كتب أنطوان سلمون:
في وهلة أولى وفي برهة مخطوفة من الزمن لم تَدُم طويلا لحسن الحظ اعتقد قسم من اللبنانيين
وقسمهم الأكبر من المسيحيين ان “استقتال” التيار الوطني الحر على الحصول على الحقائب الوزارية السيادية هو مصلحة عامة وطنية تنسجم مع الشعارات العلنية عن السيادة والحرية والاستقلال وانطلاقا من هذه الشعارات شُنّت المعارك وتعطل تشكيل الحكومات والانتخابات الرئاسية وصولا الى تسلّم “تيار السيادة” رئاسة الجمهورية ومن خلالها ومعها مفاصل سيادية كثيرة من وزارات ومراكز أمنية وادارات وازنة كانت كفيلة بانكشاف زيف ما اعتقد به اللبنانيون وخاصة المسيحيون الخائبون.
كثيرة هي المدلولات التي تؤكد ما سبق ذكره لعل ابرزها ما يجري في “الحاليات” الجنوبية اللبنانية والاقليمية والدولية وموقف قياديي التيار وممثليه في الحكومة من وزراء “سياديين” مبدئيا “ناطقين بالتطابق” مع مواقف وتصرفات الميليشيا العسكرية “المُسيّرة” من وراء الحدود.
أثارت مواقف وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال ردود فعل الأوساط المراقبة والمتابعة منها المؤيدة وهي التي تدور وتلتحق بالمحور الممانع ومنها المعارضة والتي رأت بانحياز الممسك بالحقيبة الدبلوماسية السيادية توريطا للبنان الرسمي بالحرب وتحفيزا لاسرائيل على توسيع عدوانها وتخطيها للخطوط الحمر المحترمة حتى الآن بالجهود الدبلوماسية الخارجية والداخلية.
أخطر ما أدلى به ممثل تيار السيادة في الحكومة هو في قوله بشكل واضح في 17 كانون الثاني 2024
“لا نستطيع منع حزب الله من خوض الحرب على الحدود ونفضّل الحرب الإقليمية على الحرب الأهلية”
وهو ما لم يقله حزب الله بشكل علني بل لمّح به من خلال قيادييه وأبواقه ومحلليه وجيوشه الالكترونية
فبالإضافة الى الذمية الاستسلامية التي تلبّس بها القائل فان تهديد “اللبنانيين” بالحرب الأهلية اذ هم رفضوا القبول بخوض حزب الله حرب ايران على حدوده سلاح سبق ان شُهرَ فترة الاحتلال السوري بوجه كل من كان يطالب يومها بالإنسحاب السوري وكان اول المهدّدين من يقتدي به ويتبعه ويسايره الوزير السيادي اعني به حزب الله بشخص أمينه العام السيد حسن نصرالله وفي هذا المجال وفي مقابلة مع تلفزيون الMTV يقول الرئيس السابق ميشال عون في 9 نيسان 2002 :“ألم تسمع الخطابات التي هدّدتنا بالحرب الأهليّة في حال مطالبتنا بالإنسحاب السّوري؟ حزب الله هو الذي هدّد ومن غيره يملك السّلاح؟ قال أنّنا نريد أن نقوم بكوسوفو ثانية وأنّه سيتصدّى لهذا الأمر، وأنّه في الخطّ الأمامي في الدفاع عن سوريا، وهذا ورد في صحيفة السّياسة الكويتيّة وعلى لسان السّيد حسن نصرالله، وكأنّه يتهمنا أو يهدّدنا بالحرب الأهليّة إذا طالبنا بالإنسحاب السّوري من لبنان… لماذا لا يعترف لي بحقّ الإختلاف؟ ولماذ حزب الله هو خطّ الدّفاع عن سوريا في لبنان”
وقول بو حبيب عن “ان الحزب يعمل لمصلحة لبنان” يناقضه رفضه”ما تقوم به بعض التنظيمات غير اللبنانية من عمليات إطلاق صواريخ” ويعلم الوزير ان هذه التنظيمات تعمل في غرفة عمليات مشتركة بقيادة الحزب في الجنوب كما يناقضه تهديده على طريقة “مغرّدي” ومُغالي” المحور الممانع بقوله:” في حال الحرب على لبنان ستتساقط الصواريخ على كل مكان في “إسرائيل” و تتحول الحرب إلى إقليمية”
اما “تدبيجاته” “السيادية” غير الموفقة فتجلّت بقوله ان “الشعب والجيش والمقاومة” عبارة وردت في البيانات الحكومية وبقوله القرار 1701 لا ينص على أن تقوم “اسرائيل” بـ 30 ألف خرق للسيادة اللبنانية منذ العام 2006 وبأن تحتل مزارع شبعا ونقاط B1″
فالرد عليها يكون بقوة الدستور والذي يسمو على البيانات الحكومية وقراراتها وقوة والزامية القرارات الدولية والتي تتفوق على التصاريح والمواقف والآراء ولو كانت صادرة عن ممثل الدبلوماسية اللبنانية وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب….وهنا تجدر الاشارة ان بيان حكومة ميقاتي ولو حمل في طيّاته العبارة الخشبية المذكورة لم يأخذ ثقة المجلس النيابي المنتخب في 2022 والذي خسر فيه محور حزب الله الأكثرية النيابية وقول بو حبيب بان اسرائيل “قامت ب30 الف خرق للسيادة منذ العام 2006 ليبرر لحزب الله خرقه للقرار الدولي 1701 فيسجل على الحزب كونه لم يحرّك ساكنا” طيلة الفترة الممتدة من آب 2006 حتى الثامن من تشرين الأول 2023 تاريخ اول عملية دعما لغزة وعلى طريق القدس على ما أعلن امين عام الحزب نصرالله وطبعا بعيدا عن المصلحة الوطنية على ما ادعاه الوزير بو حبيب.
ف”التزام لبنان بالقرارات والمواثيق الدولية” من 425 مرورا ب1559وال1680 وصولا الى 1701 عبارة مكررة لكنها مؤجلة في كل البيانات الحكومية وتصاريح الرسميين وغير الرسميين من الحزبيين ونخص منهم الممانعين …
حبذا لو اكتفى وزير الحقيبة السيادية بهذه العبارة ليعبّر عن حقيقة اتمام مهام الحقائب السيادية والذي ما زال التيار محتفظا بها في حكومة تصريف الأعمال”هيدي المرة ما في مصاري متل الـ 2006 … ولا نستطيع كحكومة فرض قرارنا على الحزب”
كذلك حبذا لو “تمنطق” بكلام عضو تكتل لبنان القوي النائب آلان عون ليكشف عن الوجه الحقيقي غير الشرعي ولا السيادي للتيار اذ شرح هذا الأخير في 11 تشرين الثاني 2018:”حزب الله متل الأسد بخوّف حتى لو ما عمل شي فكيف اذا غضب واسمعك زئيره” .