بعد فضح أمر عصابة إستدراج الأطفال عبر تطبيقات “تيكتوك” والتي اصطلح على تسميتها بـ”فضيحة التيكتوكرز”، تنتشر بشكل عشوائي مقالات تحتوي على معلومات غير دقيقة، أبرزها الكلام والتحليلات عن بيع فيديوهات الإغتصاب عبر تطبيق “دارك ويب” وتطبيق “ديب ويب”.
أولاً، إن “دارك ويب” و”ديب ويب” ليسا تطبيقات كما يرد في أغلب وسائل الإعلام اللبنانية، بالملخص هي شبكات كاملة من المواقع الإلكترونية. والدارك ويب Dark web (أي الإنترنت المظلم) و الديب ويب (الويب الخفي أو العميق) ليست شيئاً واحداً أو الأمر ذاته، وتلافياً للسرد التقني المعقد، وبتعريف مبسط، الديب ويبDeep web هي مواقع الإنترنت العميق والتي قد لا يعلن اصحابها عن هوياتهم، كذلك لا يتم أرشفة هذه المواقع في محركات البحث، وتتعامل بأسلوب تشفير الند للند peer to peer وقد لا يمكن الولوج اليها عبر متصفح الإنترنت العادي، وتمثل حوالي 90% من الإنترنت، الدارك ويب Dark web هي جزء من الـ deep web وتمثل 0.01 من الإنترنت ولكن تمارس عبرها العديد من النشاطات غير القانونية.
يقابل الديب ويب ما يسمى بالكلير نت Clear net وهي المواقع العادية غير المشفرة التي ندخل اليها بشكل يومي للتسلية أو العمل أو ما شابه. (الشرح مبسط للغاية وليس تقني)
ثانياً، وبسبب الطبيعة المشفرة لهذه الشبكات والمواقع ومجهولية الإستخدام، أصبحت الدارك ويب ملاذاً طبيعياً للعديد من المنشورات والنشاطات الإجرامية (علماً أن المحتوى المنشور عليها ليس إجرامياً بالضرورة) يُعد الإنترنت المظلم جزءاً من منظومة الإنترنت. حيث يسمح بإصدار المواقع الإلكترونية ونشر المعلومات بدون الكشف عن هوية الناشر أو موقعه.
ثالثاً، لن تجد موقع دارك ويب بلاحقة .com او .net او اي من اسماء النطاقات الإعتيادية بل ستكون .onion ولذلك يصطلح على تسميتها بأرض البصل أو onion land لذلك فإن المواقع التي تتسابق وسائل الإعلام اللبنانية على نشر روابطها على انها مواقع دارك ويب لا تعدو كونها تخريفاً وقلة دراية من محرر المقالة أو التقرير الاخباري.
رابعاً، أيضاً بسبب طبيعة هذه المواقع، يوجد على الدارك ويب مواقع لتجارة الأسلحة، والمخدرات وأسواق الأعضاء البشرية، والعملات المشفرة ومعدات الإختراق وحتى المحتوى الإرهابي و المواد الإباحية غير القانونية.
أما في قضية التيكتوكرز في لبنان، فهل جرى بيع هذه الفيديوهات على الدارك ويب؟ الإجابة تأتي من التحقيق حصراً وهذا أمر سيكشف النقاب عنه لاحقاً، فإن جرى بيع هذه الفيديوهات بالفعل، سيكون المجرم والجاني قد جنيا أموالاً طائلة من توفير وبيع هذا المحتوى للمنحرفين، كذلك هناك إمكانية ان يكون هؤلاء قد طلبوا من المجرمين في لبنان تصوير فيديوهات لأطفال وقصر بأوضاع معينة وغيرها من الأمور مقابل مبالغ كبيرة.
في الختام، يبقى طلب حجب التيكتوك في لبنان غبياً، لأسباب عدة، أبسطها وأسهلها أن التطبيق ليس إلا وسيلة تواصل، إذا تم حجبه تنتقل هذه العصابات والشبكات الى منصات أخرى، والعصابة أصلاً استخدمت التيكتوك للإستدراج والدعاية وليس للفعل الإجرامي بذاته، وأعضاؤها كاناو مشهورين على التطبيق، وكان بالإمكان أن يكونوا مشهورين عبر تطبيقات أخرى.