في ظل الأنهيارات المتتالية التي يعيشها اللبنانيون، من دون أي أمل بخرق جدارها، لحل الأزمات المستعصية، ما يجعل الهجرة اللبنانية تتفاقم يومياً بأعداد كبيرة، ومن جميع الطوائف وبصورة خاصة المسيحيين، منذ ما يقارب العام وتحديداً منذ إنفجار مرفأ بيروت، الذي قلب الأوضاع رأساً على عقب، مع استفحال مُسبق للأزمات المعيشية والإقتصادية والمالية قضى على كل شيء.
إنطلاقاً من هذه المآسي، ينقل مصدر ديني بارز لموقع lebtalks هواجس بكركي وسيّدها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي من تدفق هجرة المسيحيين من لبنان، لافتاً الى قلق الصرح البطريركي، ودعوته المتكرّرة يومياً الى أهل السلطة للتحرّك، وتشكيل حكومة ليبدأ الحل، واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذا النزف المستمر، مع الإشارة الى أن أعداد المسيحيين سبق أن تضاءلت بشكل كبير في السنوات الماضية، وما قبلها خصوصاً في العام 1990، ما هدّد الوجود المسيحي في لبنان منذ ذلك الحين، بسبب الخلل الديموغرافي الذي يتصاعد، خصوصاً أنهم يهاجرون الى الدول البعيدة كأميركا وكندا وأوستراليا ، ما يعني أن ظروف العودة تصبح صعبة للغاية لا بل مستحيلة، لأنهم إستقروا هناك، وتلك الدول تقدّم لهم التسهيلات، ولم تعد تضع شروطاً قاسية لمنح تأشيرات الإقامة والدراسة، في ظل معلومات بأنّ السفارة الفرنسية في بيروت لم تشهد في تاريخها كمّاً من طلبات الفيزا كالذي تشهده اليوم للبنانيين الراغبين في المغادرة، والوضع مماثل بالنسبة لطلبات الهجرة الى كندا.
الى ذلك تكثر المؤشرات عن موجات كثيفة للهجرة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، نظراً للأخبار التي تؤكد مدى تدهور الأوضاع بشكل غير مسبوق، خصوصاً أنّ بعض السياسيّين بشّروا بذلك، من ضمنهم رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، القارئ الجيد دائماً في السياسة ومستقبل لبنان.
في غضون ذلك، تشير مؤسسة ” لابورا” التي تعنى بتأمين فرص عمل للشباب المسيحيين الى أنّ ما يفوق الـ60 في المائة من الشباب المسيحي يرغب في الهجرة، وفق إحصاء قامت به، خصوصاً أنّ نسبة البطالة تخطت 45 في المئة في صفوف اللبنانيين عموماً، وأكثر من 60 في المئة في صفوف الشباب، ” والخير لقدام”، طالما لا يرّف جفن أهل السلطة أمام مآسي شعبها…
