بقلم جورج أبو صعب
أفادت مصادر ديبلوماسية غربية مطّلعة على الملف السوري بأن ثمة جهوداً تُبذل من أجل تزخيم الاجتماع الثاني للجنة الاتصال العربية الخاصة بسوريا، والمزمع انعقادها في بغداد في شهر أيار المقبل، علماً أن المصادر عينها أفادت بأن هيئة التفاوض السورية ترغبُ في عقد الاجتماع المقبل للجنة الدستورية في المملكة العربية السعودية.
مسار الحل السياسي للملف السوري فوق نار حامية
الملف السوري على نار حامية في سباق كبير مع الوقت لا سيما وأن النظام السوري المدعوم روسياً وإيرانياً (لحاجة الطرفين إليه) يتمدّدُ شمالاً ويستعيد أراضٍ ينسحبُ منها التركي، وذلك في إطار التفاهمات الإقليمية والدولية حول الوضع السوري، وفي ظل تسارع القوانين الأميركية التي تُسنُّ ضد التطبيع مع نظام الأسد.
مسار الحل السياسي اذاً وضعَ مجدّداً على نار حامية انطلاقاً من أي خطوة في هذا الاتجاه تُسهمُ بالإسراع في سقوط وانتهاء بشار الأسد الذي لن يكون جزءاً من الحل، وهو الجزء الأساسي من المشكلة، إلا أن الاتصالات والجهود الديبلوماسية تسري ببطءٍ وتأنٍ كبيرَين منعاً لتكرار خيبات الأمل السابقة من الجانب السوري ومواقف النظام تُجاه المبادرات والانفتاح العربي واستعادة المقعد السوري في الجامعة العربية.
الأمم المتحدة وتزكية الدور السعودي
المبعوث الأممي الى سوريا غير بيدرسون أبدى رغبته بأن تستضيف المملكة العربية السعودية اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، في إشارة الى الدور السعودي الذي تريده لها الأمم المتحدة في المسألة السورية، فيما نظام الأسد يحاول اللعب على موضوع الأماكن بحيث يريد أن تحصل هذا الاجتماعات في بغداد، علماً أن بيدرسون التقى بعد زيارته سوريا وفد بعثة الاتحاد الأوروبي الى سوريا للبحث معها في تطورات الملف السوري، وقالت البعثة الأوروبية في بيانٍ لها إنها تدعمُ جهود بيدرسن للمضي قُدماً في كل جوانب الحل السياسي بما يتماشى مع القرار الأممي 2254 بما في ذلك استئناف عمل اللجنة الدستورية.
مؤشرات بطيئة باتجاه تقدّم للحل السياسي
ثمة مؤشرات الى رغبة الدول العربية في إحراز تقدّم ولو بطيء في الحل السياسي في سوريا، وتبقى هذه المؤشرات تحت سقف الحذر الشديد إذ ما من جهةٍ تأمل في إحداث خرقٍ ما في جدار الملف السياسي والنظام يعلم علم اليقين أن أي تحريك للحلّ السياسي هو في الواقع اقتراب خطوة إضافية باتجاه نهايته لأن العملية السياسية لا بدّ أن تقصيه في نهاية المطاف عن حكم سوريا لا سيما وأن الأوضاع زادت تفاقماً بين سوريا والدول العربية منذ الاجتماع الأول للجنة الاتصال في القاهرة العام الفائت.
الملف السوري في عهدة الأوروبيين بدل الأميركيين
الموقف الأميركي من جهته لا يزال بعيداً من الملف السوري كاهتمام أولي، وقد أشرنا في مقالات سابقة الى أن الملف السوري أودِع الأوروبيين بالنيابة عن الأميركيين في هذه الفترة نظراً لانهماك الإدارة الأميركية والرئيس جو بايدن بملفات أخرى ليس أقلها ملف غزّة ونظراً للتفرّغ للمعركة الانتخابية الرئاسية، وبالتالي فإن الأوروبيين مع موفد الأمم المتحدة الى سوريا هم الذين يمسكون موقتاً بهذا الملف، وبالتالي واشنطن لا تضع سوريا في مرماها حالياً ولا هي مهتمة بالملف السوري بصورة أساسية.
نظرة العرب الى المعارضة السورية غير جدّية
نظام الأسد يبحث عن مكافأة لأنه لم يفتح جبهة الجولان ضد إسرائيل منذ 7 تشرين الأول الماضي وانطلاق عملية “طوفان الأقصى”، ولعل العرب قابلين بمنحه بعضاً من تلك المكافأة بشرط تعهّده بوقف تهريب الكابتاغون والسلاح والإرهاب الى الدول العربية المجاورة، لكن المشكلة تبقى في أن العرب لا ينظرون بجدّية الى المعارضة السورية ولا يتفاءلون بإمكانية تشكيل فريق عمل جدّي وبرنامج وطني جامع للسوريين من خلال المعارضات الموجودة حالياً على سبيل المثال والمتناحرة والمتنافرة بما لا يوصِل بديلاً جدياً عن بشار الأسد ونظامه، ويُلزم بالتالي العرب التعاطي مع هذا النظام لكونه يملك الحدّ الأدنى من المشروعية والقدرة والسلطة.
ثمة اذاً محاولة تحريك للملف السياسي في سوريا إلا أن الحذر والتشكيك سيّدا الموقف خصوصاً أن التجارب السابقة طُبعت بخيبات أمل لا أحد يبدو مستعدّاً لنسيانها رغم الديبلوماسية واللياقات واللباقات في المواقف.