برّي: تجاوزنا الفتنة وأنقذنا البلد

berre

على أهمية موضوع جلسة الحكومة يوم الجمعة الفائت والبحث في قرار تطبيقها حصر سلاح "حزب الله" في يد الجيش ومناقشة الأخطار الإسرائيلية، فقد أعادت التوازن إلى الحياة السياسية في البلد في مشهد لم يعشه اللبنانيون في الفترة السابقة.

من حصيلة هذه الجلسة أنها أدّت إلى إظهار أمرين: الأول الاصطفاف الحاصل عند الشيعة جراء حصرية تمثيل "الثنائي" لهذا المكوّن. والثاني أن كلّ الممثلين الآخرين في الحكومة يعبّرون عن إحساسهم بضرورة السير بوجهة مختلفة لدرجة أن أكثر من طرف أخذ يقول ومن دون مواربة إن الإبقاء على سلاح حزب الله "يشكل خطراً على لبنان لا على إسرائيل"، من دون السكوت عن اعتداءاتها. ويقف رئيس الجمهورية جوزاف عون في موضع الحكم انطلاقاً من موقعه الدستوري إلا أنه لا يحيد ولا يتراجع عن مبدأ جمع كل السلاح تحت عهدة الجيش. ونجح في تحييد الحكومة والبلد من أزمة كبيرة.

وفي الدلالة على ذلك، يقول رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ"النهار" إنه مرتاح لخلاصة بيان الحكومة "حيث تم تجنيب البلد فتنة كبيرة، وإن وحدتنا الداخلية تبقى الأساس". ولا يمانع هنا مناقشة سلاح الحزب مع أن يسبقه أولاً كيفية تفادي الأخطار الإسرائيلية في الجنوب "لأنها ما زالت في الحرب ولم توقف عدوانها ولم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار. وهذا ما قلناه وشرحناه للموفد الأميركي توم براك".

وقبل 24 ساعة من التئام الجلسة كان الاتفاق قد تم على توجهات البيان النهائي ومقاربة التعاطي مع خطة الجيش وتوقع انسحاب الوزراء الشيعة الخمسة. وتجاوب رئيس الحكومة نواف سلام مع هذا المخرج ولو أنه لن يتراجع عن تطبيق القرار وأن آلية تنفيذه أصبحت عند الجيش. وسبقت تلك الجلسة موجةٌ من الاتصالات المكثفة بين الرئاستين الأولى والثانية وكان للمدير العام السابق لوزارة الإعلام محمد عبيد والمدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير دور في هذه التسوية من خلال تواصل الأول مع الحزب والثاني مع "الثنائي" ولم ينقطع الخط الساخن بين عون وبري بواسطة النائب علي حسن خليل حيث أسهم في إنضاج المخرج ومواكبته لصياغة مضمون بيان الحكومة الذي تلقفه برّي.

وأثمرت الجهود التي بذلها عون في جلسة "استيعاب الجميع" السير بخطة الجيش والمراحل التي وضعها وإن لم تكن على قدر طموحات أكثر من وزير وصلوا إلى درجة التحفظ على بيان الحكومة، لكن ما ورد في شرح العماد رودولف هيكل والحيثيات التي عرضها بلغة عسكرية مدروسة عملت على إقناعهم ما دامت الحكومة مستمرة في قرارها وعدم تطييره. أما "حزب الله" الذي يرى أن ما حصل هو "تعليق للقرار"، فلم ينفك يطالب رئيس الجمهورية بتطبيق ما أورده في خطاب قسمه بالتوصّل إلى وضع استراتيجية أمنية.

ولم يكن من المتوقع أن يجاري عون الحزب في تطيير القرار والتراجع عنه لجملة من الأسباب الداخلية والخارجية رغم أنه لم يوضع جدول زمني لتسليم السلاح، على أن عون يواصل اتصالاته مع الأميركيين لتظهر حقيقة إسرائيل على أرض الواقع وتبيان معطياتها للتأكد من انسحابها من الجنوب.

في غضون ذلك بدأ البحث في ترتيب تثبيت الحدود مع إسرائيل، وتصب هذه المسألة في مصلحة لبنان. وفي حال نجاح هذه الخطوة ستكون لها ارتدادات إيجابية على تطبيق خطة الجيش التي تبقى مرهونة بتطبيق إسرائيل الذي يتمثل من وجهة نظر لبنان أولاً بوقف الأعمال العدائية وخروقاتها.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: