بو حبيب ودبلوماسية تبرئة نظام الاسد

IMG-20220604-WA0000

منذ اليوم الاول لبدء النزوح السوري الى لبنان عقب الحرب التي انطلقت شرارتها عبر تظاهرات سلمية معارضة لنظام بشار الاسد في 15 آذار 2011 والتخبط سيّد الموقف في مقاربة الملف الذي أقحم في زواريب السياسة اللبنانية والاصطفافات والانقسامات.

فالحدود السائبة، مقاربةُ بعضهم للقضية من منطلق مذهبي، رفضُ البعض الآخر انشاء مخيمات لهم عند المناطق الحدودية بين البلدين – بغية ضبط حركتهم كما في الاردن وتركيا – تحت ذريعة التخوف من التوطين أو إنصياعاً لرغبة نظام الاسد بجعلهم ورقة يستفيد منها في الداخل اللبناني، كل هذه الأسباب أدت الى إنفلاشهم على مساحة الـ10452 كلم2 وتحولهم قنابل إجتماعية وأمنية موقوتة.

بعدها ورغم لجان العودة التي انشأها “حزب الله” والمساعي التي قام بها مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، بقيت أعداد اللاجئين ضئيلة جداً وكان حلفاء الاسد في لبنان يتحججون ان المطلوب تواصل رسمي بين البلدين وأن قوى “14 آذار” ترفض التطبيع مع النظام في دمشق مع العلم انهم حالوا دون ادراج “مبادرة حل لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم” التي تقدم بها وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان باسم وزراء القوات اللبنانية في 2/3/2019 إلى مجلس الوزراء على جدول اعماله.

عد 17 تشرين، ومع حكومتي حسان دياب ونجيب ميقاتي سقطت حجج فريق “8 آذار” المتذرعة بـ”14 آذار”، فزار وزير الشؤون الاجتماعية رمزي المشرفية دمشق في آذار 2020 وبحث ملف إعادة النازحين مع المسؤولين السوريين. ثم أقرت حكومة دياب “ورقة السياسة العامة لعودة النازحين ” في حزيران 2020. وفي ظل حكومة ميقاتي، زار وفد وزاري رسمي دمشق في ايلول 2021 للمرة الاولى منذ عشر سنوات. رغم كل ذلك، لم يجرِ اي تقدم في مسألة عودة النازحين السوريين الى بلادهم لأن العائق الاساسي هو عدم رغبة الاسد ونظامه بذلك.

خلال زيارته قصر بعبدا في 3/6/2022 لإطلاع الرئيس ميشال عون على أجواء الزيارات التي قام بها أواخر الشهر الماضي الى كل من نيويورك وواشنطن وبروكسيل حيث شارك في مؤتمر نظمه الاتحاد الاوروبي لبحث مسألة النازحين السوريين، كرر وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب موقفه بأنهم “ليسوا لاجئين سياسيين، انما لاجئين اقتصاديين وامنيين، والنظام السوري مستعد لقبول عودتهم من دون أي عقاب ولا أي مشكلة”. صحيح أن كثراً من بينهم لاجئين اقتصاديين وامنيين ولكن من أخبر بو حبيب ألا لاجئين سياسيين بينهم هاربين من نظام الاسد؟! أو من كلّفه اعطاء صك براءة لهذا النظام من قمعه الدموي لمعارضيه و”شهادة حسن سلوك” في احترامه الحريات السياسية؟!

طالما أن النظام السوري مستعد لقبول عودتهم من دون أي عقاب ولا أي مشكلة، لماذا لم يعمل على ذلك او اقله لماذا لم تعمد الدولة اللبنانية الى نزع صفة اللاجئ عمن يتردد من اللاجئين الى دمشق؟!يلوم بو حبيب الأوروبيين لأنهم “الى الآن لا يزالوا من دون خريطة طريق للانتهاء من هذه المعركة” مهدداً أنه في ظل عدم توفر خريطة الطريق “لن نقبل في ان نتعاون معهم في إبقاء النازحين حيث هم عندنا”. ولكن اين هي خريطة الطريق التي وضعها لبنان وما نتائج تطبيع حكومات ما بعد “17 تشرين” مع نظام الاسد؟!!

يطلب بو حبيب “من المنظمات الدولية التي تدفع للنازحين السوريين ان تتوقف عن الدفع لهم في لبنان، بل في بلدهم بعد عودتهم إليه”!!! هل يقصد تجفيف مداخيل النازحين السوريين ومقومات عيشهم لإرغامهم على العودة الى بلدهم؟! هل يدرك اي انفجار اجتماعي وأمني قد يقع؟! للأسف يتوج هذا العهد مسيرته مع “دبلوماسية تبعية” لتبرئة نظام الاسد من جهة والتنصل من المسؤولية المشتركة بين الطرفين عن عودتهم من جهة اخرى و”دبلوماسية سطحية” في مقاربة المسألة مع الاوروبيين.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: