إنتهت “سكرة” إنتخابات نقابة المهندسين وأتت “فكرة” النتائج والقراءة الموضوعية للأرقام. فهذه الإنتخابات، كما غيرها من الانتخابات التي جرت العام الماضي، لا سيما الإنتخابات الطالبية أتت لتؤكد مرة جديدة أن الشعب بات يفتش عن التغيير الحقيقي على صعيد الحكم، وأن أحزاب السلطة لم تعد تمثّل الطموح الشعبي المطلوب، لا سيما في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة والنقمة الشعبية الكبيرة.
لائحة “النقابة تنتفض” المدعومة من أحزاب ثورة 17 تشرين وبعض الأحزاب المعارضة كالكتائب وحركة الاستقلال والكتلة الوطنية تمكنت بالأمس من انتزاع غالبية المقاعد في انتخابات المهندسين، مع تسجيل خرق بسيط لأحزاب السلطة التي اجتمعت كلها بلائحة واحدة، واللائحة التي كانت مدعومة من حزب القوات اللبنانية والتي خاضت الإنتخابات منفردة، وتمكنت من الخرق بـ 5 مقاعد.
ومن هنا وبقراءة سريعة للأرقام، فإن لائحة القوات اللبنانية تمكنت من الحصول على ما يقارب 1200صوت مسيحي، في حين حصدت لائحة الأحزاب 900 صوت مسيحي ولائحة “النقابة تنتفض” على 1100 صوت، ما يشير وبالأرقام أن القوات اللبنانية تمكنت من المحافظة على حجمها على الصعيد المسيحي في وقت بدت أحزاب السلطة “مضعضعة” مسيحياً ولم تتمكن من حصد الأصوات المطلوبة.
إلاّ أن نشوة النصر لا يجب أن تستمر بل يجب العمل على إعادة التموضع ولملمة صفوف الثورة، فهذه الإنتخابات، وإن كانت مؤشراً الى المزاج الشعبي، إلاّ أنها لا يمكن أن تشكل قاعدة للإنتخابات النيابية لأن هناك المعركة أشرس والمقاعد أقل، وبالتالي على أحزاب الثورة العمل على لملمة صفوفهم وتوحيد رؤياهم إستعداداً للمرحلة المقبلة، خصوصاً وأن اللافت في هذه الانتخابات كان سيطرة العنصر الشاب عليها، ما يؤكد أن مزاج الجيل الصاعد بات مختلفاً اليوم وأن التغيير هو المطلب الأساسي له للخروج من العباءة الحزبية التقليدية، وبالتالي فهم بحاجة الى مَن ينظم هذه الصفوف ويرصّها لمواجهة الأحزاب نيابياً.