بين ميقاتي الأصيل وميقاتي الوكيل

ميقاتي-1-730x438 (1)

في الاول من أيلول يدخل لبنان دستورياً في حقبة الانتخابات الرئاسية بناء على المادة 73 التي تنص على ان "قبل موعد إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدّة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم مجلس النواب بناءً على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد. وإذا لم يدع المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل إنتهاء ولاية الرئيس".

في الاول من أيلول تصبح أي حكومة حكماً مستقيلة مع انتهاء ولاية الرئيس، إذ لا يجوز إستمرار عمل الحكومة من دون وجود رئيس دولة يؤثر في قراراتها ويشارك في جدول اعمالها ويستطيع فرض بنود من خارجه. كما أن المادة 62 المعدلة من الدستور بناء على النقاشات في الطائف تنص على انه "في حال خلوّ سدّة الرئاسة لأيّ علّة كانت تُناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً بمجلس الوزراء". السبب وراء هذا التعديل منع تكرار تكليف الرئيس المشرفة ولايته على الإنتهاء حكومة إنتقالية لكي تؤمّن إنتخاب رئيس خَلَف بعد التجربة الدموية والمتفلّتة من احكام القانون التي قام بها رئيس الحكومة الانتقالية يومها العماد ميشال عون عقب تعيينه في 22/9/1988 وإنقلابه على مهامه.

الخميس 23/6/2022 موعد من الاستشارات النيابية الملزمة التي دعا اليها رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا على وقع هجوم شرس وغير مسبوق من صهره رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل على الرئيس نجيب ميقاتي الذي يملك اسهماً مرتفعة لتكليفه من جديد أو حتى عبر تعويم حكومته من خلال ابتكار مخارج قانونية لذلك في ظل التشرذم الذي اصاب الطبقة السياسية السنية والتصحّر على صعيد الاسماء المطروحة لترؤوس الحكومة. كما ان "فردنية" نواب "17 تشرين" وخصوصاً مجموعة الـ13 التي سيشارك كل نائب منها على حدى في الاستشارات النيابية وعدم امتلاكهم الحد الادنى من الليونة للتوصل الى ترشيح اسم من خارج المنظومة بالتنسيق مع قوى المعارضة يعزّز حظوظ ميقاتي الذي لن يجد "حزب الله" سنياً بوزنه للسير به.

ميقاتي رد على باسيل بالقول "مخطئ مَن يعتقد ان رفع الصوت وافتعال الغبار السياسي والاعلامي في وجهنا، يمكنه أن يلزمنا بأن نزيح قيد انملة عن قناعاتنا. إننا مستعدون للخدمة العامة بقناعات وطنية وشخصية واضحة، ولكننا نرفض تحويل موقع رئاسة الحكومة وشخص رئيس الحكومة مادة للتسويات".

بناء على ما تقدم إن بقيت حكومة تصريف الاعمال الحالية وإن شكلت حكومة جديدة فالاول من أيلول سيجعلها حكماً حكومة تصريف أعمال، لذا أفليس الاجدى الانكباب على تأمين المناخ اللازم لانتخاب رئيس للجمهورية عوض التلهي بتشكيل حكومة جديدة؟!

في الاساس، ان تم التوصل الى تسمية رئيس مكلف، كم سيحتاج لتأليف حكومة وصياغة البيان الوزاري ونيل الثقة والمعدل العام بعد العام 2005 حكماً اكثر من فترة الـ75 يوماً المتبقية للأول من أيلول؟!!

في حال تم السير بميقاتي الذي يتبناه ثنائي "حزب الله" – "أمل" وبعض حلفائه، فما المكسب الذي سيحققه ومن المؤكد انه سيصل بأكثرية هزيلة كما جرى مع انتخاب رئيس مجلس النواب نبيه بري ونائبه الياس بو صعب؟!!

هل يرضى بشروط باسيل الذي يعلي سقفه للحصول عليها لأنه لن ينجح كما بري بتأمين هذه الاكثرية من دون اصوات بعض نواب "لبنان القوي"؟!!

هل سيوافق مثلاً على تولي باسيل حقيبة الخارجية كما يُحكى وهو الخاضع لعقوبات اميركية وغير المستساغ خليجياً؟!!

ما الذي تغير ليسمح لميقاتي تحقيق ما عجز عنه في الحكومة السابقة؟!! أما ان ترؤسه حكومة الشهرين لتمرير تقاسم التعيينات والتشكيلات بين اهل السلطة و"شدشدة" الحكومة لأن تصريفها للاعمال من المتوقع ان يطول؟!! وهذا هو فقط الفرق بين ان يبقى ميقاتي وكيلاً اي رئيس حكومة تصريف اعمال أو أن يكون اصيلاً اي رئيس حكومة تستطيع اقرار التعيينات والتشكيلات وابرام الصفقات والتلزيمات.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: