كتب جورج أبو صعب
تساؤلات كثيرة تطرح حول التأخير في تأليف الحكومة – وتحاليل ومعلومات منها متكاملة ومنها متناقضة تعطى حول سير عملية التأليف – لكن بين كل هذه الاتجاهات وفي ظل الغموض والضبابية السائدين – ثمة حقائق واقعية يمكن استخلاصها الى الان
أولا : عملية التأليف مطوقة ليس فقط بالشروط والشروط المضادة بل وأيضا بسلسة من الاحداث منها ذات بعد داخلي ومنها ذات بعد خارجي .
اما البعد الداخلي فمنه على سبيل المثال ما باتت ترمز اليه ممارسة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لصلاحياته في التأليف من تحمل عبىء تأمين الدور الفعال والمؤثر للطائفة السنية في ظل التجاذب القائم بين العهد وفريقه وعلى رأسه النائب جبران باسيل وبين الرئيس سعد الحريري وفريقه ومن ورائه دار الفتوى ونادي الرؤوساء السابقين .
اما في البعد الخارجي فتبرز مسألة السفينة الإيرانية المحملة بالمشتقات النفطية والتي تحرج ميقاتي المكلف قبل احراجه وهو على راس حكومة – سواء كان الاحراج خليجي سعودي تحديدا – او أوروبيا اميركيا – رغم ان بعض المسؤولين الأوروبيين وتحديدا الفرنسيين ميالين الى عدم الربط بين السفينة والتأليف – الا ان الحقيقة ان ميقاتي لا يستطيع ان يتحمل وصوله على راس حكومة مثقلة بملف شائك عند دخولها .
ثانيا : ثمة الغام زرعت ولا تزال تزرع على طريق التأليف – ليس اقلها رفع الدعم في أيلول بدون إقرار للبطاقة التمويلية التي تحولت بلا ادنى شك الى بطاقة انتخابية ان لم نقل الى بطاقة تنفيعية لاستعادة شارع ناقم وهيئة ناخبة متخلية .
وليس اخر هذه الألغام تصعيد حزب الله الموقف من السفيرة الأميركية ومن بلادها عشية استقدام السفينة النفطية الإيرانية – بما يوحي حقا بانخراط الحزب في امر عمليات إيراني برفع درجة التوتر مع الاميركيين على خلفية تعثر مفاوضات فيينا وتحدي طهران للمجتمع الدولي غداة تنصيب إبراهيم رئيسي المتشدد رئيسا للجمهورية الإسلامية .
فاي رئيس مكلف وليس فقط ميقاتي لا بد له وان يتوقف عند هذه التطورات التي تثقل عملية التكليف بحد ذاتها وتهددها بالتهاوي – خاصة وان فريق العهد على ما يبدو – مصر على ان تكون الحكومة العتيدة حكومة ما بعد العهد وليس فقط حكومة انتخابات . فخلافا للاعتقاد السائد نرى ان ما يهم العهد وفريقه ليس حكومة للانتخابات بل حكومة لو لم تجري الانتخابات حيث يمارس عندها مجلس الوزراء مجتمعا صلاحيات رئاسة الدولة لملىء أي فراغ متوقع .
ثالثا : لا يجب ان ننسى ما لما يحصل في أفغانستان من تأثير على الوضع اللبناني من خلال ترددات التوتر الإقليمي وسط اسيا والذي من شأنه ان يقلب الأوضاع راسا على عقب بعدما تحولت المنطقة الى حالة عدم استقرار وغموض وضبابية مطلقة قد تؤدي الى حروب كبيرة وإعادة خلط أوراق وتحالفات إقليمية وتؤثر على ايران بالدرجة الأولى ما يحملها على الاحتفاظ بكافة اوراقها الإقليمية الضاغطة ان على خط فيينا او على خط مواجهة تحديات شرقي حدودها .