رأى نقيب مقاولي الأشغال العامة والبناء اللبنانية النقيب مارون الحلو "أن مساحات البناء المرخصة شهرياً لا ترتبط بأي عامل إقتصادي أو إنمائي، لأن الفروقات المسجلة بين الأشهر تعود الى سعي أصحاب العلاقة الى إستباق رفع نسب الرسوم والضرائب أو بسبب التأخر في تنفيذ المعاملات العقارية أو لإقفال الدوائر العقارية على خلفية التوقيفات التي حصلت..
لهذا لا يمكن الأخذ بالمعدّل الشهري لمعاملات البناء على عكس المعدّل السنوي من أجل تقييم طبيعة الحركة في القطاع؛ كما يمكن إعادة سبب التراجع في مساحات البناء المرخَّصة بنسبة 60 في المئة الى الوضع العام في البلد بدءاً من غياب الإستقرار السياسي وعدم إنتخاب رئيس للجمهورية، وعدم إنتظام عمل المؤسسات العامة مع الأخذ بعين الإعتبار ما يحصل في الدوائر العقارية التي مضى على توقفها عن العمل أكثر من ستة أشهر وتحديداً في مناطق بعبدا، الشوف، عاليه، كسروان، جبيل والبترون وهي من الأسباب الرئيسية لتراجع عدد المعاملات العقارية".
الاستقرار السياسي يوفر كل الحلول
وعن التحديات التي يواجهها القطاع قال الحلو:"بموازاة غياب الإستقرار السياسي، يواجه القطاع الأزمة المالية بسبب وجود دورة إقتصادية غير سليمة على الرغم من أن الأموال النقدية "الفريش" التي تدخل لبنان من خلال تحويلات أو مجيء المغتربين والسيّاح يتّم صرفها في الحركة الإستهلاكية وليس للإستثمار، لأن المتمول لا يوظف أمواله إلا متى توفر عنصر الاستقرار السياسي، فيما نحن لا نزال نفتقر الى هذا الأمر مضافاً إليه الأزمة النقدية والمالية والمصرفية وارتفاع كلفة مواد البناء، ما يفقد المستثمر القدرة على تحديد مصير إستثماره الأمر الذي يضع المطورين العقاريين في أزمة غير واضحة المعالم.
أضاف:"الى ذلك، لا يوجد طلب على الشقق الحديثة، فيما السوق اليوم لديه شقق مبنية منذ خمس سنوات لم يتمّ بيعها لغاية الآن بسبب فقدان القدرة الشرائية لدى الناس أو لعدم توفر الاموال الفريش لديهم، لهذا يتجه السوق نحو الإيجارات السكنية وبالدولار، وهذا الوضع دفع اللبنانيين لنقل سكنهم الى الأماكن القريبة من عملهم سعياً لتوفير أقله كلفة النقليات.
إستباق زيادة الرسوم والضرائب
كل هذه العوامل تؤكد إستمرار غياب أي إستثمار جديد إن على صعيد شراء العقارات أو بيع الشقق على الرغم من وجود عدد محدود من عمليات الشراء من قبل اللبنانيين العاملين في الخارج لأن قيمتها تبقى ثابتة
بعد كل ما واجهه المودعون مع المصارف أو لناحية التلاعب في أسعار العملة الوطنية".
وعن أسباب تدني هذه النسب في معاملات البناء، إعتبر نقيب المقاولين أن أصحاب المعاملات يسعون
الى إستباق زيادة الرسوم والضرائب، مع العلم أن القرى والبلدات النائية تشهد حركة بناء إما من دون رخص أو برخص صادرة عن البلديات وهذه لا يتصل وضعها بأي إنماء وإزدهار.
من هذا المنطلق يمكن القول بوجود جمود كلي لأي تطوير عقاري خلال الأعوام الماضية ولاسيما 2021
و 2022 ولكن الأسوأ منهما هو العام الحالي 2023 لعدم وجود رغبة لدى المتمولين لإطلاق أي مشروع.
لكل وقت ظروفه
وعن إمكانية وجود تفاؤل في المدى المنظور، شدد الحلو على عدم إمكانية تعميم الوضع الحالي على السنوات المقبلة لأن كل وقت يخضع لظروف وأوضاع خاصة به، لهذا "أقول دوما أن قطاع المقاولات والتطوير العقاري في أي أزمة هو أول قطاع تتوقف فيه الحركة وآخر القطاعات التي يستعيد نشاطه متى إنتهت، والسبب حاجته الى إستثمارات كبيرة ومصارف لتأمين السيولة وثقة بالبلد وتحسن القدرة الشرائية للناس، بالإضافة الى إستقرار سياسي، فاليوم نجد قطاعات الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة ناشطة متجاوزة تداعيات الأزمة التي يواجهها لبنان على عكس قطاع المقاولات والتطوير العقاري".
وختم النقيب الحلو كلامه بالتأكيد على أن الخطوات المطلوبة للبدء بوقف الإنهيار الإقتصادي والمالي "تنطلق من تأمين الإستقرار على كافة الصعد وخصوصاً على الصعيد السياسي والمالي والنقدي والثقة بالمصارف وإنتظام عمل المؤسسات العامة، وتليها عمل الدوائر العقارية اليومي والتنظيم المُدني، لهذا لا أتوقع حصول أي تغيير إلا في حال تغيرت الأمور التي يرزح البلد تحت ثقلها".
