المقامرة الالكترونية حيلة جديدة انطلقت مع المونديال...خسائر كبيرة وخربان بيوت

WhatsApp Image 2022-12-17 at 8.16.32 AM

المراهنات الالكترونية او اذا صحت تسميتها القمار الالكتروني مرض ظهر في مجتمعنا منذ اكثر من عشر سنوات، حيث وجد بيئة مؤاتية و خصبة لنموّه، فتطور متلطيا" بظلال التفلت و انعدام الرقابة و استفاد من الازمة الاقتصادية الحادة التي حلت على وطننا الى ان بلغ ذروته و اصبح وباءا" مع مونديال قطر ال 2022.
من حيث المفهوم، فانّ القمار و ان كان الكترونيا" لا يختلف بشيء عن القمار المتعارف عليه والذي يكون اما من خلال آلات وماكينات القمار واما عبر ورق اللعب، من خلال وضع مبالغ من المال قد تكون صغيرة او ربما ضخمة في كثير من الاحيان و الاتكال على الحظ الوفير لجني اضعافها و ربما اكثر. كذلك هو القمار الالكتروني انما بصورة اسهل و استر، بحيث لا يتوجب على المقامر ارتياد الاماكن المشبوهة و غير المرخصة ليراهن بامواله، انما يكتفي باستعمال حاسوبه او حتى هاتفه ليراهن بما شاء و على ما يشاء. طبعا" إنّ الامر ليس بهذه السهولة و في الوقت عينه ليس صعبا"، فعلى من يرغب بالمقامرة الكترونيا" ان يخلق حسابا" له لدى احدى شركات تحويل الاموال و التي اصبحت عديدة في لبنان و متمركزة في كل مدينة و كلّ قرية و ان يغزّي هذا الحساب بمبلغ المال الذي يريده سواء بالدولار الاميريكي او الليرة اللبنانية ليبحث بعدها عن سمسار يخلق له حسابا" على احد مواقع المراهنة غير الشرعية طبعا" في لبنان و يقوم بتحويل المبلغ الذي يريده لهذا السمسار و يطلب منه هاتفيا" ان " يشرّج" له حسابه الذي اصبح ملكا" له على مواقع المراهنة الالكترونية.
امام هذا الواقع و سهولة المقامرة الالكترونية وغياب الرقابة او بالاحرى انعدامها و ازاء انحلال الدولة و المؤسسات الدستورية في لبنان، و نظرا" للوضع الاقتصادي الصعب الذي نمرّ به و نشهده منذ عدة سنوات دون بوادر حلول و دون بصيص امل، راى اللبناني و بخاصة العنصر الشبابي سبيل كسب في المقامرة الالكترونية و وجد بعد تجربة ان الفوز و مضاعفة امواله من خلف شاشة هاتفه امر سهل، دون ان يتيقن ان خسارة اضعاف ما ضاعفه بفوزه امر غاية في السهولة. فالعطش للكسب اكثر اقوى من الارادة، فلو قامر احد الشباب الكترونيا" بمبلغ مئة دولار اميركي وفاز واصبحت المئة الفا" فهو لن يكتفي و لن يقف عند هذا الحدّ، بل سيطمح و سيعمل على جعل الالف عشرة آلاف! الى ان تقع الخسارة الكبرى و يتّجه هذا الشاب للاستدانة من المرابين ليعوّض خسارته، طبعا" عن طريق المراهنة مرة اخرى. نعم، انّ المقامرة الاكترونية قد تفشّت لا بل سيطرت على مجتمعنا و مونديال قطر 2022 كان اكبر دليل على ذلك، بحيث يدخل ايّ شاب او صبية الى موقع المقامرة بعد المرور بالمراحل التي سبق و عددناها و يختار ما يريد ان يراهن عليه اذ قد يضع رهانه على عدد البطاقات الصفر او على عدد حالات التسلّل او ربما على الفائز بالمباراة، و حتى يمكنه ان يخلق من كل هذه الامور باقة واحدة، بحيث يزيد خطورة خسارته انما يزيد نسبته في حال الفوز.

ولكن ما هو موقف القانون اللبناني من المقامرة الالكترونية و هل يجد تطبيق فاعل وفعّال لحذافيره؟ في هذا الاطار يشير المحامي الياس بو انطون الى ان المشرّع اللبناني منذ القدم و حتى اليوم لم يفتح الباب امام من يشاء لانشاء محلات مقامرة، بل حصر المراهنة الشرعية بكازينو لبنان بصورة رئيسية باستثناء بعض محلات المقامرة التي حازت على رخص قانونية في ظروف غامضة. فقانون العقوبات اللبناني صريح و واضح لناحية المقامرة التي يعرّفها بموجب المادة 632 منه بكونها كلّ لعبة يتسلّط فيها الحظ على المهارة او الفطنة و يعدد على سبيل المثال لا الحصر بعضا" من هذه الالعاب كالروليت و غيرها. بالتالي فانّ المادة 633 من قانون العقوبات منعت على اي احد مهما كانت جنسيته ان يخصص منزله او اي مكان عامّ او مباح للجمهور محلا" للمقامرة و لما يتفرّع عنها من العاب و اتت المادة 634 من القانون نفسه لتمنع ايٍّ كان التواجد في الاماكن السابق ذكرها و تعدادها. ما يعني انّ اذا" انّ القانون اللبناني جازم لناحية منع اي مقامرة غير شرعية و غير مرخصة ضمن الاراضي اللبنانية، و هذا طبعا" يشمل المراهنات الالكترونية التي تعدّ العابا" يسيطر فيها الحظ على المهارة او الفطنة و هي بالتالي ممنوعة و محظورة و ينبغي معاقبة كلّ وكيل و كلّ سمسار يروّج لها و يسهّلها، و ايضا" معاقبة كل من يستعمل هذه المواقع للمراهنة و كسب المال.
وتابع في حديث عبر LebTalks: انما و للاسف الشديد فانّ تطبيق القانون فيما خصّ موضوع المراهنات الالكترونية لا يتمّ الاّ بصورة خجولة و دون فعالية عالية، خاصة انّ العقوبات المفروضة من قبل القانون لا تتماشى مع ايامنا هذه اضافة للفلتان السائد على كافة الصعد و النواحي. بالتالي يفترض من الجهات الامنية التشدّد اكثر في هذا الموضوع و ذلك عبر البدأ بحجب مواقع المراهنة الالكترونية و المرور بملاحقة الوكلاء و السماسرة و انزال اشدّ العقوبات بهم، في فرصة لانقاذ الشريحة الاكبر من المراهقين و الشباب التي لم تنغمس حتى هذه اللحظة. لكن و رغم اهمية تطبيق القانون لمكافحة هذه الآفة و هذا الوباء، انما لا بدّ ايضا" من ان تلعب المؤسسات و الجمعيات دورها في نشر التوعية حول مخاطر المقامرة الالكترونية، فتستهدف اوّلا" القصّار و الشباب و المراهقين الذين هم الاكثر عرضة عبر انارتهم حول النتائج المرّة التي قد تنتج عن مقامرتهم و عن الخسائر التي قد يتكبدونها و المستقبل الذي سيضيع عليهم، و ان تستهدف بصورة ثانوية الاهل لارشادهم على سبل درأ هذا الخطر عن اولادهم.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: