اعتبر الكاتب والمحلل السياسي مروان متني ان زيارة الرئيس الاميركي جو بايدن الى السعودية متغيّر عميق نسبة لسياسة بايدن الذي بنى حملته الإنتخابية وبداية إدارته على خطاب متشدد جدًّا تجاه الأمير محمد بن سلمان مُستَخدما عبارات قاسية مثل "سأجعلها دولة منبوذة" وغيرها من العبارات التي أزعجت السعودية خصوصا وأنها تزامنت مع تكثيف هجمات الحوثيين وضربها لأهداف عديدة على الأراضي السعودية، مشيراً الى ان الحرب في أوكرانيا هي التي غيّرت حسابات بايدن، إضافة إلى التضخم الذي تعيشه أميركا حاليا وإرتفاع أسعار النفط.
ولفت في حديث عبر LebTalks الى ان إقتراب الإنتخابات النصفية في أميركا تعتبر عاملاً أساسياً دفع بايدن الى تغيير خطابه وعقلنته أكثر والعودة إلى ترسيخ العلاقات التاريخية بين السعودية وواشنطن بغض النظر عن من يحكم في كلا البلدين.
وتابع: "هذه الزيارة إستغرقت الكثير من التحضير واللقاءات والإجتماعات بين مسؤولين سعوديين وأميركيين، إذ تم التحضير لها كي تشمل كافة الملفات الخلافية التي كانت بين السعودية وواشنطن، ومن المؤكد أن هناك الكثير من الأمور الهامشية التي ستحصل خلال هذه الزيارة تتعلّق بإيران وأذرعها في المنطقة وإمكانية توسيع التنسيق بين دول الخليج إضافة إلى العراق والأردن"، مشيراً في المقابل، الى أنه لا مُعطيات حتى الآن حول مدى عمق هكذا محادثات مع السعودية خصوصاً وان الرياض لم تنضم إلى إتفاقات إبراهام التي اقتصرت المشاركة فيها على كل من البحرين والإمارات، لذلك فإن الموقف السعودي لا يزال رهن التسوية النهائية مع الفلسطينيين قبل تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وهو موضوع غير متاح حاليا.
وأضاف: "بإختصار إن هذه الزيارة هي متغيّر كبير في المنطقة، ويجب انتظار نوعية الاتفاقات التي ستنبثق عنها، إن لناحية موافقة السعودية على زيادة انتاج النفط، وهي نقطة أساسية للادارة الأميركية بحيث ستتمكن من خفض أسعار الطاقة وبالتالي التخفيف من التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوياته منذ ٤٠ عاما في الولايات المتحدة، أو لناحية التنسيق الأمني والعسكري بين البلدين ومحاولة لتهدئة الأزمات الكبيرة خصوصا في الملف اليمني وما يجري في اليمن."
ولفت الى أن الأمير محمد بن سلمان سيأخذ من هذه الزيارة شرعية كبيرة وسيتم كسر الحصار الذي فرضه الرئيس بايدن عليه منذ تسلّمه الرئاسة الأميركي، لا سيما وان المملكة العربية السعودية قد اتخذت قرارا عميقا منذ سنوات بالتوجه شرقا، وتوطيد علاقاتها بالصين والهند وباكستان وحتى روسيا على اعتبار أن هذه المنطقة هي السوق الذي يبيع غالبية المنتجات النفطية والبتروكيماوية السعودية، وعلى اعتبار أن آسيا بحد ذاتها ملعب كبير يملك قوى ضخمة عدديا مثل الصين والهند وعسكريا مثل الصين وروسيا.
وقال: "في المقابل، لم تتضرر علاقة السعودية بأميركا بشكل عميق إذ بقيت على مستوى تكتيكي ولم تتحول إلى مشكل استراتيجي بين البلدين نظرا للمصالح المشتركة التي يتشاركها الطرفين عبر التاريخ"، ومن هنا ستسعى السعودية لإرضاء بايدن جزئيا من دون إغضاب موسكو وبكين كلّيّا.
وتوقع أن يصدر قرار من أوبك بزيادة الإنتاج ولكن ليس بالقدر الكافي الذي يأمله بايدن لإحداث صدمة نفسية كبيرة وخفض سعر البترول بشكل دراماتيكي، كسيناريو حسن نية، لأن التوترات الموجودة اليوم، من ضمنها التوتر الأميركي-الصيني، تساهم ببقاء أسعار النفط مرتفعة خصوصا في ظل العقوبات التي تتخذها الولايات المتحدة ودول أوروبية جراء إستيراد الغاز الروسي ومحاولة إستبداله بغاز من الشرق الأوسط وهي عملية تحتاج إلى وقت طويل"، "وبالتالي فان السعودية ستعطي بايدن بعضاً مما يريد ولكن لم يكون هناك خروج عن التوجه شرقا، والمحاولات لتوطيد العلاقات بين الخليج بقيادة السعودية مع روسيا والهند والصين ستبقى قائمة".