تصاعد الحديث في الآونة الاخيرة عن مشروع لاقامة "منطقة حرة منزوعة السلاح" في لبنان. وهي منطقة لا وجود فيها للميليشيات وتحديداً لحزب الله. المشروع طرح في اروقة الكونغرس الاميركي كمدخل لتنفيذ "محدود" للقرار 1559 الذي ينصّ على نزع سلاح الميليشيات على كامل الاراضي اللبنانية، وهو ما ينصّ عليه ايضاً اتفاق الطائف.
اذاً هذا المشروع يأتي تنفيذاً للقوانين المرعية دوليّاً، وليفرض واقعاً جديداً وهو سحب حزب الله من مناطق معيّنة والبدء بانعاش لبنان اقتصاديّاً. ولكن هل هو قابل للتطبيق؟ وكيف يمكن تنفيذه؟ وهل سيكون مدعوماً عربيّاً ودوليّاً؟ وكيف يساعد في تحسين الاقتصاد؟
من المفترض بعد الازمات التي عصفت بلبنان، وبعد محاولات حزب االله جرّ البلد واقحامه في صراعات المنطقة وفي حرب مع اسرائيل، ان يجري البحث عن حلّ لاخراج لبنان من دائرة النفوذ الايراني ومن سيطرة الحزب على مؤسساته، فجاء هذا المشروع ليتقاطع مع دعوة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لاعلان الحياد، ومع الداعين الى الفدرالية كنظام سياسي جديد.
يشرح مدير التحالف الاميركي الشرق أوسطي للديمقراطية توم حرب عبر LebTalks فكرة المشروع الذي يشمل إقامة منطقة خالية من الميليشيات، بما فيها حزب الله، تمتد من عكار حتى بيروت الادارية باستثناء الضاحية الجنوبية، ويبقى الحزب موجوداً في مربّعاته الأمنية. هذه المنطقة تكون تحت حماية الجيش وقوى الأمن، والبلديات وعلى الجيش ان يتولّى تفريغها من مخازن الاسلحة التابعة لحزب الله والمنتشرة في الاحياء السكنية، وبذلك تعتبر منطقة آمنة وتُدعم ماليّاً من الخليج والاغتراب اللبناني وتستقطب مشاريع اعمارية واقتصادية باعتبارها منطقة نظيفة لا يوجد فيها توترات امنية. بالاضافة الى ذلك، تُنعش المرافئ من مرفأ جونية الى مرفأ سلعاتا ومرفأ شكا ومرفأ طرابلس، ويتم تفعيل مطار حامات او مطار القليعات.
في هذه المنطقة الحرة حيث لا نفوذ لحزب الله، تتأمّن الحريات السياسية وحرية التعبير بشكل كامل وتجري انتخابات نيابية وبلدية حرة ونزيهة. وفي حالة الحرب مع اسرائيل تحيّد المنطقة الحرة ويتم تجنبيها خطر القصف.
المشروع لن يكون طبعاً لمصلحة ايران وذراعها في لبنان حزب الله الذي يحتاج لحرية الحركة في المناطق اللبنانية كافة ولاستخدام المطار والمرافئ ولكن طالما ان المنطقة الحرة لن تقترب من مناطق نفوذ حزب الله، فان بالامكان تطبيقه في بقية المناطق حيث اكثرية الشعب اللبناني رافضة للحزب.
يشير حرب هنا الى المسؤولية التي تقع على النواب "السياديين" الذين حملوا مشروع مواجهة الحزب و"عليهم ان يحسّنوا استراتيجيتهم على الارض". ويشدد على ان المطلوب من هؤلاء، لجعل هذا المشروع امراً واقعاً، ان يقدّموا مشروعاً في مجلس النواب، واذا سقط بفعل رفض فريق الثنائي الشيعي، عندها يتمّ تحويله الى مطلب رسمي او مذكرة ترفع لدول العالم، الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة المسؤولة عن القرار 1559، ويمكن عندها لـ "اللوبيات" اللبنانية في الاغتراب ان تدفع باتجاهه، وان يتم وضع شروط لتقديم مساعدات للجيش اللبناني، كما يمكن للدول العربية ان تعمل مع الدول المعنية في الغرب لتطبيقه كشرط للمساعدة.
يجزم حرب ان المشروع لا علاقة له بالتقسيم وهو ليس نظاماً فدراليّاً جديداً انما الهدف الاساسي منه "انقاذ لبنان وحمايته من سيطرة حزب الله، ويمكن فيما بعد ان يساهم في انتفاضة البيئية الشيعية في مناطق نفوذ الحزب عندما ترى الازدهار والبنيان وتدفق الاموال والشركات الى المنطقة الحرة".
يؤكد حرب ان المشروع مقبول من الاميركيين والاتحاد الاوروبي، وان هناك افكاراً يتم التداول بها، وبرأيهم هو مشروع عمليّ، لكن النواب في لبنان يرفضون السير به حتى الآن. ويصف هذا المشروع بانه "الاقل كلفة لتنفيذ القرار 1559، فضلاً عن دعمه للاقتصاد". ويدعو الى اغتنام الفرصة والى ان يتحمّل الجيش مسؤوليته ويتخذ الخطوات المفروضة لمصلحة الشعب والمواطن اللبناني.