" تفاءل الناس خيراً حين انطلقت إجتماعات ما إصطلح على تسميته "إتحاد نقابات المهن الحرة" برعاية نقيب المحامين السابق والنائب التغييري الحالي ملحم خلف، وهو إطار انتقل بالإرث المهني لنقيب المحامين الحالي ناضر كسبار، مع العلم بأن بعض نقباء المهن الحرة هم أكثر جدارة تمثيلياً لإدارة الإجتماعات لتكون أكثر تمثيلاً"، وفق مصدر حقوقي متابع لحراك الإتحاد.
هذا التفاؤل إضمحل بعدما تبيّن أن منصّة جديدة لإصدار بيانات الإستنكار والإدانة والشجب والرفض باتت موجودة لتذكّر اللبنانيين بأداء الأمانة العامة للأمم المتحدة نتيجة عدم وجود نية جدية أو رغبة للتحرّك جدياً على أرض الواقع وفي ميدان المعارك التي تحتاج الى مواجهات.هذا الإتحاد الذي يَفرح نقباء المحامين بترؤس إجتماعاته، ويوحون للقريب والبعيد أنهم أولياء أمره، جاء مرة ليوحي بأنه كان رأس الحربة في منع إقرار قانون الكابيتال كونترول، مع العلم بأن ذاك الإقتراح ما كان ليمر كونه ولد ميتاً لأن المصارف طبقت "الهير كات والكابيتال كونترول" في آن معاً من دون انتظار صدور أي قانون، وهذا الإتحاد هدّد جمعية المصارف أنه حزم أمره لجهة تقديم دعاوى ضد المصارف وأصحابها ليتبيّن لاحقاً أنها مجرد "معموديات نار" كلامية هدفت الى تسليط الضوء على لجان نقابية وأعضاء فيها لإعطائهم أدوار البطولة في معارك قانونية فيها الكثير من غبار المواقف وقليل من استعمال الأسلحة ذات الفعالية.البعض يجزم بأن العناوين العريضة كبيرة لكن الهدف صغير ومحصور في تأمين إخراج لأموال الصناديق النقابية التي يفرض القانون أيداع أموالها في المصارف من دون توافر نية جدية لإنقاذ أموال المودعين، فلو كانت المعركة حقيقة هي معركة أموال المودعين، كل المودعين، لكان الإتحاد قادراً على التجييش الشعبي وقلب المعادلات على رأس المصارف.يتابع المصدر القانوني مؤكداً أن البيانات الإتحاد تعقيباً على بعض إجراءات المصارف تأتي لتعزيز بعض المواقع في تسويات قائمة ومستمرة تهدف الى تحرير الودائع الشخصية لبعض أعضاء الإتحاد من القيود، وحصولهم على أموالهم "فريش" تماماً كما حصل مع بعض القضاة الذين يشغلون مواقع حساسة، وهي إجراءات مصرفية تجري أنتقائياً لتعطي الحقوق البديهية الى البعض بدلاً من إعطاء الحقوق الى الجميع من دون استثناء."حجم التخادم القائم على تأمين المصالح مع جمعية المصارف هو أكبر مما يظن البعض، وكيف لا تكون الحال كذلك ورئيس جمعية المصارف يلتقي بشكل شبه دوري مع نقيب المحامين مباشرةً أو عبر الوكيل القانوني لجمعية المصارف الذي حافظ على موقع مميز داخل نقابته رئيساً لإحدى المجالس التأديبية، وهي هيئة ذات صلاحيات وتحمل الطابع القضائي في أداء عملها.
هنا يجب ألا نغفل عن حقيقة وجود تعارض مصالح بين القيّمين على إتحاد نقابات المهن الحرة الذي يفترض فيه قيادة جبهة المواجهة الشرسة، والمصارف التي يشغل عدد كبير من المنضوين في نقابتي المحامين في بيروت والشمال تحديداً صفة الوكلاء القانونيين للمصارف بشكل مباشر أو غير مباشر.ويؤكد المصدر أن هذا الإتحاد وجد لكي يمنع وجود أي تحرك جدي آخر على الأرض عبر أعضاء الجسم المهني، فالإتحاد يشّكل واجهة يمكنها قمع أي تحرّك مهني جدي، ولنا في لجنة المحامين المستقلة التي راسلت البنك الدولي وضمت ثلة من المحامين بينهم نقيب المحامين السابق والنائب الحالي ملحم خلف خير دليل، فتعاميم نقيب المحامين الحالي لتطويق هذه اللجنة كانت عديدة وهو الذي حاول مع بداية عهده أنشاء عدد لا يُحصى من اللجان، مع توزيع غير مسبوق للمناصب فيها.جمعية المصارف في لبنان أعلنت أضراب المصارف العاملة لليوم الأثنسن، فيما الإتحاد سارع الى أعلان عدم قانونية هذا الأجراء المتضمن تعسفاً باستعمال الحق، لكن اللافت أن الإتحاد عَطفَ موقفه أيضاً على القواعد المتعلقة بحقوق الإنسان لأسباب مجهولة يربطها البعض بأعمال الجمعيات والشركات المدنية التي تحظى بتمويل خارجي بالفريش دولار كلما ذُكرت مفردات حقوق الانسان في الصحف ووسائل الاعلام.يتابع مصدر متسائلاً: أين الدعاوى التي جرى الأعلان عن قرب أقامتها من قِبل الإتحاد ونقابة المحامين تحديداً في وجه المصارف اللبنانية لإعلان توقفها عن الدفع؟ أن كان البعض يريد جواباً فنصيحة أهل السلطة جاءت على لسان أحد كبار القضاة بضرورة التريّث في تقديم هذه الدعاوى بعد أخذ مشورته، وهو القاضي الذي كاد أن يهز عرش الجمهورية بأحد القرارات التي اتخذتها غرفته قبل التراجع عنه نتيجة التدخل السياسي المباشر والعلني، واللافت أن الإتحاد ذكّر ببيانه بضرورة احترام مبدأ فصل السلطات، والتساؤل الجوهري كيف يركن الإتحاد الذي يفترض أنه يتمتع بفائض من الإستقلالية لمشورة قاضٍ أثبت تخليه عن احترام المبدأ نفسه !! الجواب يمكن استنتاجه من السياق العام لأداء الإتحاد الذي يسعى بعض مَن فيه الى تقديم أوراق اعتماده الى النادي السياسي اللبناني طمعاً بمواقع تتجاوز الإطار النقابي.
إذا كان إتحاد نقابات المهن الحرة حريصاً بحق على عدم تكرار تجربة عبد الله الساعي، وهو المودع الذي أستوفى حقه من المصرف بالذات وحرر وديعته بالقوة، فعليه ألا يتباطأ في وضع القضاء أمام مسؤولياته، وفي استعمال زخمه في طلب أعلان توقف المصارف عن الدفع بعيداً عن محاولات التسويق الإعلاني لبعض المحامين ضمن أطار نقابي، وبعيداً عن الإستعراضات الكلامية الخالية من أي مضمون واقعي على الأرض.
الناس إكتفت من البيانات التي تتضمن كلاماً كبيراً لا يخلو من "جعجعة" وباتت تحتاج الى أفعال لا يمكن لمَن تم شراءه أو إسترضاءه بخمسين من الفضة القيام بها، لذلك على الأعضاء المنضوين في الإتحاد أعادة حساباتهم وفرض المداورة في ترؤس الأجتماعات، كما المساهمة في وضع بنود جداول الأجتماعات كي لا يتم استغلال وجودهم في معارك سياسية لبعض الطامحين الصغار بمناصب كبيرة، على ما يختم المصدر الحقوقي.