تجني أم تواطؤ يعقوبيان؟!

20190615175243afpp-afp_1hj6d0.h-scaled

التعميم كما الشمولية وسائل لطالما إستخدمت لتسطيح الشعوب وتضليلها وخنق أي حس نقدي جدي ومنطقي فيها أياً تكن الدوافع أو الخلفيات، لا بل حتى لإعطاء "صكوك غفران" أحياناً لبعض المرتكبين بمجرد وضعهم في سلة واحدة مع غير المرتكبين.

هذا المنطق مورس تحت شعار "كلن يعني كلن" في حراك 17 تشرين بعدما تعمّد بعضهم حرفه عن هدفه الاساسي. إذ إن هذا الشعار رفع في الاساس كتعبير عن كسر المحرمات "التابوهات" عبر القول إن امين عام "حزب الله" ليس خارج الانتقاد ومثله مثل كافة السياسيين. فصفته الدينية لا تمنحه حصانة سياسية و"الهالة" التي تعطى له على وقع "فائض قوة السلاح" ساقطة. إلا أن بعضهم لم يكتفِ بإعتبار أن المقصود من "كلن يعني كلن" أن كل الطبقة السياسية تحت المحاسبة بل راح بشعبوية يصدر أحكامه ويضع الجميع في نفس الخانة.

قد يكون الأمر مفهوماً سياسياً في خضم الاجواء الانتخابية وإن كان غير مبرّر وغير مقبول أخلاقياً. لكن ان يستمر بعض من فاز في الانتخابات النيابية في هذه الشعبوية، فالأمر يدفع الى طرح سؤال جدي: هل الأمر فقط من باب التجني أم التواطؤ المباشر أو غير المباشر والمتعمد أو غير المتعمّد؟

هذا هو واقع حال المواقف التي تطلقها النائبة بولا يعقوبيان التي رفعت راية تعرضها لـ"التنمّر" في مجلس 2018 وإذ هي تمعن في التنمّر أكان على بعض الاحزاب السياسية أو حتى على جماهيرها. آخر هذه المواقف ما أطلقته بُعيد الجلسة الثانية لإنتخاب رئيس في 13/10/2022 والتي لم تنعقد إذ قالت: "جميعنا يعلم ألا انتخاب رئيس اليوم ولا ندري إن سيؤمّنون النصاب. يلعبون في الوقت الضائع. قسم من يلي بيسموا حالهم كتل مسيحيي ناطر يشوف اذا الظروف بتسمحلوا يكون مرشح وهيدا بينطبق على الكتلتين الكبار قوات وعونية، انو بروح ع الفراغ وبشوف إذا بعزز وضعي. لا عم يطرحوا مرشحين فيهم يوصلوهم، عم يناوروا، عم يعلوا سقفهم التفاوضي، ما بعرف مين عم يناور ع مين بالبلد. بس ما عم يتوجهوا جدياً لإنتخاب رئيس. الامر يتطلب واقعية سياسية وقل لي مين عم يمارسها".

يبدو أن يعقوبيان التي طُرحت علامات إستفهام كثيرة حول دورها في شرذمة قوى المعارضة عشية الانتخابات النيابية مما حال دون فوزها بالمزيد من المقاعد، تصرّ اليوم جهاراً - وعن سابق تصور وتصميم - على عرقلة توحيد جهود قوى المعارضة من حزبيين ومستقلين ومجموعة نواب الـ13.

فلغاية إنتخابية في نفس يعقوبيان، تسعى الى الترويج أن صورة "القوات" مطابقة لصورة "التيار" وتصر على تحميلهما بالتكافل والتضامن مسيرة العهد وفشله. تتفنن بالتجني حين تضعهما في نفس الكفة في الموضوع السيادي والاداء الوزاري والنيابي ومستوى الشفافية والمناعة من الزبائنية. فهي لمست جيداً صعود "القوات" الشعبي في صناديق الاقتراع، بما في ذلك في بيروت الاولى وتدرك ان ذلك يحد من طموحها. كما تعلم انها بوضعهما في نفس الكفة تخدم النائب جبران باسيل وتياره الذي يريد ان يشوه صورة خصومه الوازنين بعدما عجز عن تلميع صورته.

تتجنّى يعقوبيان حين تتهم "القوات" بما تقترفه يداها، فهل رشحت ورفاقها سليم أده لأنهم يدركون ان بإمكانهم إيصاله؟! أليس الامر مناورة ورفع سقف لتعزيز وضعية نواب الـ13 وجعلهم "بيضة قبان" كلما إقتربنا من الفراغ ؟!

هل فات يعقوبيان ان "القوات" التي تمتلك اكبر كتلة برلمانية واكبر حجم أصوات مسيحياً، لم تتمسك بمرشحها الطبيعي سمير جعجع من اجل وحدة قوى المعارضة والتزمت بقرار اكثرية هذه القوى من "كتائب" و"اشتراكي" وكتلة "التجدد" ونواب مستقلين بالسير بترشيح النائب معوض، فيما هي كانت ممن حالوا دون سير تكتل الـ13 به والالتزام بوحدة المعارضة؟!

عن أي واقعية سياسية تتحدث يعقوبيان، عن تعنّتهم ورفضهم الاحتكام لرأي أكثرية قوى المعارضة بالسير بمعوض؟ ام عن تعييبهم كيف ترشح معوض عام 2018 على لوائح العهد وتبنيهم مرشحين كانوا يومها على نفس اللوائح ولم يجرؤوا على مواجهة المنظومة في إنتخابات 2022؟

إستمرار يعقوبيان في المسار الشعبوي وفي شرذمة قوى المعارضة سيساهم حكماً في الدفع نحو الفراغ وإعطاء الارجحية لقوى الفريق الحاكم وكلما مرّ الوقت سيتحوّل التجني الى تواطؤ.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: