بمشهدية مسرحية غنائية - أوجزت 40 عاماً منذ تأسيسه وإنطلاقته على يد الحرس الثوري الايراني الذي وصل الى بعلبك عام 1982 الى يومنا هذا - إختتم "الحزب" الاحتفاليات التي نظمها للمناسبة، أعقبها كلمة لأمين عامه شملت جردة بالانجازات والانتصارات وعدم الوقوع في الافخاخ لم تخلُ من إستغياب فصول من المسرحية التي عاشها لبنان منذ دخول جيش الولي الفقيه اليه ونشأة "الحزب" في إطار مشروع "تصدير الثورة".
لن نغرق في تفاصيل خطاب نصرالله، وقوله "نعلن استعدادنا الدائم لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية ولم نهرب يوماً من مناقشة ذلك". لن نسأله لماذا تخلّف حزبه عن تقديم تصوره خطياً كما باقي الاطراف في لجنة الخبراء في الشؤون الدفاعية التي انبثقت عن جلسات الحوار التي عقدت بين ايلول 2008 ومطلع حزيران 2009!!!
لن نتوقف عند تشديده على ان "المطلوب العمل على تحرير بقية الأرض اللبنانية المحتلة". لن نسأله عن الموافقة على القرار1701 أو عن عدم حصوله من حليفه النظام السوري على كتاب يقر بلبنانية مزارع شبعا لتقديمه الى الامم المتحدة.
لن نعلّق على قوله "خلال 40 عاماً في لبنان تجنبنا الانزلاق الى أي حرب أهلية أو فتنة مذهبية" أو حديثه عن حادثة الطيونة. لن نسأله - وهو الذي كان كحزب في صلب الحرب الاهلية - عن ثكنة الشيخ عبدالله أو عن الاغتيالات التي طاولت ضباط الجيش اللبناني في البقاع وقيادات الحزب الشيوعي ولا عن معارك الليلكي وإقليم التفاح. كذلك لن نطلب منه الاستحصال على مسح طبوغرافي كي يدرك ان شوارع عين الرمانة ليست الطيونة ولا الغبيري او بئر العبد. لن نسأله ما إذا كانت غزوة "7 أيار" أو رفض تسليم عنيسي ورفاقه المتهمين بإغتيال الرئيس رفيق الحريري تجنباً لحرب أهلية؟!
لن نذكّره بالباصات المكيفة التي أقلت إرهابيي "داعش" وعن حقيقة حرمان الجيش اللبناني من التنعم بالنصر الذي حققه في معركة "فجر الجرود" في آب 2019 أو نعلق على قوله "قامت المقاومة وبمساندة اهل البقاع وبعلبك الهرمل وفي المرحلة الاخيرة من خلال المشاركة الهجومية المباشرة للجيش اللبناني في تحرير هذه الجبال والجرود مما ادى الى هذا الانتصار". لن نسأله هل يقصد أن حزبه صنع هذا التحرير والجيش شارك؟!!
لن نجاريه بحججه بشأن عدم عودة النازحين السوريين الى ديارهم وقوله "حتى الآن بسبب الضغوط السياسية الأميركية ومراعاة لدول اقليمية في المنطقة الحرف الأول من اسمها السعودية موضوع معالجة العلاقات بين لبنان وسوريا لا يتقدم". لن نسأله عن اللجان التي شكلها "الحزب" لهذه الغاية وتنسيقه مع نظام الاسد وهل الارقام الهزيلة لعدد من أعادهم هي نتاج خضوعه للضغوط الاميركية ومراعاة للسعودية؟!!
لن نجادله في تدخله بدول الاقليم وقوله "سنبقى نعبّر عن مواقفنا وتضامنا مع الشعوب العربية في المستقبل وجاهزون لتحمل التبعات لأن هذا موقف حق وتضامن يجب أن يعبر عنه". لن نسأله عن قتاله في اليمن والعراق وعن خلاياه المتغلغلة في هذه الدولة من خلية العبدلي في الكويت الى خلية سامي شهاب في مصر!!!
لكن أليس لافتاً أن يذكر أن "الاستحقاق الداهم موضوع النفط والغاز وترسيم الحدود البحرية (...) والتهديدات لا قيمة لها وقرارنا وتوجهنا واضح وننتظر الايام القليلة المقبلة ليُبنى على الشيء مقتضاه" وتغيب عن كلمته إستحقاقات أكثر من داهمة من رئاسة الجمهورية وشبح الفراغ الى إنفجار العصر، إنفجار 4 آب في بيروت، وسفاحي "نيترات الامونيوم" وعرقلته السافرة لمسار التحقيق وكيفية الخروج من الانهيار؟!!
طالما أصرّ أمين عام "الحزب" على ان يخص بالذكر سماحة الشيخ الراحل محمد مهدي شمس الدين، فالشيء بالشيء يذكر: أين هو من كتابه "الوصايا"؟! ومن دعوته للشيعة ألا ينجروا او يندفعوا وراء كل دعوة تريد ان تميزهم تحت اي ستار من العناوين وألا يفكروا بالحس السياسي المذهبي وان يتجنبوا في كل وطن من اوطانهم شعار حقوق الطائفة او ان ينشؤوا مشروعا ًخاصاً للشيعة في وطنهم؟!