدة هي الكلمة الاساسية لهذا الحاضر والانفتاح على مستقبل افضل. العمل معا لبناء الحاضر مع التطلع إلى المستقبل. ولكن ما هو الحاضر الذي نريد ان نعيشه، وما هو المستقل الأفضل الذي نريده لاطفالنا وبيئتنا وكنيستنا؟".

اضاف : "بالتأكيد، نريد اعادة الاعمار والترميم، وتريدون استئناف انشتطكم واعادة فتح مدارسكم والعودة إلى اعمالكم، ولأجل ذلك نطلب من الجميع التعاون والتضامن من أجلكم ومن أجل جميع المتضررين من الحرب، ومع ذلك هناك شيء اخر في نفس القيمة وهو الاستمرار بالعمل كل يوم، وقد قال قداسته في لقاء مع البطاركة والاساقفة المسيحيين في روما قبل عامين، إن لبنان كان ويجب أن يبقى مشروع سلام. ودعوته أن يكون ارضا للتسامح والتعددية واحة للاخوة، حيث تلتقي الديانات المختلفة، حيث تتعايش المجتمعات المختلفة والمتنوعة للعمل من اجل الصالح العام. نحن نؤمن بان الله يشير فقط إلى طريق واحد على الارض وهو طريق السلام الذي يجب ان نبنيه معا بالتعاون لبناء الاخوة.
الرب خطط من اجل السلام، معا من اجل لبنان، هذا ما قاله البابا".
 
وأكد السفير البابوي "على الرغم من الصعوبات والتحديات، يجب علينا دائما ان نستمر في العمل من اجل السلام، والصلاة من اجل السلام وطلب السلام والعدالة من الله والعدل، الحرب والصراع يجلبان دوما المعاناة والموت بينما السلام يجلب الحياة والله يريد الحياة لانه اله الحياة".
وختم:"ليبارككم الرب ويحفظكم، انتم مجتمع صغير لكن تأكدوا أن الله لا ينسى أحدا، بل على العكس هو يراقب بشكل خاص اولئك الصغار والعزل، ويجعل نفسه درعهم وقوتهم. انا متأكد من أن الرب سيكون من خلال شفاعة سيدة النجاة سيكون دائما إلى جانبكم، وعنايته ستملؤكم بالنعمة والبركات".

اكليل من الزهر على مدفن الخوري خليل
في السياق عينه، احتفل بورجيا بالقداس الالهي يعاونه كهنة الرعية وأعطى السفير البابوي بركة توبة وغفران بتوجيه خاص من قداسة البابا فرنسيس، ليتوجه الجميع (اهل القرية) الى صالة الكنيسة حيث التقى السفير البابوي بابناء الرعية واستمع الى شؤونهم وشجونهم ومعاناتهم خلال فترة الحرب القاسية التي مرت على الجنوب بشكل عام وعلى الكفور بشكل خاص، واعدا اياهم بحمل هذه المعاناة الى الكرسي الرسولي. ليتوجه بعد ذلك الى مدفن الشهيد الخوري خليل سمعان ويضع اكليلا من الزهر ويتلو صلاة.
 
وتابع السفير البابوي البرنامج المقرر برفقة الكهنة والراهبات الانطونيات وسار مشيا على الاقدام متفقدا المنازل التي قصفت خلال الحرب الاسرائيلية، وعاين المنازل المدمرة والمتضررة بشكل جزئي وصولا الى الكنيسة الاثرية، حيث فوجئ بالاضرار الكبيرة الّتي اصابتها من الخارج والداخل وبات سقفها آيلا للسقوط في أي لحظة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: