تراقب الأوساط الديبلوماسية الفرنسية تطورات المفاوضات الجارية لتأليف الحكومة الجديدة وفقاً للمبادرة التي كان أعلنها رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولم تخف خيبتها من المسار الإنحداري الذي سلكته والذي يجعل من مصيرها شبيهاً بالمبادرة التي كان أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون منذ أشهر ، واصطدمت بالعقبات والعراقيل التي كانت تبرز تباعاً وتُعيد في كل مرة عملية التأليف إلى المربع الأول.
ومع انقضاء المهل أمام المبادرة والتأليف تزامناً مع تسارع وتيرة انهيار المؤسسات والقطاعات النقدية والإقتصادية والصحية والتربوية، تحذر الأوساط الديبلوماسية المتابعة للملف اللبناني، من خطورة ضياع كل الفرص المتاحة من أجل إنقاذ لبنان، وهو ما دأبت عليه الطبقة السياسية، والتي تأخذ من اللبنانيين، رهائن، في صراعاتها السياسية حول النفوذ والسلطة. وفي هذا الإطار يندرج الصراع الذي انفجر بشكل غير مسبوق بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، والذي يعود إلى غياب التوافق بينهما على المستوي الشخصي بالدرجة الأولى.
ولم تجزم الأوساط نفسها بأن باريس سوف تدخل مجدداً على خط الوساطة في بيروت لكنها تعلن أنها تدعم مبادرة الرئيس بري، وإن كانت تعتبر أن وقوف فرنسا إلى جانب لبنان ليس جديداً ولا يتصل باية أجندات سياسية فرنسية داخلية، لافتة إلى الدور المؤثر الذي لعبه الرؤساء الفرنسيون في دعم لبنان خصوصاً في مؤتمرات باريس الثلاثة كما عبر مؤتمر “سيدر” ومؤتمر روما وصولاً إلى حشد الجهود على المستوى الأوروبي، لدعم المؤسسات الأمنية اللبنانية ومساعدتها على مواجهة الأزمة المالية الحادة.
وشددت الأوساط نفسها على أن باريس ، التي صُدمت من طريقة تعاطي المسؤولين في لبنان مع مبادرتها، ما زالت تعمل على خط العقوبات بحق المعرقلين لهذه المبادرة، مع العلم ان اللائحة بأسماء هؤلاء قد اصبحت جاهزة وسيتم الإعلان عنها قريبا”، ولكنها رفضت الإفصاح عن اية أسماء فيها مؤكدة أن هذه اللائحة سرية ولكنها جاهزة للصدور في غضون أيام معدودة ومن دون أية إنذارات للمشمولين فيها.