يدركون العالمون بخفايا كواليس السياسة في لبنان أن استخدام عبارة “ترشيد الدعم ” في تصريحات المسؤولين ما هي إلا عبارة مخفّفة لأخرى سيكون وقع صداها كصاعقة على رؤوس اللبنانيين الغارقين في أزمات لا تُعد ولا تحصى.
فترشيد الدعم يعني ببساطة، ومن دون فذلكة إقتصادية، رفع الدعم التدريجي عن المواد الأساسية ومنها المحروقات والدواء والقمح، مع ما سيستتبع ذلك من ارتفاع جنوني لأسعار المواد المرتبطة برفع الدعم والتي تحلّق حتى اللحظة “على علو منخفض” بانتظار الأعظم.
لا أحد يريد أن “يحملها لوحده” خوفاً من ردة الفعل الشعبية، فاعتماد سياسة التخفيض التدريجي للدعم يبقى أهون الشرّين في الوقت الذي يطلب فيه مصرف لبنان، وبإلحاح، وضع خطط إنقاذ ولو مرحلية تتماهى مع مقتضيات سياسته المعتمدة حتى الآن والتي تقضي بالحفاظ على ما تبقى من الإحتياطي، وفي ظل خروقات تتمثل بإعتمادات استثنائية يلجأ اليها المسؤولون، “غير المسؤولين” تحت وطأة العتمة حيناً واحتمال انفجار الشارع حيناً آخر.