Search
Close this search box.

المعلومات في أوقات الحروب والأزمات!

يستغل مروّجو المعلومات المضلِّلة الفرصة خلال الحروب والأزمات لنشر أنباء زائفة، ومقاطع فيديو وصور مفبركة على منصات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي بات يشكّل عبئاً كبيراً على الصحفيين ومدقّقي المعلومات، وعائقاً أمام المهنة الصحفية ورسالتها.

وفي السياق، تعمل صفحات ومواقع تدقيق المعلومات على تتبّع وتحليل ما تمّ نشره لغربلة الأخبار والفيديوهات المزيفة التي حققت انتشارا وتفاعلاً كبيراً بخاصةٍ خلال الأحداث الأمنية والسياسية المفاجئة.
ففي زمن الحروب، يتوجب علينا إتّباع منهجية دقيقة للتحقق من صحة المعلومات، وهذا يتطلب جمع معلومات بحذرٍ شديد وبسرعة بديهة مدروسة، كما يستوجب تعزيز جهودنا في رصد المعلومات، سواء كانت أخباراً، صوراً أم فيديوهات، نظراً لكثرة تدفّق الأخبار لدى حصول حدث ٍ أمني ما.
بادئ ذي بدء، لا بد من تحديد الأولويات والتركيز على المعلومات الأكثر انتشارا وتأثيراً أولاً بأول. وللتحقق من صحة الأخبار، ينبغي تكثيف جهود الفريق المختص في غرف الأخبار، أضِف إلى ذلك وجوب التحقق من هوية مصدر الصور والفيديوهات، حيث يمكن استغلالها بسهولة لغايات تضخيم الأحداث أو التقليل من أهميتها، أو حتى للتأثير في القرارات أو جلب الدعم الدولي لصالح جهةٍ معينة.

توازياً، يتم العمل على توثيق جميع مراحل عملية التحقق وإدراج مصادر المعلومات المستخدمة، بالإضافة إلى تبسيط النتائج ومشاركتها مع الجمهور. كما أنه يجب ألّا نغفل عن نشر تقارير التحقق وتوزيعها ومشاركتها على أكبر عددٍ ممكن من المتابعين. إذ إن المعلومات الصحيحة تلعب دوراً حاسماً في مثل هكذا ظروف، حيث تمثّل الفارق بين الحياة والموت. من هنا، لا بدّ من إلقاء الضوء على أهمية تدقيق المحتوى الإعلامي وعدم الانجرار وراء الأخبار المضلِّلة، وخصوصا ً في فترات الحروب والأزمات.
وللمزيد من التعمق والتحليل، أجرينا حواراً مع الإعلامي رياض طوق، العلامة الفارقة في الصحافة الاستقصائية في لبنان، بالإضافة إلى خبرته الطويلة في تغطية الحروب.

أكد طوق في حديثٍ لموقع LebTalks أن الإشاعات والأخبار المضلِّلة تكثر في الحروب الازمات وأن الخبر المضلِّل يصبح جزءاً لا يتجزأ من أدوات الحرب النفسية، ولعل أحد أبرز هذه الأمثلة الجولة التي قام بها الجيش الإسرائيلي لعددٍ من الصحافيين بعد أيامٍ على عملية 7 تشرين الأول داخل مستوطنات غلاف غزة.

