لا يختلف إثنان على أن توقيت وهدف طرح قانون المنافسة في المجلس النيابي، هو تنظيم المنافسة في السوق اللبنانية ، ولكن إلغاء الوكالات الحصرية وتحديداً إلغاء حماية الدولة، طرح ٌ تطلّب عشرات الجلسات من النقاش في اللجان النيابية ما بين النواب والهيئات الإقتصادية، على مدى العامين الماضيين، إلى أن كانت الصيغة الحالية للقانون والتي يستعد المجلس النيابي لإقراره الأسبوع المقبل، بصرف النظر عن الإشكالية المتعلقة بالمادة الخامسة منه المتعلقة بإلغاءالوكالات الحصرية.وإذا كان الحديث عن الوكالات الحصرية يستحضر على الفور انطباع الإحتكار، وفق ما تشير إليه مداخلات النواب، الذين يطرحون الإلغاء من زاوية شعبوية على أبواب الإنتخابات النيابية، فإن ما لم يتمّ الكلام عنه في هذا الإطار، هو تداعيات إلغاء حماية الدولة للوكلاء والتجار والمؤسسات اللبنانية، فيما لو تعرضت لإجراءات تعسفية من قبل المؤسسات الدولية في المستقبل. وفي هذا السياق يحرص رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس عبر LebTalks على التأكيد بأن الهيئات الإقتصادية قد شاركت وعبر ممثليها بشكل فاعل في كل جولات النقاش في المجلس النيابي على امتداد الأشهر الماضية، من أجل المشاركة وعرض وجهة نظرها في القانون المتعلق بالمنافسة والذي وصل إلى خواتيمه، إلاّ أن مادةً وحيدة بقيت خاضعة للأخذ والردّ، ومعلّقة على التفسيرات المتناقضة لها ما بين الهيئات من جهة وبعض النواب من جهة أخرى.ويعرض شماس للمقاربة الخاصة للجمعية كما لكل الهيئات الإقتصادية لهذا القانون، إذ يؤكد أنها لا تعارض القانون المذكور، ولكنها تطالب السلطة مجتمعةً أن تحمي القطاع التجاري بأكمله من التهريب الحاصل ومن المنافسة الخارجة عن الأصول وغير الشرعية التي تحصل في لبنان، فإذ بها تتجه نحو إضعاف القطاع الشرعي لمصلحة تعزيز القطاع التجاري غير الشرعي، مشيراً إلى أن إلغاء الحماية للوكالات الحصرية والوكلاء الحصريين لماركات معينة، لن يحقق أية انعكاسات إيجابية مباشرة على المستهلك اللبناني، الذي يعاني في الأساس من ارتفاع أسعار السلع على أنواعها، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار وغياب الرقابة ، وليس بسبب الوكالات الحصرية. وبالتالي فإن إلغاء الوكالات، لن يساهم في تخفيض الاسعار أو تراجع التضخم، لأن سبب الإرتفاع هو سعر الصرف والضرائب والرسوم ، التي ستزداد في المرحلة المقبلة وبصرف النظر عن كل ما يتم تسويقه من تأثير لإلغاء الوكالات الحصرية.وإذ أعاد شماس التذكير بالدور الذي قامت به المؤسسات وتحديداً الوكلاء"الحصريين" كما يسميهم السياسيون، شدّد على أن الوكيل يخصص موازنة مالية ضخمة من أجل تدريب كوادر بشرية، وتأمين الخدمة الأفضل للمستهلك حتى بعد البيع، ويؤمّن العديد من الإستثمارات في كل المجالات، وصولاً إلى توظيف الآلاف من المواطنين في مجالات مختلفة، وصولاً إلى قطاعي الإعلان والإعلام، وهذه العملية المتكاملة تجري وفق القوانين المرعية الإجراء، بينما في المقابل هناك تجار الشنطة الذين دخلوا في منافسة مع المؤسسات، من دون أن تكون لهم أية مساهمة في توفير فرص عمل، أو تدريب كفاءات أو التزام بالقوانين ودفع الضرائب.
وكشف شماس أن المنافسة غير المتكافئة ستكون النتيجة الأولى لإقرار المادة الخامسة من قانون المنافسة، وذلك بالإضافة إلى نتيجة ثانية تتعلق فقط بالوكيل ولا تنعكس بأي شكل على المستهلك أو على أسعار السلع الإستهلاكية، وهي تركة من دون أية حماية قانونية تجاه الخارج، إذ أن قانون الوكالات الحصرية، كان يؤمّن الحماية لأي وكيل عندما يتعرض لإجراءات تعسفية، مثل فسخ العقد معه من قبل الشركات في الخارج، كون القانون أو المادة الخامسة منه، سوف تحرمه من الحصول على التعويض في حال تعرّض لمثل هذه الإجراءات.ولا يرى شماس أي ارتباط بين المنافسة وهذه الحماية، ويؤكد أن إنشاء هيئة خاصة في هذا الإطار، سيؤدي إلى دراسة الواقع وتأمين المنافسة، وبالتالي فإن الوكالة لا تعيق المنافسة، بل إن ما سيحصل بعد إقرار القانون المذكور هو إضعاف الوكيل خارجياً بالدرجة الأولى، وفتح السوق أمام تاجر الشنطة ليسرح ويمرح من دون أي رقيب، وتحويل الأسواق اللبنانية من سوق مرموق إلى سوق يليق فقط بالدول المتخلفة، ويفقد لبنان هويته وموقعه التجاري في المنطقة.وأعلن شماس أن جمعية تجار بيروت لا ترفض إلغاء الوكالات الحصرية وتعزيز المنافسة الشرعية، ولكنها تطالب بعدم رفعها بشكل كلّي، بل بدراسة كل حالة بحسب ظروفها وواقعها، وذلك بهدف حماية القطاع عبر حماية المؤسسات. وخلص إلى التحذير من أن القطاع التجاري شهد خلال العامين الماضيين تراجعاً في حجم أعماله بنسبة 80 بالمئة ، ومع القانون المذكور قد يتمّ القضاء على النسبة المتبقية، وذلك من دون تأمين أية حماية أو خيار للمستهلك ، والذي سيكون كما الوكيل "حقل تجارب" لبعض الجهات التي تتخذ قرارات خاطئة يدفع ثمنها المواطنون على مدى السنوات المقبلة.