"الممانعة" تقول كلّ شيء ولا تقول شيئًا!

PARLEMENTT

كتب يوسف يونس:

من يقرأ تصريحات نواب ومسؤولي فريق "الممانعة" في الآونة الأخيرة، يكتشف بسهولة أنّ الجماعة تعيش حالة هذيان سياسي. أحد الخبراء في التواصل السياسي اعتبر أنّ ما نشهده اليوم هو نوبة هذيان جماعي تضرب محور "الممانعة" وحلفاءه بعد الهزيمة الكبرى التي لم تعد قابلة للإنكار. فبدل الاعتراف بالفشل، انقلب الخطاب إلى صرخات ارتباك وتخوين، وراح أصحابه يرمون الكلام في كل اتجاه، كما يفعل الغريق وهو يلوّح في الهواء قبل أن يبتلعه العمق.

أمس، كانوا يتحدثون بلغة "الانتصارات الإلهية"، واليوم يتخبّطون في لغة إنكار بائسة، عاجزين عن تفسير الخراب الذي صنعته أيديهم، وعن تبرير عجزهم أمام الواقع السياسي والعسكري الجديد. لم تعد مفردات "المقاومة" و"الصمود" تنقذهم، بل تحوّلت إلى عبءٍ لغويّ يُفضح كلّما نطقوا به.

الهزيمة ليست في الميدان فقط، بل في الخطاب نفسه. فالذين كانوا يرفعون شعارات "العزّة" و"السيادة" باتوا يتهجّون لغة الأعذار، يفتّشون في قاموس الهروب عن كلماتٍ تبرّر سقوطهم المدويّ، فلا يجدون سوى الصراخ واتهام الحكومة اللبنانية بالتقصير، وخصوصًا في ملفّ الإعمار.

ارتطمت شعاراتهم بجدار الواقع، وباتوا محرجين أمام جمهورهم، يصبّون غضبهم على الحكومة التي يجلسون على مقاعدها، فيما هم مستمرّون في التسويف وإغراق العهد بالمماطلة، ويمتنعون عن تسليم السلاح الذي باتت نهايته أمرًا حتميًا.

هم يعلمون جيّدًا أنه لا إعمار قبل تسليم السلاح، لكنهم يرفضون القيام بذلك قبل الانتخابات المقبلة لأنّ الخطوة ستؤثّر على حضورهم وتمثيلهم، وستفتح الباب أمام خروقاتٍ جدّية داخل مقاعدهم النيابية. ومع ذلك، فإنّ ضغط ملفّ الإعمار يحتاج إلى مبرّرات، ولا مبرّر لديهم سوى الهجوم على الحكومة الحالية. غير أنّ الجميع يعلم، بما فيهم بيئتهم، أنّ لا إعمار من دون دولة، ولا دولة مع سلاح غير شرعي.

وهكذا، باتت شعارات "الممانعة" مجرّد هذيان سياسيّ يعكس انكشافهم وسقوطهم في آن واحد سقوط في الميدان، وفي اللغة، وفي الخطاب الذي لم يعد يُقنع أحدًا.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: