تستعد الساحة السياسية لاستحقاقٍ مصيري يتصل بالحقوق البحرية النفطية، ويتمثّل بإعادة تحريك الوساطة الأميركية في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وذلك وسط أجواء من التخبّط والفوضى والأزمات والإضرابات كما السجالات والإنقسامات على أنواعها حول الملفات الدخلية وفي أكثر من مجال، حيث أن وصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، إلى بيروت، يأتي على وقع التباعد وشبه القطيعة بين الرئاستين الاولى والثانية على خلفية الخلاف الناشىء بينهما حول الصلاحيالت في ملف تأليف الحكومة، وبالتالي فإن أي طرح أو جواب، قد يحمله الوسيط الأميركي في جعبته، سيواجه سلطةً مشرذمة وانقساماً غير مسبوق على امتداد الساحة الداخلية، فيما حكومة تصريف الأعمال تعجز عن تسوية ومعالجة أزمة إضراب موظفي القطاع العام والتوصل إلى إنهاء الاضراب العام الذي يدخل يوم الإثنين المقبل أسبوعه السابع. وبالتالي فإن تداعيات هذاه اللوحة المضطربة سياسياً، ستحضر على طاولة الإجتماعات مع هوكشتاين، وفق ما تكشف أوساط سياسية مطلعة وستشكّل عاملاً إضافياً في زيادة التعقيدات المرافقة للوساطة الأميركية من جهة، ولملف ترسيم الحدود البحرية من جهة أخرى. وتوضح الأوساط أن كلّ السيناريوهات ذات الطابع الدراماتيكي في هذا الإطار، تبدو بعيدةً عن المعطيات التي تملكها المرجعيات المعنية بهذا الملف، والتي تحذر من من المواقف الإسرائيلية الأخيرة والتي تعتمد الترغيب والترهيب في آن واحد، وهو ما يناقض كل التسريبات حول حصول تطور يسمح بالحديث عن تقدم في مسار إنجاز الغتفاق في المدى المنظور.
وفي سياق متصل، تكشف الأوساط عن عدم توافر أي معطيات أو عناصر جدية، تكرّس الإنطباعات باقتراب الحلول، مشيرةً إلى أن مقاربة الترسيم لم تكن يوماً على مستوى هذا الملف الذي يتطلب تضامناً واسعاً على كل المستويات السياسية والشعبية، وبالتالي فإن مقاربته من خلال المزايدات والحملات السياسية المتبادلة بين المعنيين، ساهمت وربما تساهم في المستقبل، في ضياع الفرصة للحلّ أو للإفادة من ثروة لبنان في النفط والغاز. ومن شأن هذا الواقع أن يدفع نحو التعاطي بعشوائية وربما بعدم جدية مع زيارة هوكشتاين ومع الإقتراحات التي سيحملها، خصوصاً وأن الأوساط نفسها، لا تتوقع أن تكون في جعبة الوسيط الأميركي اكثر من أفكار ومقترحات للحلّ وليس الحلّ النهائي. واللافت على هذا الصعيد ، وفق ما تضيف الأوساط السياسية المطلعة، أن تعزز صيغة الحل أو الأفكار الأميركية، واقع الإنقسام السياسي في البلاد، وبالتالي أن تنتقل الخلافات إلى الداخل ليصبح الترسيم عنواناً خلافياً جديداً، ويؤدي هذا الأمر إلى ارتفاع أجواء التوتر والتصعيد ولكن من دون أي جدوى من الناحية العملية وذلك بصرف النظر عن وصول ملف الترسيم الى نقطة مفصلية والتي تستلزم موقفاً موحداً من أجل تحقيق المصلحة الوطنية العليا، ومصلحة كل اللبنانيين.