هناك، نقلت مراسلة إحدى القنوات الإسرائيلية مشاهدات حول 40 طفلاً تمّ قطع رؤوسهم، وعلى الفور تسرّعت وسائل الإعلام العالمية في نقل هذا الخبر من دون التحقق من مصداقيته، على الرغم من عدم وجود صور لأولئك الأطفال ولا حتى لشهود عيان، وهو خبر نفاه لاحقاً الرئيس الأميركي جو بايدن. وأعطى طوق مثالاً آخر عن الأخبار المضلِّلة التي تناولت الجنرال الإسرائيلي الذي تمّ نشر صورته بالملابس الداخلية مخطوفاً من قِبل حركة “حماس”، ليظهرَ في اليوم التالي مشاركاً في اجتماعٍ عسكري إسرائيلي. ولفت طوق الى أن الأخبار الكاذبة يعود مصدرها إما لسياسيين أو مؤثرين أو عبر وسائل الاعلام المعروف عنها بالمصداقية. غير أن حرب غزة عرّضت الكثير من وسائل الإعلام الى اهتزازٍ طالَ تاريخها وسمعتها ومصداقيتها في نقل الأخبار. ومن الأخبار الكاذبة أيضاً، ما نشره المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي من صورٍ لغزة تضمّن بعضها مشاهد قصف النظام السوري لإدلب في سوريا. وعلى الفور، قامت بعض وسائل الإعلام بنقلها عنه. وشدّد طوق على أهمية التدقيق بالخبر قبل نشره، ففي حال عدم وثوق الصحافي من معلوماته، عليه أن ينسب الخبر الى مصدره الأصلي.

ولفت الى أنه كصحافي استقصائي، يرتكز عمله ما وراء الخبر، ولذلك يتحقق من صحة الخبر ودقته، فإما أن يكون الخبر موثّقاً أو أن يكون متأكداً تماماً من صحته لينشره عبر وسائل الإعلام. وعن الفرق بين الصحافة الاستقصائية والصحافة الصفراء، جزم طوق أن الأخيرة تعمل ضمن أجندة معينة، ومثالٌ على ذلك ما قامت به إحدى المراسلات التي تعمل في احدى أهم القنوات العالمية، حيث نشرت خبراً من ضمن أجندة وبالتالي، هذه ليست صحافة موضوعية ولا بنّاءة. وتوجه بنصيحة إلى الصحافيين ألا يعتمدوا على مصدرٍ واحد، فمن الضرورة بمكان لأن يبحثوا عن أكثر من مصدر وأن يتم ذكره بالاسم. وعليه، يجب أن يكون الخبر موثّقاَ، مسجّلاً أو مصوّراً حتى لا يتم نفي الخبر أو تكذيبه، مما يؤثّر سلباً على الصحافي لجهة مصداقيته ومهkيته.. وجدّد طوق التأكيد على ضرورة ثقة الصحافي بمصدره، وهذا يعود للعلاقة بين الطرفين، كما يعتمد على شخصية الصحافي وعلى جدية هذا المصدر. ومن الأمثلة التي قدّمها الإعلامي الاستقصائي رياض طوق في هذا السياق، أن إبن عم الرئيس السوري بشار الأسد، مُضَر الأسد، وأثناء التحقق من أوراقه على الحدود السورية اللبنانية عند نقطة المصنع الحدودية، تبين أن هناك مذكرة توقيف صادرة بحقه في لبنان. وقد أحدثت هذه المذكرة ضجة كبيرة الأمر الذي أدى لتدخلات ووساطات. وفي نهاية المطاف، تمّ إعطاؤه جواز السفر وسُمح له بدخول الأراضي اللبنانية على الرغم من مذكرة التوقيف الصادرة بحقه.

وهنا ذكر طوق أنه ألقى الضوء في حينه على هذه الحادثة، فما كان من الأمن العام آنذاك إلا أن أصدر نفياً خجولا وغير مقنِع.

هنا، وبحكم موقع ومسؤوليات وثقة طوق بالمصدر الذي نقل له المعلومة، بقي مصراً على صحة الخبر الذي نشره ولم يعتذر ولم يتراجع عنه، إلى حين ظهور واقعة أثبتت ما كان قد نشره هو من خلال تغريدة لأحمد شلاش عضو مجلس الشعب السوري، يُبدي عتبه فيها على المسؤولين اللبنانيين لتسطيرهم مذكرة توقيف بحق إبن عم الرئيس السوري بشار الأسد. وتمنى طوق على الإعلاميين عدم الحماس في حال لم يحصلوا على تأكيدٍ للمعلومة حتى لو كانت مغرية ولافتة، وإلا فإنهم بذلك يغامرون بسمعتهم وبمصداقيتهم، خصوصا ً الصحافي الذي لا يزال في بدايات تمرّسه الإعلامي.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: