من البديهي القول إن “المنظومة” أو الطبقة السياسية التي حكمت لبنان في مرحلة ما بعد الحرب ولا تزال إلى اليوم، هي المسؤولة عن تركيبة المؤسسات في كل المجالات وعلى كل المستويات السياسية والإقتصادية والمالية والأمنية والقضائية وصولاً إلى المجالات الصحية والثقافية والتربوية والإجتماعية.
إلاّ أن الأخطر يبقى ما أرسته السلطة السياسية على الصعيد المالي والذي أدى إلى انهيار العملة الوطنية والقطاع المصرفي في العام 2019 في أسوأ كارثة مالية، تتحمل مسؤوليتها الدولة، وذلك في ضوء ما يتردد عن مخطط بدأت تتكشف فصوله من خلال غياب المعالجات الرسمية للأزمة أولاً وعبر الدفع باتجاه إفلاس القطاع المصرفي ثانياً وشطب ودائع اللبنانيين ثالثاً.
وتتحمل مسؤولية كل سيء على كل المستويات منظومة وهي مسؤولة في المقابل، فإن الدولة تواصل مطالبة المصارف التي تواجه منفردة هذا الإنهيار، بتحمل مسؤولية الخسائر المالية، وفي الوقت نفسه تعمل على إعداد قوانين تهدف إلى تصفية القطاع المصرفي وذلك بعدما منحت ترخيصاً لإنشاء مصارف جديدة.
وعليه فإن الدولة أو الطبقة السياسية قد هدرت وبالأرقام: 150 مليار دولار ومنها 70 مليار للشعب اللبناني، وهي ودائع اللبنانيين.
واليوم وبعد 5 سنوات على الأزمة، تغيب الخطط الإصلاحية، وتكتفي السلطة بملاحقة حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة بـ300 مليون دولار، بينما لا تحقق في هدر أكثر من 150 مليار.
ومن المعلوم أن هذه المليارات قد صُرفت من خلال تمويل خسائر موازنات الدولة التي يحددها المعنيون بحدود الـ7 مليار دولار، كانت تمول من مصرف لبنان بموجب قانون الموازنة، الذي تقره الحكومة والبرلمان. ومع هدر 7 مليار دولار على مدى عشر سنوات، تمّ صرفها لتمويل مشاريع وبنى تحتية “وهمية”، خسر المودعون أموالهم.
وعلى سبيل المثال، فإن البنك الدولي، قد تحدث في خطته الإصلاحية التقنية، عن هدر واضح في قطاع الكهرباء قدره بنحو 45 مليار دولار، كما قدر الهدر الناجم عن التهرب الضريبي والتهريب على الحدود اللبنانية السورية بقيمة 20 مليار دولار.