الموازنة العامة وتفريغها من مضامينها واهدافها

budget-law

كتب الكاتب والمحلل السياسي جورج ابو صعب

في موضوع الموازنة اكثر من ملاحظة وتحفظ حول المضمون ابرزها ان هذه الموازنة كما موازنات السنوات الاخيرة تحولت فقط الى تقدير رقمي ناشف لواردات ونفقات بدون اية رؤية اقتصادية اجتماعية ولن نقول سياسية لان هذه السياسة مع هذه السلطة تختصر بالخضوع والتعاون مع الاحتلال وحزبه .فالمتعارف عليه في العلوم المالية انها لطالما كانت جزأ من الاقتصاد السياسي حتى ان آدم سميث قسم مؤلفه (ثروة الامم ) الى خمسة اقسام خصص القسم الاخير منها للمالية العامة.

فالاقتصاد والمال عاملان متلازمان متكاملان وهما مظهران لحقيقة واحدة.

فاين مثلا سياسة الضرائب المشجعة لمرفق اقتصادي متهاو وبحاجة لانقاذ ودعم ؟ واين الضرائب التصاعدية على الثروات الفاحشة كي لا نقول اين استراتيجية الدولة في استرداد الاموال المنهوبة التي تكفي لوحدها لانهاض الوضعين المالي والاقتصادي ؟ليس معيبا مثلا ان تفرض الميزانيات سياسات ضرائبية تحد من الاستيراد المضرب للانتاج الوطني للنهوض به صناعيا وزراعيا .كذلك على الصعيد الاجتماعي فالعلوم المالية لطالما كانت مرتبطة بالعلوم الاجتماعية والظواهر الاجتماعية . وفي هذا الاطار اين خطة الدولة في ميزانيتها لا با في سائر ميزانياتها السابقة بازالة الفوارق بين الطبقات الاجتماعية واعادة توزيع الثروة تثبيتا للعدالة الاجتماعية والتضامن بين الثروات والحاجات واعفاء الطبقات الفقيرة والمنكوبة من الضرائب لا تحميلها المزيد وارهاقها بالمزيد من الاعباء لدرجة الاختناق .اين ميزانيات المنح مثلا ؟ وتعميم التعليم المجاني كما نص اتفاق الطائف الذي نص على توفیر العلم للجمیع وجعله إلزامیاً في المرحلة الابتدائیة ؟ اين رؤية الدولة في ميزانياتها لضمان الشيخوخة والبطالة واستراتيجيات تأمين الحظوظ المتعادلة لجميع افراد الشعب ؟ان استمرار الميزانيات العامة في هدر الاموال بين خدمة الدين العام والمعاشات والرواتب في بلدٍ منكوب بحاجة لرؤية نهوض شاملة قبل الاتكال على صناديق دولية ومساعدات المجتمع الدولي يفاقم من الانهيار ولا يأتي الا بارقام جوفاء تزيد الاهتراء المالي والاقتصادي والاجتماعي .

رحم الله اللورد وليام بفردج مبتكر الموازنة الانسانية في مؤلفه الشهير ( العمل للجميع في مجتمع حر) du travail pour tous dans une société libre والذي اعتبر ان الغاية من الموازنة اسعاد الانسان ومعالجة امراض المجتمع وايجاد العمل للجميع . فميزانيات دولة لبنان غايتها تعميق الازمات وافقار الناس وترك الامراض بلا علاج وايصال اللبنانين الى اكثر من ٧٠./. فقر وعوز وفاقه .

في ٣/٢/٢٠٢٢

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: